سور مستشفى البرلس في قبضة الباعة الجائلين.. ومسؤول: "اشتكينا ولا مجيب"
الباعة الجائلون في محيط سور مستشفى البرلس
سوق متكامل به باعة جائلون، يفترشون الأرض كل ببضاعته، وسيارات متراصة جنبا إلى جنب أمام البوابة الرئيسية، بائعون يستخدمون مكبرات صوت للترويج لبضاعتهم، وآخرون يعتمدون على أصواتهم الجهورية، مواطنون يشترون احتياجاتهم، للوهلة الأولى لا تظن أن ذلك السور الكبير ذات اللون المميز والبوابة الكبيرة، التي دُون عليها عبارة "المدخل الرئيسي"، هو مستشفى بل تعتقد أنها منشأة حكومية أخرى، لكن عندما تنظر إلى أعلى المبنى تجده مُدون عليه لافتة تحمل اسم "مستشفى برج البرلس المركزي"، سوره مُحاط بعشرات الباعة الجائلين، في منظر يعكس حالة من الفوضى والعشوائية.
"أم السعد": "ملناش مكان غيره .. ده مصدر رزقنا"
"باجي أقعد هنا بشوية سمك أبيعهم علشان أكل ولادي الثلاثة، ومكاني معروف للناس، لأني هنا باستمرار، بقعد على سور المستشفى وزبابيني حفظوا مكاني"، عبارة قالتها "أم السعد"، إحدى بائعي الأسماك، والتي تقطع ما يقرب من 5 كيلومترات يوميا من منزلها لتبيع السمك بمدينة برج البرلس، للإنفاق على أولادها الثلاثة، فيما يخرج نجلها البالغ من العمر 21 عاما، في رحلة صيد بعد الفجر مباشرة، ليأتي لها ببعض الأسماك كي تبيعها لتنفق عليهم.
تقول "أم السعد": "ملناش سوق ثابت، والبرج أقرب مكان ليا فالناس حفظتني وبيخدوا منى سمك، بسترزق من هنا، أوقات أهالي المرضى المترددين بيشتروا مني، وليا زباين بيتسنوني كل يوم، باجي بشوية السمك أبيعهم، وأتسوق بجزء من تمنهم وأرجع بيتي، ملناش شغلانة غير دي، كل المنطقة هنا صيادين، ميعرفوش غير الصيد وبيع السمك، بيخرجوا كل يوم على الله، وبيرموا شباكهم في البحر وزى ما يطلع بقة دا رزق، باجي أبيع الأسماك اللي ربنا رزق ابني بيها، بعد ما بسيب ما يكفينا منها".
أحد الأهالي: "سيارات الإسعاف مبتعرفش تدخل.. والمنظر غير حضاري"
تضيف "أم السعد": "بنتعرض لمضايقات من مجلس المدينة في بعض الأوقات، بيبقوا عاوزين يشيلوا بضاعتنا، لكن هنقعد فين، إحنا اتعودنا نقعد هنا من سنين كتيرة، وهنا بيبقى فيه سوق أسبوعي، كمان الناس بتبقى كتير فيه وبصراحة المرضى مش بيبقوا عارفين يدخلوا ، وبتحصل مشاجرات، يوفرولنا مكان مجمع وإحنا معندناش مانع نتنقل".
محمد علي، أحد أهالي البرلس، أكد أنه لا يوجد مكان للباعة الجائلين، وأنهم يستخدمون سور المستشفى المركزي، وأسوار المدارس، كمكان لبيع بضاعتهم، فضلا عن إحاطة سور المستشفى، بالبضاعة بشكل دائم وليس يوم الجمعة فقط، ما يسمونه بالسوق الأسبوعى، مبينًا أن هناك عربات إسعاف لم تتمكن من دخول المستشفى قبل ذلك بإحدى الحالات، نظرا لوجود الباعة الجائلين، ما اضطر لذهابها إلى مستشفى بلطيم، رغم أن البرلس أقرب للطريق الدولي الذي يقع عليه الكثير من الحوادث.
