الكويت تنتخب برلمانا للحد من "التقشف الحكومي"
أرشيفية
فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها في الكويت، اليوم، في تمام الساعة 8.00 (5.00 بتوقيت جرينتش)، في انتخابات تشريعية مبكرة، يؤمل منها أن تنتج "مجلس أمة" (برلمان) يساهم في لجم خطة تقشف وإجراءات حكومية، تحاول تعويض تراجع الإيرادات النفطية، إلا أنها تمس بتقديمات وامتيازات نظام الرعاية الاجتماعية.
وشكّل رفض الخطة الحكومية محورا أساسيا في الحملات الانتخابية للمرشحين للانتخابات، وهي السابعة التي تنظمها البلاد خلال 10 أعوام، وتطبعها هذه السنة عودة أطراف معارضة للمشاركة بعد مقاطعة دورتي 2012 و2013.
وجدد النواب السابقون والمرشحون، انتقاد إجراءات التقشف ورفع أسعار الوقود وخفض الدعم عن مواد أخرى، في استمرار لتباينات دفعت أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح الشهر الماضي، لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "الوسط" عن المرشح الحميدي السبيعي، أن الحكومة "تعرف كيف تأخذ من جيوب المواطنين، لكنها لا تعرف كيف تأخذ من التجار"، داعيا الكويتيين لاختيار "المرشحين الذين يحمون مصالحهم ومستقبلهم".
وعرفت الكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بتقديم امتيازات واسعة وسخية لمواطنيها البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة، من أصل 4.4 ملايين هو مجمل عدد السكان. وأتت خطوات التقشف لتمثل تغييرا بعد عقود من الدعم الحكومي، وضمن خطة شاملة تتعهد اتخاذ إجراءات إضافية مماثلة.
واعتبر النائب السابق والمرشح شعيب المويزري، في تصريحات صحفية، أن "البعض في السلطة يريد أن يذل الكويتيين.. فالكويت أغنى دولة وأفقر شعب".
وتتمتع الكويت التي تنتج نحو 3 ملايين برميل من النفط يوميا، بواحد من أعلى مستويات الدخل الفردي عالميا (28.500 دولار، بحسب صندوق النقد الدولي لعام 2015).
- عودة المعارضة -
إلا أن الإمارة، كغيرها من الدول المنتجة، باتت تعاني من تراجع إيراداتها النفطية، التي تشكل أساس المداخيل، مع انخفاض أسعار النفط منذ منتصف العام 2014.
وسجلت الكويت عجزا ماليا بلغ 15 مليار دولار في السنة المالية 2016/2015، هو الأول منذ 16 عاما، ما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات، شملت رفع أسعار الوقود، ورفع أسعار الكهرباء والمياه للمقيمين الأجانب، للمرة الأولى منذ 50 عاما.
وأثارت القرارات الحكومية انتقادات واسعة من النواب والمواطنين. وللحد من النقمة، وعدت الحكومة بتوفير كمية من الوقود المجاني للمواطنين شهريا، إلا أن الخلافات بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة لم تتوقف إلى حين صدور مرسوم الحل.
وشكل الشأن الاقتصادي بندا رئيسيا في حملات المرشحين البالغ عددهم 300 (بينهم 14 امرأة)، يتنافسون على مقاعد البرلمان الخمسين.
وتعرض أعضاء البرلمان السابق ورئيسه مرزوق الغانم، لهجوم شديد من المرشحين المعارضين الذين اتهموهم بالفشل في منع الحكومة من فرض إجراءات تقشفية.
ورد الغانم على منتقديه، مؤكدا أن البرلمان السابق نجح في تحقيق استقرار سياسي نسبي، وأقر عددا غير مسبوق من القوانين وساعد على تحريك عجلة مشروعات التنمية.
ويرى محللون أن الانتقادات ضد المجلس السابق، ترفع من حظوظ المعارضين.
ويقول المحلل عايد المناع لوكالة "فرانس برس": "أعتقد أن عودة المعارضة هي أهم تطور في هذه الانتخابات"، مضيفا "اعتمادا على نتائج المعارضة في الانتخابات فإن عودتها قد تؤدي إلى إطلاق مصالحة وطنية لتنهي سنوات من الخلافات الشديدة".
وقاطعت غالبية الأطراف المعارضة دورتي ديسمبر 2012 ويوليو 2013، احتجاجا على تعديل الحكومة النظام الانتخابي من جانب واحد. إلا أن الأطراف المعارضة قررت المشاركة في هذه الدورة، وترشح 30 من أعضائها بينهم العديد من النواب السابقين، إضافة إلى سياسيين متحالفين معهم.
ويرجح المحلل داهم القحطاني، أن تنال المعارضة نحو 15 مقعدا، إضافة إلى 8 مقاعد لمؤيدين لها، ما قد يمنحها كتلة وازنة.
ويضيف لـ"فرانس برس": "هذا سيجعل الحكومة ومؤيديها يتمتعون بأغلبية هشة، ما يشكل سببا مهما في عدم الاستقرار السياسي".
وتترافق الانتخابات مع آمال متواضعة، بأن تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود. حيث شهدت الكويت منذ منتصف 2006، سلسلة من الأزمات الحادة، شملت حل مجلس الأمة 5 مرات من جانب الأمير ومرتين آخريين من جانب القضاء.
وطبقا للنظام المعمول به، سيكون رئيس الوزراء المقبل فردا من الأسرة الحاكمة يعينه الأمير، أيا تكن نتائج الانتخابات. وعادة يسمي رئيس الحكومة وزراء من خارج مجلس الأمة، إلا أنهم يصبحون أعضاء فيه يتمتعون تقريبا بالصلاحيات نفسها للأعضاء المنتخبين (50 عضوا)، ما يمنح الحكومة قدرة تصويت ذات ثقل.
وبموجب الدستور، يجب ألا يتخطى عدد أعضاء الحكومة (بمن فيهم رئيسها) 16 شخصا، وأن يكون بينهم عضو على الأقل من البرلمان.
ويرى مرشحون أن البرلمان السابق لم يحاسب الحكومة كما يجب.
وقال المرشح بادي حسيان الدوسري، إن المجلس الذي كان من المقرر أن تنتهي ولايته السنة المقبلة، "لم يكن على قدر طموحات المواطنين، بسبب مهادنته للحكومة، وعدم ممارسة دوره الرقابي في محاسبتها"، وأن الحكومة نفسها "اتجهت نحو المواطن كي يدفع الفاتورة"، في إشارة إلى تعويض إيرادات النفط.
وأضاف "نطمح في المرحلة المقبلة إلى وجود مجلس يقوم بمهامه كافة".