صناعة الملابس الجاهزة.. «البراند المحلى» يواجه عقدة الخواجة!
صناعة الملابس الجاهزة
«بكل فخر صنع فى مصر» هكذا تمثلت محاولات الدولة المستميتة فى دفع عجلة الإنتاج المحلى واستبدال كثير من السلع المستوردة بمثيلتها المحلية، كما قدمت المبادرة التابعة لمركز تحديث الصناعة بوزارة التجارة والصناعة العديد من المزايا للشركات الحاصلة على العلامة، بالإضافة إلـى إتاحة مساحة إعلانية لكل شركة فى الحملة الترويجية التى تتبناها الوزارة بالتنسيق مع البنك الأهلى المصرى، إلا أنه ما زالت عقدة الخواجة لدى المصريين تنحى جانباً السلع المحلية عند مقارنتها بمثيلتها الأجنبية، حيث يعتقد البعض أن المنتج المحلى أقل جودة، وذلك يصب فى جانب عجز الميزان التجارى الذى بلغ 28 مليار دولار فى أول 9 شهور من العام المالى 2017/2018، ويلتهم جزءاً كبيراً من متحصلات الدولة من العملة الأجنبية.
وفيما يخص صناعة الملابس الجاهزة فى مصر فهى تُعد من أكثر الصناعات تميزاً فى مصر والشرق الأوسط، وتتمتع بسمعة طيبة داخل عدد كبير من الأسواق العالمية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وعلى الرغم من هذا التميز، فما زالت ميول المصريين تفضل الملابس المستوردة، على اعتقاد أنها ذات جودة أعلى وتستحق أن يُدفع فيها سعر أعلى أيضاً، بما يضر بتنافسية المنتج المحلى فى السوق المصرية، وانعكس هذا التوجه على حجم واردات السوق المصرية من الملابس الجاهزة التى تتخطى 600 مليون دولار سنوياً، وفى المقابل نجحت الشركات المصرية فى تصدير ملابس جاهزة للعالم الخارجى بقيمة 534.8 مليون دولار بنهاية الربع الثالث من 2017/2018، ذهب 80% منها للسوق الأمريكية بموجب بروتوكول الكويز.
استطلاع: 87% من الشباب يفضلون «المستورد» بسبب التصميم والجودة.. و13%: لدينا علامات مصرية تضاهى «العالمية»
وأجرى «الوطن الاقتصادى» استطلاعاً محدوداً لقياس تفضيلات المستهلكين من فئة الشباب، بشأن الملابس المستوردة أو المحلية، حيث كشف الاستطلاع أن 87% من عينة الاستطلاع يفضلون الملابس المستوردة، بينما يفضل 13% فقط الملابس المحلية.
ارتبطت تفضيلات المستهلكين للمنتج المستورد بعدد من العوامل، أهمها ارتفاع مستوى الجودة، والتصميمات المتجددة، التى تتناسب مع الذوق العالمى، على حد تعبير أعضاء العينة، بينما ارتبطت تفضيلات المستهلكين للملابس المحلية بارتفاع مستوى الجودة نتيجة الخامات الجيدة المستخدمة فى التصنيع، ووجود العديد من العلامات التجارية المصرية المتميزة فى هذا المجال، التى لا تقل من حيث الجودة والتصميم عن العلامات التجارية العالمية.
من جانبه قال هانى جويدة، رئيس مجلس إدارة مجموعة «Town team» للملابس الجاهزة، إن هناك العديد من المنتجات المحلية التى يثق فيها المصريون فى ظل توافر منتج وجودة وخدمة جيدة للعملاء، مضيفاً أن شركته تأسست فى عام 1998 على يد شباب مصريين وكانت بدايتها تجارة جملة تقوم باستيراد البضائع من الخارج ويقومون ببيعها لتجار التجزئة، وأشار «جويدة» إلى أنه فى عام 2007 قامت الشركة بتحويل استراتيجيتها بإنشاء منتج مماثل للمنتج العالمى والوصول إلى أكبر عدد من الفروع فى مصر بالرغم من اعتمادهم على الاستيراد بشكل كبير فى المرحلة الأولى، إلا أنه فى الـ4 سنوات الأخيرة قاموا بوضع خطة بأن يكون إنتاجهم 100% منتجاً محلياً، وعدم الاعتماد على الاستيراد نهائياً، وأشار إلى أن توجه الدولة بتقليل الاستيراد ووضع قيود على الواردات ساعد المنتج المصرى بوجه عام، والملابس على وجه الخصوص، بأن ينهض صناعياً، مؤكداً أن شركته أنشأت مصنعاً خاصاً بها فى مدينة طنطا، وحالياً تؤسس مصنعاً آخر فى مدينة السادات على مساحة أكبر، وأوضح أن المشكلة الأكبر التى تعوق صناعة الملابس فى مصر، هى عدم توافر العمالة المدربة، فى ظل توافر المواد الخام، وعوامل الإنتاج الأخرى، إلى جانب حجم السوق الكبير.
