المظاهرات و«صفقة القرن» تعيدان أوهاماً إسرائيلية بإقامة «فلسطين التاريخية»
أردنيون يتظاهرون ضد قرارات الحكومة برفع أسعار المواد الغذائية «صورة أرشيفية»
«دعوة إسرائيلية لتنحى عاهل الأردن».. كانت تلك الجملة عنواناً لتقرير نشرته إحدى الصحف العربية، قبل عام ونصف العام، بعد تناولها لتصريحات قانونى إسرائيلى بإقامة دولة فلسطينية كبرى بعد ترحيل كل الفلسطينيين إلى الأردن كحل للقضية، فضلاً عن منح الحكم للفلسطينيين بعد تدخل إسرائيلى أمريكى للسيطرة على الأمور فى الأردن، ليعود هذا الاقتراح إلى الأذهان هذه الأيام بعد اشتعال الشارع الأردنى، ومع اقتراب الإعلان عن «صفقة القرن» التى ينتظرها الإسرائيليون، والتى سادت توقعات بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بالفعل بتطبيق بنودها حتى قبل الإعلان عنها، حتى يقبل الأطراف بها وتصبح أمراً واقعاً فى الصالح الإسرائيلى، أسوة بالقرارات السابقة حيث الاعتراف بالقدس عاصمة لفلسطين، ونقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس.
قانونى إسرائيلى دعا لنقل الفلسطينيين إلى المملكة بعد السيطرة على الجيش ودعم ثورة داخلية.. و«بيريز» فى بروتوكول عام 1978: «الأردن هى فلسطين.. ولا أريد دولة عرفاتية»
ورسم القانونى الإسرائيلى، تيد بلمان، سيناريو للإطاحة بالعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، توطئة لنقل الحكم للفلسطينيين، باعتبار ذلك هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، مدعياً فى مقال نشره موقع القناة السابعة الإسرائيلية، أن الملك عبدالله الثانى جزء من المشكلة، وأن تنحيته تفتح الباب أمام الحل الذى يقترحه للقضية الفلسطينية، زاعماً أن «تسليم الأردن للفلسطينيين وإقصاء الملك عبدالله عن الحكم، هو الحل الوحيد للقضية»، داعياً الإدارة الأمريكية إلى «الضغط على العاهل الأردنى ليتنحى عن الحكم ويغادر البلاد».
كما ادعى أنه يملك وثيقة أقرها تحالف المعارضة الأردنية تدعو لتشكيل حكومة مشتركة فور تنحى الملك، وهى بعنوان «الأردن مع فلسطين» تشمل فيدرالية فلسطينية - أردنية على أساس أن الأردن هو الوطن الطبيعى للفلسطينيين، وتتيح لإسرائيل فرض سيادتها على الضفة الغربية.
ورأى الكاتب آنذاك فى موقع «المفكر الأمريكى» فى الولايات المتحدة أنه «ينبغى على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تفرض نفوذها على الجيش الأردنى ليدعم ثورة داخلية، وأن تقوم بالضغط على الملك عبدالله الذى قال إنه يقضى معظم وقته فى الخارج لعدم العودة للأردن».
وبحسب ما نقله موقع «إرم نيوز»، اعتبر تيد بلمان أن «الحل الوحيد للمشكلة الفلسطينية، هو عودة جميع الفلسطينيين فى العالم إلى الأردن، والحصول على جنسيتها»، لافتاً إلى أن «معظم الفلسطينيين لهم أسر وأقارب وأصدقاء فى الأردن، فضلاً عن إمكانية حصولهم على فرص عمل توفرها الحكومة الأردنية لهم».
وأردف الكاتب فى سيناريو الحل الخاص به قائلاً: «من جانبها ستقوم إسرائيل وشركاؤها الدوليون بمن فيهم الولايات المتحدة، بتمويل بناء مدينة أردنية جديدة تستوعب نحو مليون نسمة من الفلسطينيين وهو مشروع سيؤدى إلى إنعاش الاقتصاد بشكل كبير وخلق فرص عمل كثيرة للعائدين». وتابع «بلمان» قوله إنه «بالنسبة للفلسطينيين فى غزة، البالغ عددهم أكثر من 1.8 مليون نسمة، فيمكن تحفيزهم على الهجرة للأردن ثم تقوم إسرائيل ببسط سيطرتها على القطاع»، لافتاً إلى أنه «يعتقد شخصياً مثلما يعتقد تحالف المعارضة الأردنية، بأن الملك عبدالله هو جزء أساسى من المشكلة ويجب تنحيته وإحلال الفلسطينيين جميعهم فى الأردن».
ولكن بالعودة إلى التاريخ، لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها اقتراح حل الأزمة الفلسطينية عن طريق الأردن، فكشف بروتوكول نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، قبل عامين، عن اجتماع عقد فى نهاية أغسطس العام 1978، بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، مناحم بيجن، ورئيس المعارضة حينذاك، شيمون بيريز، عن أفكار حملها الأخير ضد قيام دولة فلسطينية، وحذر من «احتلال» العرب فى إسرائيل لمدينتى عكا والعفولة، ومن عملهم فى حقول القرى الزراعية اليهودية، بينما اليهود يلهون فى بيوتهم. وخرج «بيريز» وقتها فى جملة قائلاً إن «الأردن هى فلسطين.. لا أريد دولة عرفاتية»، وذلك بعدما أدلى بأفكار من بينها أن حدود إسرائيل الأمنية يجب أن تكون غور الأردن.
وبحسب ما نقله موقع «عرب 48» الإسرائيلى، استعرض «بيريز» أمام «بيجن» الأفكار التى يجمعان عليها حول مستقبل الأراضى الفلسطينية المحتل عام 1967، أى الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال «بيريز» فى هذا السياق: «إننا لا نوافق على العودة (أى الانسحاب) إلى حدود 1967، والقدس يجب أن تكون موحدة والدفاع عن إسرائيل يجب أن يبدأ من نهر الأردن، ومن خلال وجود الجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية أيضاً».
وكرر «بيريز» آنذاك: «نحن ضد دولة فلسطينية، ونصر على أن المستوطنات قرب رفح ستبقى مكانها».
وأضاف أنه فيما يتعلق بالمفاوضات مع مصر فإنه «أعتقد أنه توجد هنا مشاكل مع مصر ومع الأردن. ورأيى على مر السنين هو أنه خلال فترة ليست محدودة زمنيا، لا مناص من التوجه إلى تسوية بديلة فى الضفة الغربية، ولا أرفض ذلك»، ما يعنى عدم تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين، حسبما أشار «بيجن».
واستطرد «بيريز»: «أنا أدعى أن الأردن هى دولة فلسطين. وأنا ضد قيام دولتين عربيتين وضد قيام دولة فلسطينية أخرى، ضد دولة عرفاتية (نسبة للزعيم الفلسطينى ياسر عرفات).
و50% من سكان الأردن هم فلسطينيون وهذه دولة فلسطينية، وأنا أقول إن الشريك هو الأردن وليس الفلسطينيين».
وطالب «بيريز» مناحم بيجن بأن يصر خلال لقاءاته مع الأمريكيين والمصريين على ثلاث نقاط:
«1- الأردن شريك أفضل 2- هم (فى الأردن) سيمنعون قيام دولة فلسطينية؛ 3- يجب منح جوازات سفر أردنية للغزيين». وأردف أن على الملك حسين استيعاب اللاجئين «وهم سيكونون سكان شرق الأردن».