القليوبية.. جمهورية المواقف والأكشاك العشوائية فى غياب أجهزة الحكومة
المواقف العشوائية تحتل الكبارى «صورة أرشيفية»
تخطت حالة الفوضى التى تسيطر على شوارع معظم المدن فى محافظة القليوبية كل الحدود، ففى غياب أجهزة الحكومة أصبح كل شىء مستباحاً، ولم يكتف الباعة الجائلون باحتلال الأرصفة فقط، بل التهموا الشوارع نفسها، حتى أصبح لا يوجد مكان لقدم، ووصل الأمر إلى بيع الشارع جهاراً نهاراً، وأصبحت مرتعاً للخارجين عن القانون، يسيطرون على أماكن ركن السيارات، كما انتشرت المواقف العشوائية فى كافة الميادين والشوارع، التى حولها سائقو الميكروباصات إلى ما يشبه «سيرك كبير».
ووفق تقديرات غير رسمية، فإن شوارع مدن القليوبية يوجد بها أكثر من 20 ألف بائع متجول، يمارسون تجارتهم بصورة غير مشروعة دون رقيب أو حسيب، ولعل المشاهد اليومية أمام محطات مترو الأنفاق بمنطقة «شبرا الخيمة» أكبر دليل على الفوضى العارمة التى تعيشها المدينة، وسط صمت من قبل الأجهزة المعنية، يصل إلى حد «التواطؤ»، مما يؤدى إلى تفاقم المشكلة واستفحالها يوماً بعد يوم، بل ويؤدى إلى ضياع «هيبة الدولة».
20 ألف بائع متجول يحتلون الشوارع.. و«مافيا» الميكروباص حولتها إلى «سيرك كبير»
وفى العاصمة «بنها»، يعيش المواطنون فى مختلف مواقف المواصلات العامة وفى الأسواق تحت رحمة «البلطجية» دون رادع، وأكد «كامل السيد»، أمين حزب التجمع بالقليوبية، وأحد أبناء المدينة، أن ظاهرة انتشار السيارات «السوزوكى» تعد أحد أهم مظاهر الفوضى، حيث يستغل السائقون التغييرات المرورية، وغلق ميدان «الإشارة»، حجة لرفع أجرة الركوب، وتقسيم المسافات، والسير عكس الاتجاه، كما أنشأوا مواقف عشوائية، محتلين الميادين العامة، حيث بلغ عدد المواقف العشوائية بالمدينة نحو 35 موقفاً، منها ما يقع على بعد أمتار من مبنى ديوان عام المحافظة، وعند مدخل كوبرى «كفر الجزار»، وأمام مستشفى بنها الجامعى، وأصبح الغياب المرورى ظاهرة واضحة.
وأضاف «شامل سليم»، محامٍ، أن موقف «كفر الجزار»، الذى تكلف آلاف الجنيهات، تحول إلى جراج للسيارات، يسيطر عليه بعض البلطجية، فيما هربت سيارات الأجرة إلى الشوارع المحيطة، ومدخل كوبرى بنها، مما تسبب فى إغلاق المنطقة التى تضم 5 مواقف للقرى المحيطة بالمدينة، نتيجة الزحام الشديد، دون تكليف أحد أفراد المرور لتنظيم حركة السير وفض الاشتباك بين السيارات فى المنطقة، أو اتخاذ أى إجراء من قبل الأجهزة المعنية لاستعادة الموقف الذى يحتله البلطجية والخارجون عن القانون والمتعدون على أملاك الدولة.
وفى مدينة «كفر شكر»، أكد خالد شكرى، موظف، أن مدخل المدينة تحول إلى مقلب للقمامة، بسبب قيام الأهالى بإلقاء مخلفاتهم على الطريق السريع، كما قام بعض سائقى الميكروباص باستحداث مواقف عشوائية لسياراتهم، وانضم إليهم سائقو «التوك توك» و«الكارو»، وأضاف «سلامة الغريانى»، أحد الأهالى، أن «مدينة كفر شكر تحولت إلى منطقة عشوائية، بدون أى تخطيط، فبعد أن كانت مدينة الوزراء، أصبحت بلا خدمات، مما دفع السائقين إلى خلق مواقف عشوائية، مما يؤدى إلى تعطيل الحركة المرورية على طريق بنها - المنصورة».