يضيف "علي": "طالبنا مرارا وتكرارا بتخصيص قطعة أرض لعمل سوق مجمع، لكن دون جدوى، فمرضى المستشفى يعانون من الضوضاء الذي يحدثه الباعة الجائلين، فضلا عن القمامة التي يخلفونها ورائهم بعد الانتهاء من بيع بضاعتهم، والأطباء شكوا أكثر من مرة من هذه الأوضاع دون مجيب"، مطالبا بتخصيص قطعة أرض في الجونة بالمرحلة الرابعة لإنشاء سوق بدلا من استخدام سور المستشفى الذى تكلف تطويره نحو 150 مليون جنيه للإنشاءات والتجهيزات.
"بجيب عربية كرنب، وأجي أبيعها علشان أصرف على ولادي" عبارة بدأ بها "عزت. م. ا"، البالغ من العمر 45 عاما، وأحد البائعين الذين يأتون من قرى مركز بلطيم إلى مدينة برج البرلس لبيع الكرنب، مشيرا إلى أنه اعتاد التجول منذ الصغر بين الأسواق لبيعه، وانه يُفضل الذهاب لسوق الجمعة الواقع أمام المستشفى بالبرلس لبيع بضاعته "الناس بتشتري كتير منى، وربنا بيرزقني بخلص العربية، ودا سوق، بس في ناس متواجدة بشكل يومي ودائم في المكان ده، من سنوات كتير، أصبح مكان رزق للكثير".
وأوضح مبروك المزين، أحد الأهالي، أن المستشفى يخدم آلاف المرضى وهو أقرب مستشفى للطريق الدولي الذي يخدم عددا من المحافظات، "طالبنا كثيرا بتطويره حتى تم الانتهاء منه ودخوله الخدمة، فلا يجوز أن تتحول أسواره إلى سوق عمومي، فأغلب هؤلاء الباعة من القرى المجاورة ويقصدون سور المستشفى لعدم وجود ما يحميه، فضلا عن أرق المرضى".
مدير المستشفى: "شكونا كثيرا دون فائدة.. المريض بيخد نص ساعة على ما يدخل"
الدكتور عبدالرؤوف إبراهيم حمد، مدير مستشفى برج البرلس المركزي، أكد أنه استنفذ كل الحيل في الشكاوى، التي بدأها بالشكوى لرئيس مجلس المدينة، الذي لم يستجب، فصعد شكوته للدكتورة لميس المعداوي، وكيل وزارة الصحة، نظراً لمعاناة المرضى، قائلا:"دا سوق عمومي يوم الجمعة من كل أسبوع، فضلا عن تواجد الباعة الجائلين، الذين يحتلون بوابة الاستقبال وسور المستشفى بأقل من كيلومتر، والمرضى المترددون على الاستقبال في هذا اليوم لم يستطيعوا الدخول إليه بسهوله، بيخدوا أكثر من نص ساعة علشان يدخلوا الاستقبال، واشتكيت كتير ونقلوه مرة واحدة فقط ورجع تاني، وقالوا انهم هيشوفوا أرض لبناء سوق، لكن الخطوات بطيئة جداً ومفيش أي حاجة اتعملت".
وأوضح مدير مستشفى البرلس المركزي لـ"الوطن": "لمرضى يتألمون والموضوع مزعج بشكل كبير، الباعة يحاصرون المستشفى من كل جوانبه، وتقدمنا بشكاوى كثيرة، حتى أن وكيل الوزارة صعدتها للمحافظ، لكن حتى الآن لم تُتخذ أي خطوات"، مطالبًا بالتحرك لإنقاذ سور المستشفى لراحة المرضى.
يذكر أن مستشفى برج البرلس أقيم على مساحة 3 آلاف و725 مترًا، وانتهى تطويره ودخل الخدمة خلال الأشهر الماضية، كما ويضم 73 سريرا، منها 48 سرير إقامة، و7 أسرة للعناية المركزة، و18 حضانة للأطفال، و6 غرف للعمليات، و6 أسرة للإفاقة، إضافة إلى 16 ماكينة غسيل كلوي، و30 عيادة خارجية و3 صيدليات، وقسم للأشعة وآخر للمعامل، كما يقدم الخدمة الثنائية.