مروان حامد: إيرادات «تراب الماس» فى «موسم الأضحى» خارج التوقعات.. وأحمد مراد كتب السيناريو ١٤ مرة
المخرج مروان حامد
خمسة أعمال فقط قدمها المخرج مروان حامد، خلال 12 سنة فى السينما المصرية، كانت كفيلة بأن تضع اسمه فى مصاف المخرجين الكبار الذين يملكون مشروعاً فنياً، ولا يتنازلون أمام مغريات السوق السينمائية أو الضغوط التى تتعرض لها الصناعة على مدار السنوات الأخيرة. مروان حامد طُرح له مؤخراً فيلم «تراب الماس»، وحقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً لافتاً، اعتبره القائمون على الصناعة استثنائياً وغير متوقع، حيث خاض منافسة شرسة مع أفلام مصنفة جماهيرية تنتمى لنوعية الكوميديا والأكشن، واستطاع أن يحقق إيرادات عالية جعلته يحتل المركز الثانى فى سباق الإيرادات. فى حواره لـ«الوطن» يتحدث مروان عن تفاصيل التجربة وملامحها، وعن مشاريعه المقبلة، وكذلك تكريمه فى لوس أنجلوس فى نوفمبر مع الكاتب الكبير وحيد حامد.
فى البداية.. كيف جاء قرار طرح الفيلم فى سباق عيد الأضحى؟ وهل كنت تتوقع هذه النتيجة؟
- قرار طرح الفيلم قبل عيد الأضحى بنحو أسبوع كان للمنتج زين الكردى، وأعتبره قراراً موفقاً جداً، فالنتيجة أثبتت صدق توقعه، وربما لو تم طرحه فى أيام العيد لما حقق هذه الإيرادات، وعامة أنا دائماً مؤمن بأن صناعة السينما بها نسبة كبيرة من المجازفة فى كل تفاصيلها، وهذا جعلنى لا أملك أى توقعات قبل طرح الفيلم، فمن الصعب التنبؤ بكيفية استقبال الجمهور لأى عمل مهما كان.
السينما صناعة قائمة على المجازفة فى الأساس.. ومن المستحيل التنبؤ بكيفية استقبال الجمهور لأى عمل
وكيف رأيت تحقيقه لتلك الإيرادات وصموده فى شباك التذاكر بعد العيد؟
- مواسم الأعياد تُعد استثنائية، لأن إيرادات الأفلام تتضاعف فيها، بسبب زيادة الإقبال، وجمهور العيد تحديداً له ذوق خاص، لكن هذا العام هناك مؤشرات مختلفة يجب التوقف عندها، منها أن يحقق فيلم مثل «The meg» إيرادات 16 مليون جنيه، على عكس المعتاد فى أيام العيد من ألا تحقق الأفلام الأجنبية إيرادات تُذكر، وهذا يجعلنا ندرك أن التنوع فى الأفلام المطروحة يقابله تنوع فى أذواق الجمهور، وفى النهاية الفيلم المصنوع بشكل جيد، وبإخلاص، يجد التقدير والاهتمام من الجمهور بدون شك، والموسم الحالى كان به أفلام متنوعة كثيرة، مثل «البدلة» على سبيل المثال، مصنوع بشكل جيد جداً وحقق أرقاماً كبيرة فى الإيرادات.
مشروع «تراب الماس» مؤجل منذ عدة سنوات.. كيف جاءت فكرة إحيائه؟
- رواية «تراب الماس» حققت نجاحاً كبيراً، ولها جمهور من القراء من مختلف الأعمار، وحققت انتشاراً واسعاً، وهى بالنسبة لى من ضمن الروايات التى رأيت ضرورة تحويلها إلى فيلم، وبالفعل بدأنا فى العمل عليه منذ فترة، وكتب أحمد مراد السيناريو 14 مرة، واستغرق التحضير نحو سنة، وكانت الصعوبة لدينا فى أماكن التصوير، بسبب تنوعها بين الأزمنة، وكانت عملية التصوير شاقة جداً، وصورنا الفيلم فى 6 أسابيع فقط، وهذا لن يحدث إن لم يكن هناك تحضيرات بشكل جيد، وكذلك الرغبة فى الانتهاء قبل بدء موسم المسلسلات بسبب تعاون عدد كبير من أبطال الفيلم فى الموسم الدرامى الأخير، إذ إنه كان من الصعب على الممثل المشاركة فى عملين فنيين فى نفس الوقت، فكنا حريصين على الانتهاء فى وقت مبكر مع الحفاظ على الحالة المزاجية بين فريق العمل.