أما مدينة «شبرا الخيمة»، فقد أصبح حالها أكثر سوءاً، حيث تحاصرها المشاكل فى كل مكان، ولم يعد المواطنون يشعرون بأن هناك «بارقة أمل» خلال الفترة القريبة المقبلة، حيث تحولت المدينة إلى سوق كبيرة مفتوحة، وانتشر الباعة الجائلون بالشوارع، فضلاً عن تجاوزات «إمبراطورية الميكروباص»، التى تجاوزت كل الحدود، وأكد «عادل حسين»، من مواطنى شبرا، أن محطتى مترو شبرا الخيمة وكلية الزراعة أصبحتا تحت حصار الباعة الجائلين والأكشاك العشوائية، مما يسبب أزمة حقيقية، تتطلب تدخلاً عاجلاً من المسئولين، وخاصة بعد انتشار مركبات «التوك توك»، التى تسد مداخل ومخارج المحطتين، بالإضافة إلى احتلال الباعة لكوبرى المشاة بميدان «المؤسسة».
وأشار «محمود عامر» إلى أن الكثيرين من أبناء مدينة شبرا الخيمة أصبحوا يطلقون عليها اسم «جمهورية الأكشاك العشوائية»، بعدما تمكن أصحاب تلك الأكشاك فى فرض سيطرتهم وقبضتهم على مختلف شوارع وأحياء المدينة، تحت سمع وبصر بعض المسئولين عن الإشغالات، وفى ظل غياب الرقابة والمتابعة التامة من قبل أى مسئول بالمحافظة، كما أضاف «خالد شلبى»، موظف، أن «الأكشاك تحولت إلى تجارة رائجة بكل المقاييس، لها زبائن وسماسرة وبائعون وتجار كبار وصغار، وكله بالاتفاق حسب المكان والمساحة»، مشيراً إلى أن عدد الأكشاك التى أقيمت فى مدينة شبرا الخيمة وحدها، خلال السنوات الأخيرة، بلغ أكثر من 40 ألف كشك، حتى أصبح السير على الأقدام فى شوارع المدينة مهمة تبدو مستحيلة.
ومن جانبه، أكد «أحمد حسين»، أمين الحزب الناصرى بالقليوبية، أن «هذه الأكشاك لم تذهب للغلابة أو البسطاء أو الذين يبحثون عن لقمة العيش، بل ذهبت للمتلاعبين، وبمباركة الفاسدين، وكله بثمنه، حتى وصل سعر الكشك فى بعض الأماكن المميزة، إلى أكثر من 25 ألف جنيه، وقد يرتفع السعر إلى 30 ألف جنيه بعد إنهاء التراخيص»، مشيراً إلى أن «بعض ضعاف النفوس» يستغلون الحريق الذى شب فى حى أول شبرا مؤخراً، وتسبب فى تلف الأوراق والملفات تقريباً، ليستبيحوا كل شىء، حتى تحولت المدينة إلى سوق عشوائية، تخنقها الأكشاك من كل جانب، فضلاً عن الإشغالات التى التهمت معظم الأرصفة، وسط غياب تام لأجهزة الدولة، وطالب بضرورة تقديم كافة المسئولين، الذين يثبت إهمالهم وتقاعسهم عن أداء واجباتهم الوظيفية، أو من يثبت تورطهم فى «وقائع فساد»، كان من نتيجتها إهدار أملاك الدولة، أو الاستيلاء على المال العام، وضياع حقوق المواطنين، إلى المحاكمة.
ومن جانبه، أكد المهندس مصطفى عباس، السكرتير العام المساعد لمحافظة القليوبية، أن المحافظة تشن حالياً أكبر حملة لمواجهة العشوائيات فى شوارع مختلف مدن القليوبية، بهدف وضع حد للعشوائية فى الشارع، وفرض سلطة القانون، وشدد على أنه «لا تهاون ولا تراجع» عن إخلاء كل الباعة الجائلين والمواقف العشوائية من شوارع مدن المحافظة، من خلال مخطط لنقل كافة الأسواق العشوائية بوسط المدن إلى أماكن أخرى، لا تسبب أى اختناقات مرورية، وتابع بقوله: «إننا لسنا ضد الباعة أو التجار أو حتى الأسواق، ولكننا ضد العشوائية، ونحن نوفر البديل الآمن والمناسب لهم، قبل اتخاذ قرار النقل، لذلك نحن نأمل المساعدة من جانب الباعة والمواطن، حتى نستطيع التنفيذ».