عضو المجلس الاستشارى العلمى للرئيس: نحاول علاج أخطاء 30 سنة مضت
الدكتور فيكتور رزق الله، عضو المجلس الاستشارى العلمى للرئيس
نصح الدكتور فيكتور رزق الله، عضو المجلس الاستشارى العلمى للرئيس عبدالفتاح السيسى، الشباب بالاتجاه للتعليم الفنى، مشدداً على ضرورة تغيير نظام التعليم ليقوم على الفهم بدلاً من الحفظ، وطالب بإلزام طلبة الجامعة بتعلم مهنة، كما يحدث فى ألمانيا.
د. فيكتور رزق الله لـ«الوطن»: يجب تغيير نظام التعليم ليقوم على الفهم.. وإلزام طلبة الجامعة بتعلم مهنة
وقال «فيكتور» إن مصر هى البلد الوحيد المستقر الآن فى الشرق الأوسط، وإنها بعد ثورتى 25 يناير و30 يوليو، تشبه المريض الذى يتعافى، لذا تمر بوضع صعب، مطالباً الجميع بالصبر وعدم الانتقادات بشكل مستمر. وتحدث فيكتور فى حوار مع «الوطن» عن أهم المشكلات التى تواجه مصر وسبل حلها.. وإلى نص الحوار...
■ لماذا لم يشعر المواطن العادى بأى تقدم خلال العامين الماضيين خاصة فى مجال التعليم المتوسط والتعليم الجامعى؟
- بالتأكيد يوجد تقدم، لكن من المحتمل ألا يشعر به شريحة كبيرة من الشعب، نظراً لأننا نحاول علاج أخطاء 30 سنة مضت، فمنذ عشرات السنين لم يحدث أى تطور فى مجال التعليم، فلم تُبْنَ مدارس جديدة ولم تتغير المناهج أو يتلقّ المدرسون تدريباً، وهو عكس ما يحدث فى العالم كله، ففى أوروبا يخضع المعلم كل ثلاث سنوات لاختبار للتأكد من تدريبه على أحدث وسائل التعليم، وعليه اجتياز الاختبار حتى يظل يمارس مهنة التدريس، وهذا التدريب أصبح أمراً مهماً لأن الطلبة الآن يشهدون تطوراً رهيباً بفضل التكنولوجيا الحديثة. لذا فإن تطوير منظومة العلم لا بد أن يبدأ بتطوير المعلمين، وهو ما بدأنا به.
التعليم لم يشهد أى تطور منذ عشرات السنين ولم تُبْنَ مدارس جديدة ولم تتغير المناهج ولم يتلقّ المدرسون تدريباً
■ تزايدت المطالبات بتزويد المدارس بالأجهزة التكنولوجية الحديثة، فهل ترى ذلك كافياً لتحسين التعليم؟
- أهم شىء هو تطور العقول، وليس الأجهزة، والمدارس الجديدة التى تدخل الخدمة كل عام لا تكفى للزيادة فى عدد الطلاب، وبحسب الإحصاءات هناك مليون ونصف مليون تلميذ جديد يدخلون التعليم كل عام، وهذا معناه أن الدولة تحتاج إقامة 12 ألف فصل جديد لتستوعب هؤلاء التلاميذ، كما تحتاج لمدرسين جدد، والسؤال هنا: هل نختار المعلم الجديد بنفس طريقة المعلم القديم؟ والإجابة هى بالتأكيد لا لأننا نحتاج معلمين على مستوى عالٍ، وبالفعل تم وضع نظام جديد للمدرسين الجدد الذين يتم تعيينهم، وواجهتنا مشكلة المدرسين القدامى، وبدأنا تدريبهم.
أنصح الشباب بالاتجاه للتعليم الفنى.. ونحتاج بناء 12 ألف فصل سنوياً لاستيعاب زيادة التلاميذ.. ومشكلة مصر تنحصر فى الزيادة السكانية والأمية وتهميش دور المرأة
وفى الخارج، يخضع المعلم لدورة تدريبية كل ثلاث سنوات، لضمان أن يكون لديه نفس التقدم المهنى.
■ هناك مطالب بتطبيق نظام التعليم الألمانى فى مصر، فما رأيك؟
- كثيراً ما يوجه إلىّ هذا السؤال، والإجابة أنه يصعب تطبيق التعليم الألمانى فى مصر لأسباب كثيرة منها أن عدد الطلبة فى ألمانيا يقل من عام إلى آخر على عكس مصر، و4% من السيدات اللاتى تحصلن على تعليم جامعى فى ألمانيا لم ينجبن، وإذا أنجبت تنجب فى سن الأربعين ويكون لديها طفل واحد فقط. كما أن ألمانيا تقوم كل عام بتحسين الفصول وتطوير التعليم بأمر فيدرالى من الحكومة، وألزمت الحكومة جميع المدارس بإدخال أحدث وسائل التعليم بالتليفزيون والإنترنت والكمبيوتر، وإذا كانت هناك ولايات غير قادرة مالياً على ذلك ستساعدها الحكومة الألمانية، لضمان أن يدرس جميع الطلبة نفس المناهج الحديثة، ونحن للأسف لا نستطيع مجاراة تجربة متطورة بشكل كبير مثل ألمانيا، خصوصاً أن تجربتنا لم تتطور منذ أكثر من 30 عاماً.
