هوس الرسائل الدينية على مواقع التواصل: لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله
الرسائل الدينية
وجدوا فى المجموعات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعى، مهرباً لهم من الواقع ومشاكله، عالم افتراضى شاسع ليس له حدود ولا على رسائله رقيب، أنشأوا «جروبات» لصُحبة عمرها سنوات وأخرى حديثة بغرض الدردشة، وثالثة مهنية بغرض سهولة التواصل، هذه المجموعات أصبحت مجالاً مفتوحاً وخصباً لنشر وتبادل رسائل دينية مجهولة المصدر، لا يعرف متلقوها مبتدأها من منتهاها، وجميعها مذيلة بعبارة «إن لم ترسلها إلى 10 أشخاص فاعلم أن الشيطان هو الذى منعك»، أما كلماتها فتتضمن حديثاً شريفاً أو دعاءً أو قصة لأحد الأنبياء وأحياناً تأخذ شكلاً أكبر فتكون حملة «استغفار» أو «صلاة على النبى».
دينا حمدى، فى الثلاثين من عمرها، تتلقى كثيراً من هذه الرسائل، إحداها تستخدم أسلوب الترهيب «لا تجعلها تقف عندك.. لا تجعل الشيطان يمنعك من نشرها»، وأحياناً أخرى تستخدم أسلوب الترغيب «إذا أرسلتها إلى عشرة ستسمع فى القريب العاجل خبراً يسعدك ويشرح صدرك»، وفى كلتا الحالتين لا تستجيب: «فى الأول كنت بخاف وبعد كده محصليش حاجة، طلعت رسايل فشنك، فبطلت أصلاً أقراها، هقرا إيه ولا إيه، ده كل جروب أنا مشتركة فيه بتجيلى عليه رسالة واتنين وتلاتة».
لا تحتاج «دينا» حسب تأكيدها إلى مثل هذه الرسائل لتذكر الله: «مفيش أى نص دينى أو حديث يقول إنى لو مبعتش الرسايل دى هيجرالى حاجة أو حتى مش هفرح تانى فى الدنيا، ده كلام فارغ».
«لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله»، نوع آخر من الرسائل كان منتشراً لفترة من الوقت، وعادة ما تأتى الكلمات أسفل صور غير منطقية، حسب ما ذكرت «دينا»: «يجيبلك واحد معاق ماشى على إيديه ورجليه ويقولك إذا لم تكتب سبحان الله، ربنا هيبتليك زيه، هو الدين قال كده؟!».. أكثر رسالة تلقتها الفتاة الثلاثينية وأثارت غضبها «لو دوست لايك تبقى مؤمن ولو مدوستش تبقى كافر».
عبدالرحمن زكريا، 26 عاماً، بات لا يهتم بمثل تلك الرسائل: «ده واحد قاعد فاضى وفجأة الإيمان نط على مزاجه فقرر يلم ثواب.. مش بعيد يكون جايب ورقة وقلم وقاعد بيحسب بعتها لكام واحد والثواب اللى هيلمه»، بهذه اللهجة الساخرة انتقد «زكريا» مروجى هذه الأدعية، ذاكراً إحدى الرسائل التى تلقاها: «استقبلت رسالة فى آخرها عبارة: لو لم ترسلها لغيرك اعلم أن ذنوبك قد منعتك.. متوقفش الخير عندك»، مؤكداً أنه أصبح «يحظر» أى رقم يرسل إليه هذه الرسائل.
وفى مقال كتبه لـ«الوطن» تحت عنوان «قصة الجروب الذى تحول إلى جيتو»، ونشر يوم السبت الماضى، قال الدكتور خالد منتصر إن مثل هذه الرسائل الإلكترونية أصبحت تمثل كارثة حقيقية، وحكى قصة جروب كان يضم فئة عريضة من الأطباء من الطائفتين المسلمة والمسيحية، بينما يحاول أحدهم فرض قيوده الدينية «انشرها جزاك الله خيراً»، حتى تحولت رسائله إلى ظاهرة يومية، وخرج أعضاء الجروب واحداً تلو الآخر، بعد مشادة بين زميلين.
من جانبه قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن هذا غير صحيح ولا يستحب أن يحجر أحد على غيره، فلا يوجد ما شرع أو آية قرآنية تنص على الإلحاح والتحايل على الدين بهذا الشكل: «الوسائل الإلكترونية استهوتهم وسيطرت على عقولهم، معتقدين أنهم يكسبون ثواباً فى ثوان معدودة»، مؤكداً أن هؤلاء كرّسوا أوقاتهم للاستفادة بالثواب العائد من غيرهم عن طريق رسائل محفوظة.
بينما صنف الدكتور عبدالحميد زيد، رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة الفيوم، أصحاب تلك الرسائل بأنهم واقعون تحت تأثير السوشيال ميديا، وأصبحوا عبيد التواصل الاجتماعى، محاولين التعفف من خلال دقائق بسيطة قبل النوم بإرسال تلك الرسائل: «الناس بقت عايزة تدخل الجنة بسهولة وبسرعة.