"الأزهر": لقاء "حوار السلام" امتداد لـ"وثيقة الأخوة الإنسانية"
الدكتور يوسف عامر
قال الدكتور يوسف عامر، نائب رئيس جامعة الأزهر، إن "لقاء حوار السلام والطمأنينة.. سفراء الأزهر والرهبنة الفرنسسكانية"، الذي تنظمه المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، الآن، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، يأتي امتدادًا لـ"وثيقة الأخوةِ الإنسانية" التي وقعها الإمامِ الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخِ الأزهر، والبابا فرانسيس.
وأضاف "عامر"، خلال كلمته باللقاء، أن علاقةُ الإسلام بالآخر أن تقومَ على أساسٍ سليمٍ، وقد حرص الإسلامُ منذ بعثةِ النبيِّ محمد علي ترسيخ كثيرٍ من المبادئ التي تسمحُ بإعمار الأرض على أساسٍ من التكاملِ والتعاونِ والتسامحِ مع جميعِ البشر، ومن هذه المبادئ:
أولًا: مبدأُ الحرصِ على مكارم الأخلاق: فقد جاء الإسلامُ لنشر القيمِ الصحيحة، وقال النبي: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» وهذه المكارمُ لا يرادُ بها أن تكونَ بين المسلمين فقط، وإنما للناس كافة، يقول رسول الله: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، رواه أبو داود والترمذي. والرحمةُ هنا جاءت عامةً أي ليست مقصورةً على بني آدم فقط بل تشملُ الحيوان والنبات والجماد.
وتابع: "من مكارم الأخلاق التي يحث عليها الإسلامُ في التعامل مع الناس جميعًا، عدمُ الظلمِ: فقد حرم اللهُ الظلمَ بين العبادِ حتى مع من يظلمُ، قال اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}[المائدة:8]، وذلك ضَمانًا لحياةٍ كريمةٍ لجميعِ البَشَرِ في الشَّرْقِ والغَرْبِ بعيدًا عن سياسةِ الكَيْلِ بمِكيالَيْن.
وكذلك عدمُ الاعتداءِ على الآخر: حيث أمرنا اللهُ، عز وجل، بالبر مع أهلِ الكتابِ، والبِرُّ أعلى درجاتِ الإحسان، فقال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ (المائدة: 32)، ويقول سبحانه:{لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين}[الممتحنة:8]، ويقول تعالى: (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190)، ويقول رسول الله إن "المؤمنَ مَنْ أَمِنَهُ الناسُ على دمائِهم وأموالِهم".
واستطرد: "ثانيًا مبدأُ الزواجِ: ذلك الرباطُ المقدسُ الذي يكون بين الرجل والمرأة من زواجٍ صحيحٍ يتبعهُ إنجابُ الأبناءِ واستخلافِ ذريةٍ تَعْمُرُ الأرضَ... ما كان الإسلام لِيُقِرَّ هذه العلاقةُ لو أن هناك صراعًا بين الطرفين بحيث يُقْصي كلٌّ منهما الآخر أو يحاولُ القضاءَ عليه؛ لأن علاقةَ الزواجِ هذه من أسمى العلاقاتِ الإنسانية بين البشر، فهي مبنيةٌ على الحب، فالحبُّ هو الوسيلةُ الوحيدةُ التي تسمحُ للجميع بالتعايش.
وثالثًا مبدأُ عدمِ التمييز: جاء الإسلامُ بعدم التمييز بين جنسٍ وآخر أو لونٍ ولون، وكان من وصايا النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في حِجَّةِ الوداع: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِي عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى،..»، رابعًا مبدأُ: التعايشِ: دينُ اللهِ واحدٌ: وما كان لشخصٍ أن يفرقَ بين دينٍ ودين: قال اللهُ تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى:13]".
وأردف: "خامس المباديء هو حريةٍ الاعتقاد: لم يُجْبرْ الإسلامُ غيرَ المسلمين على اعتناقِ الدينِ الإسلامي، فقال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}[البقرة:265]، وقال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين}[الكافرون:6]".
وأشار نائب رئيس الجامعة كلمته، إلى أن الَنوايا الحسنةَ متوفرةٌ من أجلِ سلامٍ يَعمُّ العالمَ، ولن يتمَّ هذا السلامُ إلا بالسعي من أجل تحقيقِ ما تصبو إليه هذه النوايا من خيرٍ لصالح الإنسانية، وذلك من خلال التوحدِ والعملِ المشترك، القائم على الاحترامِ المتبادلِ، و"كما تَعلمونَ أنَّ السلامَ يتحققُ بالعمل كأسرةٍ واحدةٍ من أجلِ توريثِ أبنائِنا إرثًا غيرَ إرثِ السابقين خاليًا من العداوة والبغضاء، فتعالوا لنعملَ معًا من أجل استخلافِ أبناءٍ صالحين، فتعالوا نُصلِحُ ما أفسدته الحروبُ وما خلّفتهُ في نفوسِ".