هل كنت قلقاً ألا يتساوى قدر نجاح الفيلم مع الرواية؟
- لا توجد مقاييس لتوقع نجاح الفيلم، لكن هناك مؤشرات، فالقصة جذابة تم اختبار نجاحها مع المتلقى من قبل، وشريحة كبيرة من الجمهور أعرب عن إعجابه بالرواية، لذلك كانت لدىّ اعتقادات بأن جمهور السينما سيحبها، كما أننى أصنع الفيلم لفئات الجمهور كافة، سواء من قرأ الرواية أو غير ذلك، كما أنه فى حال التعامل مع النص وتنفيذه بشكل جيد، ستكون هناك فرصة إيجابية، لذلك قررنا خوض تجربة تحويل الرواية إلى فيلم سينمائى، دون أن نعقد مقارنة مع نجاح الرواية، وقد استغرق الفيلم عاماً تقريباً فى التحضيرات، حيث إن الصعوبة كانت تكمن فى مواقع التصوير، بداية من اختيار الأماكن التى تتناسب مع الأزمنة التى تدور فيها الأحداث، وكذلك الملابس التاريخية، لذلك عملية التصوير كانت شاقة جداً، كما أن صناعة الأجندة استغرقت نحو أسبوع، وتطلبت جهوداً كبيرة.
ألم تراودك فكرة الاستعانة بكاتب آخر للسيناريو بدلاً من كاتب النص الروائى؟
- أنا ضد أى نوع من أنواع القواعد، مثل ألا يكتب الروائى السيناريو أو العكس، والدليل أن فيلماً مثل «الأب الروحى» وهو من أهم أعمال السينما العالمية كتب السيناريو له مؤلف النص الأدبى، بجانب أن أحمد مراد مُدرك بشكل تام للفروق بين السيناريو والرواية، ولجمهور كل منهما أيضاً، ولديه قدرة على التحرر من التمسك بالنص الأصلى للرواية، والدليل على ذلك أنه أجرى تعديلات على سيناريو «تراب الماس» أكثر من 14 مرة.. فأنا أقوم بدورى كمخرج، وبشكل عام مخرج العمل يكون له بعض الآراء فى السيناريو.
العنصر التمثيلى فى «تراب الماس» كان مميزاً إلى حد كبير.. كيف تمت عملية الاختيار؟
- بطبيعة الحال، لا أختار الممثل وفقاً لدور جسّده من قبل، الاختيار يتم بناء على قدراته التى أتصور أنه يمتلكها، كما أحاول بقدر الإمكان التعاون مع فنان لم يجسد دوراً شبيهاً بدوره فى العمل من قبل، حتى أستفز طاقاته وقدراته، ولدىّ قناعة أن آسر ياسين شارك فى أدوار صعبة، منها «زى النهارده» و«رسايل البحر» و«الجزيرة»، وهى منهم أدوار مختلفة، لذلك كنت على اقتناع أنه سيبذل مجهوداً كبيراً لصالح شخصية «طه» فى الفيلم، فهى بها جانب بدنى صعب جداً، مثل التدريب على الدرامز والإصابة بالصرع وتطورها مع الأحداث، كما أنه لا يبالغ فى التمثيل، أما ماجد الكدوانى فهو فنان كبير، ويستطيع التحوّل من شخصية إلى أخرى، وتجربتى معه فى «الأصليين» أتاحت لى التعرف على موهبته الضخمة، ومنة شلبى عنصر نسائى رئيسى فى فيلم به العديد من الصراعات بين الرجال وبعضهم البعض، فهذا الدور يناسبها، حيث إنها تستطيع تجسيد كل اللحظات المؤثرة على الشاشة، وبالتأكيد كل الفنانين بذلوا جهداً كبيراً، وأعتقد أن الجمهور قد استشعر ذلك.
