"إنجازاته لا تقع تحت حصر".. جمال عبدالناصر من مذكرات رفقائه
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر
لعب "عبدالناصر" دورا بارزا في تاريخ مصر والمنطقة بأسرها، الزعيم الذي كانت من معالم عصره تأميم قناة السويس وتشييد السد العالي في أسوان، وتطوير الصناعة المصرية والإصلاحات الاجتماعية والصحية، والثقافية والتعليمية، علاوة على جهوده الهائلة المبذولة على صعيد تحقيق الوحدة العربية، خلده التاريخ ولم تخل أي مذكرات كتبها أصدقائه من سيرته.
الرئيس الراحل محمد أنور السادات، قال في مذكراته: "لقد تساءل البعض في حيرة، كيف قضيت هذه الفترة الطويلة مع عبدالناصر من غير أن يقع بيننا ما وقع بينه وبين بقية زملاءه، ومثلما تساءل صحفي في لندن، قائلاً (إما إنني كنت لا أساوي شيئا على الإطلاق، أو إنني كنت خبيثاً غاية الخبث بحيث تحاشيت الصراع معه، وبقيت أنا الرجل الوحيد من رجال الثورة الذي لم يمسسه سوء، بل على العكس عندما توفى (عبدالناصر) إلى رحمة الله كنت أنا نائب رئيس الجمهورية الوحيد)".
ويؤكد "السادات" أنه لم يحدث و لو مرة واحدة أن وضع نفسه موضع الدفاع، فليس من طبع "السادات" أن يفعل هذا سواء مع "عبدالناصر" أو مع غيره، وفي يناير 1955م تم إعلان قيام المؤتمر الإسلامي، وتولى "السادات" منصب السكرتير العام له، وقد أتاح هذا العمل لـ"السادات" زيارة بلاد المنطقة لجمع شمل الدول العربية والإسلامية، وكذلك العمل من أجل تحقيق أهداف سياسية وقومية تخدم قضايانا".
وقال حسين الشافعي، أحد الضباط الأحرار، في حوار له مع صحيفة "الشرق الأوسط" في ذكرى الثورة الخمسين: "أقول ما قلته عنه في أسيوط عام 1972 عندما استدعيت هناك للتحدث إلى المتظاهرين المطالبين بالحرب ضد إسرائيل، قلت (من حق الرجل ونحن في البلد التي أنبتته أن نذكر ما أنجزه خلال 15 سنة، وما أنجزه لا يقع تحت حصر ولن يذكر له التاريخ في كل ما أنجز سوى إنه بثورة يوليو استطاع أن يحرك واقع المنطقة العربية، إلا أنه مات سنة 1967، ولكنه تشبث بالحياه ليستر انسحابه من الحياة في سنة 1970، وفي هذه المرحلة خاض أمجد معاركه، عندما أعاد بناء القوات المسلحة وأقام قاعدة الصواريخ)، وعندما شعر بالأمان مات مطمئنا، فتحية لنضاله والفاتحة له".
وأضاف" الشافعي": "ما بقي من الثورة أنها أثبتت إنه كان هناك رجال على استعداد لأن يضحوا بحياتهم في سبيل تحرير إرادة مصر، ويكفي أنه لا يوجد مبنى ما شيدته، الثورة تعرض للهدم في زلزال 1992 رغم شدته، فالسد العالي وقناة السويس واستاد القاهرة وعشرات من العلامات القوية على سعي الثورة لإعمار مصر، لا تزال باقية شامخة للأجيال تشهد على عظمة أعمال الثورة، والثورة باقية كالنار المشتعلة يستلهم منها كل الذين يتوقون للحرية المثل والعبرة، وأكبر دليل على ذلك أبطال الانتفاضة والجنوب اللبناني الذين يرفعون صور عبدالناصر في المناسبات المختلفة كرمز وقيمة ومثال يحتذى به".
فيما روى الدكتور الصاوي حبيب، طبيب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في مذكراته، عن تفاصيل الساعات الأخيرة لحياة "عبدالناصر": "في الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر يوم 28 سبتمبر، وصلتني رسالة تليفونية من سكرتيره الخاص المرافق له، بأن الرئيس يطلب مني التوجه إلى منزله في منشية البكري لمقابلته، وتوجهت على الفور، وكان الرئيس مستلقيا على السرير ورأسه مرتفع كثيرا، وقال لي إنه شعر بتعب في أثناء توديعه أمير الكويت في المطار.
وأضاف: "قمت بعمل رسم القلب، وبدأت في العلاج وحضر دكتور منصور فايز والدكتور زكي الرملي، وأكدا خطورة الحالة نتيجة وجود انسداد جديد في الشريان التاجي، حيث كان حدوث الجلطة الأولى في الشريان التاجي يوم 11 سبتمبر 1969، وطلبت منه ألا يتحرك وأن يستريح، ليرد: "أنا استريحت يا صاوي"، وفوجئت برأسه يميل إلى الجانب فجأة وفي الحال تحسست النبض وفوجئت بتوقفه".