رئيس «كايرو قطن»: نصنع فى مصر منتجات لصالح أكبر العلامات التجارية فى العالم.. وإطلاق «ماركة مصرية» جديدة قريباً
وقال الدكتور أسامة سكجها، رئيس مجلس إدارة مجموعة جولدن مان هاوس للملابس الجاهزة، إن صناعة الملابس الجاهزة تعد من أكبر الصناعات المربحة، التى كانت تمتلك مزايا تنافسية عديدة، وأضاف «كان ذلك أحد الدوافع الرئيسية عام ١٩٨٧ عندما قررت افتتاح أول فرع لمجموعة جولدن مان هاوس ليتخطى عدد فروع الشركة الآن ١٢ فرعاً فى مختلف أنحاء مصر، ونجهز حالياً لافتتاح ٣ مصانع كاملة خاصة بالعلامة التجارية جولدن مان هاوس»، وأكد أن السوق العالمية ترحب بالملابس المنتجة فى مصر، خاصة السوق الأوروبية، التى تتسم بطلب عال على منتجات شركته.
من جانبه قال مجدى طلبة، رئيس مجلس إدارة شركة كايرو قطن سنتر، إنه على الرغم من مزايا السوق المصرية من زيادة العرض من الأيدى العاملة وانخفاض معدلات الأجور فى مصر مقارنة بباقى الدول، بالإضافة إلى امتلاك الأراضى الخصبة المؤهلة لزراعة القطن طويل التيلة والموجود فى العالم بنسبة ٣٪ مقارنة بالقطن قصير التيلة المنتشر عالمياً بنسبة ٩٧٪، فإن ثقافة الأفراد فى تفضيل المنتج المستورد تعوق التوسع فى صناعة الملابس، ودعا الفئات المختلفة من المستهلكين لإعادة النظر للمنتجات المصرية، القادرة على منافسة أى علامة تجارية فى العالم، وأوضح أن الشركات العالمية الكبرى تثق فى مستوى كفاءة إنتاج السوق المصرية، بدليل أن شركته متعاقدة مع أكبر العلامات التجارية فى صناعة الملابس حول العالم من أجل التصنيع لها فى مصر، مثلVFوlevis وZara، موضحاً أن شركته بدأت فى الإعداد لإطلاق علامة تجارية عالمية فى صناعة الملابس من السوق المصرية، تحمل شعار «صنع فى مصر».
ومن جانبها قالت مارى لويس، نائب رئيس مجلس إدارة شركة البشارة ومارى لويس للأزياء، إنه على الرغم من أن مصر تمتلك صناعة ملابس قوية وماركات عالمية ومنتجات منخفضة السعر، فإنه من الصعب الاعتماد بالكامل على المنتجات المحلية فى تغطية السوق المحلية، وأوضحت أنه يوجد بالسوق المحلية ملابس جاهزة ذات جودة وكفاءة تطابق مثيلتها العالمية، حيث تملك مصر المادة الخام الأفضل على مستوى العالم، كما جذبت السوق المحلية كثيراً من الاستثمارات فى الملابس الجاهزة، فضلاً عن الماركات العالمية التى يتم تصنيعها فى مصر، وأضافت أن الخلل بصناعة الملابس الجاهزة فى مصر يرجع إلى الورش الصناعية لأنها غير رسمية وليس عليها أى نوع من رقابة الجودة ولا تطبق المواصفات القياسية العالمية، الأمر الذى يضر بسمعة المنتج المصرى فى السوق المحلية، ووصفه بأنه منخفض الجودة. وأكدت أن السوق العالمية تتقبل بشكل كبير المنتج المصرى، بدليل أن مبيعات شركتنا تتوزع بواقع 56% للسوق العالمية من خلال التصدير، و44% للسوق المحلية.