بروفايل| نانسي بيلوسي.. المرأة العنيدة في هرم السلطة الأمريكية
نانسي بيلوسي - أرشيفية
كانت موضع تشكيك من قبل الكثيرين حتى وقت قريب، بمن فيهم الديمقراطيين أنفسهم، لدرجة أن خصمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصف انتخابها رئيسا لمجلس النواب بأنه انجاز كبير، وأنهما سيعملان معا في العديد من القضايا، ظنا منه أنه يستطيع استمالتها إلى جانبه، وربما تطويعها، لكن الأيام أثبتت خطأ ظنونه.
نانسي بيلوسي، أول امرأة في التاريخ الأمريكي تتولى منصب رئيس مجلس النواب، بين 2007 و2010، ومع تسلمها لمهام المنصب للمرة الثانية في 3 يناير 2019 من رئيس المجلس المنتهية ولايته بول راين، باتت "بيلوسي" الشخصية الثالثة في هرم السلطة في أمريكا بعد الرئيس ترامب ونائبه مايك بنس.
تمثل بيلوسي نموذجا للمرأة العنيدة الحديدية، التي لا تغير مواقفها أو تساوم عليها، إلا طبقا للقواعد التي تفرضها على خصمها، وهذا ما جعل الرئيس الأمريكي يتراجع عن مدحه لها، ويصفها بأنها "عنيدة للغاية، وسيئة بالنسبة للولايات المتحدة"، متهما إياها بأنها "لا تعارض الإتجار بالبشر"، وذلك بعد أن عارضته في عدة قضايا منها قرار الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية مع روسيا، واتهمته بالمخاطرة بحدوث سباق تسلح، ودعت للعمل مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" خلال فترة تهدئة مدتها 6 أشهر في محاولة لإنقاذ المعاهدة.
كما عارضت "بيلوسي" قرار الانسحاب من سوريا واعتبرته "هدية عيد الميلاد" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولم يكن ذلك غريبا عليها وهي معروفة بالعناد والثبات على الموقف، وربما يعود ذلك لأصولها الإيطالية أو مذهبها الكاثوليكي، وحتى ابنتها ألكسندرا قالت: "لم يسبق لأحد أن انتصر عندما راهن على مواجهة نانسي بيلوسي، باستطاعتها أن تنزع رأسك دون أن تشعرَ أنك تنزف".
وتعد "بيلوسي" من أكثر السياسيين حنكة من أبناء جيلها، وقادت قانون الرعاية الصحية الذي طرحه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في المجلس وصولا إلى تمريره التاريخي الشائك في 2010.
واجهت "بيلوسي" "ترامب" في معركة تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، وأصرت على أنها لن تدخل أو أي أحد من الديمقراطيين بأي نوع من المفاوضات حول هذه القضية رغم ما كان سيترتب على ذلك من إغلاق للحكومة، والذي استمر 35 يوما، بعدها خرجت منتصرة، بعد توقيع "ترامب" لاتفاق الفتح المؤقت لمكاتب الحكومة، وقدمت درسا في الديمقراطية عندما تغير السلطة التشريعية، قرارات تضر بمصلحة البلاد صادرة عن السلطة التنفيذية.
وحاول فريق "ترامب" السياسي قلب الرأي العام على بيلوسي من خلال تصويرها كزعيمة الليبراليين المتطرفين، الذين يتعاملون بلين مع أزمة المهاجرين، ويغضون النظر عن الإنجازات التي حققها الرئيس الأمريكي حتى الآن بهدف القضاء عليه والتخلص منه، لكنهم فشلوا ولم يصدق المواطن الأمريكي حديث المؤامرات والدعاية التي يطلقها الجمهوريون.
أثر الإغلاق الذي أصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، على 800 ألف موظف فيدرالي بعضهم يعمل دون أجر، والبعض الآخر أُجبر على الدخول في إجازة، ما تسبب في تعرض الخدمات الحيوية، مثل أمن المطارات والمساعدات الغذائية للفقراء، لضغط متزايد، ما جعل غالبية الأمريكيين يلومون "ترامب" وأظهر الاستطلاع الذي أجرته كل من "إيه بي سي نيوز" و"واشنطن بوست" أن 53% من المستطلعين يرون أن ترامب والجمهوريين في الكونجرس يتحملون المسؤولية عن الإغلاق، فيما يلقي 29% فقط باللوم على الديمقراطيين، وقال 13% من المشاركين إن اللوم مشترك.