استنفار في سوريا غداة تهديدات دولية رداً على تقارير حول "هجوم كيميائي"
صورة أرشيفية
تشهد قواعد الجيش السوري اليوم، حالة استنفار لدى كافة وحداتها غداة تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب برد قوي وقريب ملوحاً بالخيار العسكري بعد تقارير حول "هجوم كيميائي" وتوجيه أصابع الإتهام الى دمشق.
وتتوعد دول غربية منذ يومين بـ"رد قوي"، وتحدث ترامب عن قرار مهم في "وقت قصير جدًا"، فيما أكدت فرنسا أنها سترد في حال تخطت دمشق "الخط الأحمر"، بعد أن تحدث مسعفون عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في "هجوم كيميائي" مساء السبت في مدينة دوما.
وحذرت موسكو، حليفة دمشق، من "خطورة" الأتهامات، وأعلنت انها ستقدم مشروع قرار دولي للتحقيق في الأمر رداً على مشروع آخر قدمته واشنطن، فيما دعت سوريا اليوم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للدخول الى دوما والتحقيق "حول إدعاءات إستخدام السلاح الكيميائي".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم أن: "قوات النظام ومسلحين موالين لها تواصل استنفارها منذ مساء امس تحسباً لضربات محتملة "تهدد بها الدول الغربية".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: (لوكالة فرانس برس) "عممت قيادة أركان الجيش منذ منتصف الليل تنفيذ إستنفار لمدة 72 ساعة على كافة القطاعات العسكرية، والمطارات، والقواعد "في كافة المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية"، ومن بينها دمشق.
وأضاف "هذا الشيء لا يحصل إلا رداً على التهديدات الخارجية هناك تحصينات وتدريبات للأنتشار السريع".
ومنذ ورود أول التقارير حول "الهجوم الكيميائي"، اعتبرت دمشق الأتهامات "فبركات"، وهي لطالما نفت إستخدام الأسلحة الكيميائية طوال سنوات النزاع منذ العام 2011، كما تؤكد أنها دمرت ترسانتها في 2013 بموجب قرار أمريكي روسي أثر أتهامها بهجوم أودى بحياة المئات قرب دمشق.
وخلال جلسة لمجلس الأمن أمس، قال ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري: أن الهدف من "الأتهام الباطل" هو "تهيئة الأجواء للعدوان على سوريا على غرار ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا من جريمة عدوانية موصوفة بحق العراق في العام 2003".
وفي البيت الأبيض، قال ترامب، أمس: "نحن بصدد إتخاذ قرار بشأن ما سنقوم به في ما يتعلق بالهجوم المروّع الذي حصل قرب دمشق والذي سيتم الرد عليه، وسيتم الرد عليه بقوة".
وأضاف أن القرار سيتخذ "في وقت قصير جداً"، بينما لم يستبعد وزير دفاعه جيمس ماتيس توجيه ضربات عسكرية.
ومنذ يومين، تنسق الولايات المتحدة مع فرنسا بشكل أساسي، بعدما هددت الدولتان خلال الفترة الأخيرة بتوجيه ضربات في حال توفر "أدلة دامغة" على "هجمات كيميائية" في سوريا، خاصة أنه ظهرت منذ بداية العام حالات إختناق وضيق نفس في مناطق عدة، أبرزها الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وأعلن المتحدث بإسم الحكومة الفرنسية، اليوم: "إذا ثبتت المسؤوليات إذا تم تجاوز الخط الأحمر فسيكون هناك ردّ"، بعد مكالمة هاتفية جديدة أجراها الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمريكي ليلاً.
وأضاف أن الرئيسين "تبادلا معلومات تؤكد مبدئيا إستخدام أسلحة كيميائية"، مشيراً إلى أنهما اتفقا على التحدث مجدداً في الساعات الـ 48 المقبلة.
كما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الداعم للمعارضة السورية: "أن منفذي المجزرة سيدفعون بالتأكيد ثمنًا باهظًا".
وأفاد المرصد السوري عن "21 حالة وفاة السبت جراء الاختناق وإصابة 70 آخرين" في دوما، من دون أن "يؤكد أو ينفي" إستخدام الغازات السامة. لكن منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل)، تحدثت عن أكثر من 40 قتيلاً ومئات الأصابات.
وفي أجواء من التصعيد الكلامي بين موسكو والدول الغربية، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا ثانيًا اليوم حول سوريا حيث من المفترض أن يعرض للتصويت مشروع قرار أميركي لتشكيل "آلية تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة" حول إستخدام "السلاح الكيميائي"، في سوريا.
ومن المرجح ألا توافق موسكو على القرار، وهي التي إستخدمت الفيتو 11 مرة لصالح دمشق.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، اليوم أن: "خطورة المزاعم الجديدة تستدعي تحقيقاً شاملاً يجريه خبراء محايدون، ومستقلون، ومحترفون".
وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، اليوم أن بلاده ستقدم مشروع قرار آخر يطالب بالتحقيق في الأمر.
وقال: "نحن مهتمون بأن يشارك الخبراء المستقلون في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، في هذا التحقيق غداة تأكيده أن خبراء عسكريين روس توجهوا إلى دوما ولم يجدوا "أثراً" لمواد كيميائية.
واضاف لافروف: "ليتمكن محققو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من القيام بواجباتهم"، عليهم "بالضرورة التوجه إلى المكان".
وأعلنت المنظمة الدولية أمس أنها تحقق في الأمر.
وأتهم الكرملين اليوم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بأنها "ترفض مواجهة الحقيقة". وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف: "سلوك الطرق المختصرة وإطلاق الأحكام من دون أي تحقيق هي تقاليد قديمة".
واعتبر أن التهديد بردّ قوي "يقلص بالتأكيد هامش المناورة بالنسبة للجهود الدبلوماسية".
وتأتي التطورات الأخيرة بعد مرور عام على ضربة أمريكية إستهدفت قاعدة عسكرية في وسط سوريا رداً على "هجوم كيميائي" إتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه وأودى بالعشرات في شمال غرب البلاد.
وغداة التقارير حول "الهجوم الكيميائي"، أعلنت دمشق عن اتفاق مع فصيل جيش الأسلام المسيطر على دوما لإجلائه منها، وبدأ تنفيذه بعد ساعات قليلة.
وخرجت مساء أمس 65 قافلة محملة بمئات المقاتلين والمدنيين بإتجاه الشمال السوري. وتتواصل العملية حتى خروج آخر المقاتلين المعارضين من المدينة.
وعلى جبهة أخرى، وثق المرصد السوري أمس مقتل 22 مدنياً على الأقل، بينهم 12 طفلاً، في انفجار في مدينة أدلب في شمال غرب سوريا. كما قتل تسعة آخرين لم يعرف ما إذا كانوا من المقاتلين أو المدنيين.