هل كانت هناك مخاوف لدى عادل كرم من تجسيد دور الشاذ؟
- لم يتردد على الإطلاق، فهو ممثل كبير، وأتوقع أنه يكون له شأن كبير فى السينما المصرية، لأنه يستطيع تجسيد أى دور، واختيارى لـ«كرم» على وجه التحديد يرجع إلى طبيعة الشخصية، فالدور يحتاج إلى شخص شديد الوسامة ويبدو عليه العنف فى نفس الوقت، فنحن أمام رجل شديد القسوة، رجل أعمال وشاذ، ويسعى إلى إخفاء الجانب المظلم فى حياته.
وبالنسبة لعزت العلايلى وأحمد كمال؟
- بالطبع الأستاذ عزت ممثل كبير جداً، والشخصية كانت فى حاجة إلى فنان مثله، ورغم تجسيده لمشهدين فقط، إلا أنهما يمثلان تحوّلاً كبيراً جداً، فهو لديه «طلّة» والتعامل معه كان بسيطاً، وإقناعه بالدور كان سهلاً للغاية، وتشرفت بالتعاون معه فى الفيلم، أما أحمد كمال فقد تعامل مع التحضير بمستوى آخر، فقد طلب «كرسى متحرك» فور قراءة السيناريو ورأى أن يصطحبه للبيت حتى يعتاد عليه، وعقدنا جلسات عمل جمعته مع آسر ياسين، وبشكل عام أنا على اقتناع بأن الجهد المبذول فى التحضيرات يظهر على الشاشة، لذلك كل الفنانين استعدوا للدور قبل التصوير بشهرين تقريباً، وكنت أعقد جلسات عمل مع كل ممثل على حدة، وجلسات أخرى مع فريق العمل.
هل كانت الخلافات وراء انسحاب خالد الصاوى ومحمود حميدة؟
- لم تحدث أى خلافات على الإطلاق، خالد الصاوى صديق عزيز، لكن حدث تضارب فى مواعيد التصوير، والأمر ذاته مع الأستاذ محمود حميدة.
ما أصعب مشاهد الفيلم والتى تطلبت جزءاً كبيراً من التحضير؟
- مشهد خروج الأب وابنه من المنزل وهما فى طريقهما لمنزل «محروس برجاس»، حيث كانت عملية البحث تدور حول إيجاد منزل «حسين الزهار» ويطل على قصر «برجاس»، فالمنزل كان موجوداً بينما القصر تمت معالجته بالجرافيك، حيث تم تصوير هذا المشهد بين ثلاثة أماكن، وكان التحدى أمامنا عدم ظهور الجرافيك على الشاشة، وكذلك المحافظة على الراكور فى المشاهد، بالإضافة إلى مشهد الاغتصاب، كان صعباً وقاسياً جداً، وتطلب مجهوداً من «منة» بشكل كبير، وكنت حريصاً على عدم خروج المشهد فى شكل جنسى صريح، وعقدت جلسات مع أطباء علم نفس، أكدوا أن الاغتصاب هو كسر الإرادة، وهو ما حافظت عليه منة فى أدائها، وكذلك مشهد اكتشاف طه لوفاة والده، كان صعباً جداً، وتحدثت مع آسر قبيل التصوير، بهدف ظهور المشهد بشكل مؤثر بعيداً عن التكرار فى الأفلام.
كيف تعاملت مع انتقادات الناصريين لبعض أحداث الفيلم؟
- «تراب الماس» هو عبارة عن سرد أحداث كثيرة شهدتها مصر فى عهد جمال عبدالناصر وغيره، كما هناك مساحات داخل الفيلم بها حب شديد لعبدالناصر، نحن ذكرنا الأحداث فقط، ولم نتعمد تشويه صورة «عبدالناصر»، وأعتقد أن جزءاً كبيراً من الفيلم يدعمه، وبشكل عام منذ بدايتى فى الإخراج من خلال «عمارة يعقوبيان» عام 2006، وأنا على إدراك كامل بأن الجمهور يختلف حول الأفلام، فلا توجد لدىّ أى مشكلة.
ما هى المشاهد التى ترى أنها كانت مفاجأة لك كمخرج فى «تراب الماس»؟
- مشهد اكتشاف آسر لوفاة والده، وكذلك مشهد الصرع، فقد كان عبارة عن «shot» واحد دون تقطيع وكان مؤثراً جداً، ومشهد منة شلبى وهى تحتضن آسر وتعبيرات وجهها، وأيضاً مشهد ماجد الكدوانى عندما اقتحم منزل آسر، فريق العمل تفاجأ بأدائه وقتها، وأحمد كمال عندما كان يضرب نفسه فى المكتب، بالطبع هناك مشاهد كثيرة جداً ظهرت على أداء عالٍ.
تتعاون مع فريق عمل ثابت فى عناصر صناعة الفيلم على مدار الثلاثة أعمال الأخيرة.. ما سبب ذلك؟
- هذا ليس بدعة، فهناك مخرجون يتعاونون مع مديرى تصوير ثابتين، فطبيعة المهنة قد تفرض ذلك، فنحن نتعاون مع فريق عمل متجانس ولديه رؤى واحدة، والتجانس وجوده ليس بالأمر السهل، لذلك نحاول الاستفادة منه بقدر الإمكان، دون الوقوع فى التكرار، فلدينا وعى كافٍ كى نعمل لخدمة النص.
ماذا عن مرحلة مونتاج الفيلم؟
- مرحلة المونتاج استغرقت نحو 5 أشهر، منذ فبراير وحتى يوليو الماضى، بسبب التحديات والأزمنة المختلفة والمشاعر الإنسانية الموجودة فى الفيلم، وأعتقد أن أحمد حافظ أدى المونتاج بشكل جيد، كما أن شركة «أروما» قدّمت جهوداً كبيرة فى الفيلم، واستطاعت مواجهة بعض المشكلات من خلال طرح الحلول.
ما مشروعاتك المقبلة؟.. وما مصير «الرجل المستحيل» و«إبراهيم الأبيض2»؟
- هناك بالفعل مشروع لـ«رجل المستحيل» لكن لم يتحدد توقيته بعد، وقد تحمست لهذا المشروع بشكلٍ كبير، لأنه به صفات فيلم أكشن، وأعتقد أن الجمهور يحب مشاهدة أعمال بهذه الضخامة، أما عن الجزء الثانى من فيلم «إبراهيم الأبيض» فالفنان عباس أبوالحسن، مؤلف الفيلم، لديه رغبة فى تقديمه منذ وقت طويل، ولديه مخزون معين لكتابة هذا الجزء، لكن لم يتم الاستقرار على أى شىء حتى الآن.
ما موقفك من الدراما التليفزيونية خلال الفترة المقبلة؟
- مؤخراً، الدراما حققت طفرة كبيرة، وهناك مخرجون استطاعوا تحقيق إنجازات فيها، فالدراما تغيرت كثيراً عن الماضى، والأعمال حالياً أصبحت مؤثرة وضخمة، لكن طريقة العمل باتت أصعب، بداية من مرحلة التحضيرات وضغط الوقت وانخفاض حجم الميزانيات، فنمط العمل صعب جداً، وأنا لا أستطيع العمل فى هذه البيئة، وأعتقد أن الدراما التليفزيونية فى المستقبل القريب لن تقتصر على مسلسلات 30 حلقة فقط، بينما تُعرض أعمال مكوّنة من 90 حلقة، وحققت نجاحاً كبيراً، كما أن هناك مشاورات لصناعة مسلسلات مكوّنة من 10 و15 حلقة، وذلك بجانب المنصات الإلكترونية التى أسهمت فى إحداث تغييرات فى الصناعة.