■ هل تعتقد أن الشباب المصرى مظلوم وسط هذه المنظومة غير القادرة على تلبية احتياجاته؟
- الشباب فى مصر لديه إمكانيات كبيرة جداً، لكن للأسف لم يستغلها، فمن الحقيقى أن أغلب الشباب لا يملكون الإمكانيات المادية لشراء الكتب، لكن الآن بات بمقدورهم قراءة الكتب من على الإنترنت مجاناً، لكن الشباب لا يعجبهم هذا الكلام، ويكتفى بتوجيه الانتقادات السلبية لبلدهم كوسيلة لإخراج الطاقة السلبية عندهم.
وأرى أنه ينبغى على الشباب أن يغيروا من طريقة حياتهم وينمّوا أنفسهم بالقراءة، وهذه مهمة الإعلام المصرى فى نشر التوعية وتشجيع الشباب، ويجب على قنوات التليفزيون أن تنتج برنامجاً على الأقل بشكل أسبوعى لتوعية الشباب، فالتليفزيون هو المسئول عن توعية الشباب فى أوروبا.
وعلى الشاب أن يتجه إلى التعليم الفنى، فمصر بحاجة إلى الإنتاج، وأحب أن أوجه رسالة إلى كل الشباب المصرى أن عليهم أن يفكروا فى تعلم مهنة بالإضافة إلى تعليمهم الدراسى، وأقترح عليهم التفكير فى إقامة مشروع خاص.
■ ما رأيك فى الوضع الاقتصادى حالياً؟
- الوضع الاقتصادى ليس سيئاً فى مصر فقط، لكن معظم دول العام تعانى من وضع اقتصادى سيئ، ومصر تتأثر بثلاث دول فى التجارة العالمية، هى أمريكا والصين والاتحاد الأوروبى، والصين على وجه الخصوص عندما يقل معدل النمو الاقتصادى الخاص بها، وتقل صادراتها ووارداتها نتأثر سلباً، لأن هذا يعنى تقلص عدد السفن المارة فى قناة السويس.
كما أن هبوط أسعار النفط لأقل من 40 دولاراً للبرميل، دفعت أصحاب المراكب الصغيرة التى تستوعب أقل من 10 آلاف حاوية، فى التفكير فى اتخاذ طريق رأس رجاء الصالح بدلاً من المرور بقناة السويس، لأنه بات أرخص، وهذه مشاكل غير معروفة ولم تكن متوقعة.
وكانت التوقعات تشير إلى زيادة عدد الحاويات التى تنتقل من أوروبا إلى أكثر من 8 و10%، ولكن فوجئنا بقيام الصين بتقليل الاستيراد وبالتالى تم تقليل الحاويات.
كما أن بدء أوروبا فى الاعتماد بشكل أساسى على الطاقة المتجددة، سيؤدى خلال الأعوام المقبلة على انخفاض أسعار النفط، وستواجه الدول الخليجية التى تعتمد بشكل أساسى على النفط مشكلة اقتصادية كبيرة، على عكس مصر غير معتمدة فقط المواد البترولية.
وألمانيا وصلت إلى 40% من الاعتماد الأساسى على الطاقة المتجددة، وبعد أقل من 20 عاماً ستحل الطاقة المتجددة مكان البترول وسيتم الاستغناء عنه.
■ ما هى مشكلة مصر الحقيقية؟
- مشكلة مصر الأساسية تتمثل فى 3 أشياء مهمة هى الزيادة الكبيرة فى عدد السكان، وكمواطن أرى أنه لا بد أن يكون تعداد السكان متوازناً مع إمكانيات البلد، وعلى الصحافة أن تتحدث بشكل يومى عن موضوع الزيادة الكبيرة فى السكان، كما تواجه مصر مشكلة أخرى هى الأمية وأكثر من 20% من المواطنين أميون، كما نعانى من تهميش المرأة، فالمصرية ليس لها الدور الموجود فى أوروبا، رغم أن السيدة المصرية لديها القدرة على العطاء ليس فقط فى الاقتصاد لكن فى السياسة، وأنا أقترح على السيدات التدخل بشكل أقوى فى السياسة والتجارة والاقتصاد وفى جميع المجالات.
ولا أجد أى سبب لهضم حقوق المرأة، على عكس باقى دول العالم، ففى أمريكا أصبحت المرأة مرشحة للرئاسة، وفى أوروبا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتحكم فى دولة من أكبر الدول.
■ هل توجد أى عراقيل تقابل أعضاء المجلس الاستشارى العلمى للرئيس؟
- المشكلة الحقيقية التى تعرقل عملنا هى شكل التفكير سواء فى الهيئات الحكومية أو الشعب، والمشكلة ليست فى الرئاسة ولا فى الوزراء المشكلة فى الموظفين، فالبيروقراطية هى المتحكمة فينا وزادت فى مصر لدرجة كبيرة، والشىء المحزن أننا لا نصدق بعضنا البعض، ودائماً هناك شك كما لاحظت أن عامل الوقت لا يشكل أى أهمية فى مصر، الناس عايشة منذ عشرات السنين على هذا الروتين، لا بد من تنفيذ سياسة الثواب والعقاب.
■ ما القضايا التى طرحها المجلس الاستشارى على الرئيس؟ وهل تم تنفيذ توصياتكم؟
- التعليم هو أهم القضايا التى طرحناها ونتحدث فيه مع الرئيس بشكل مستمر، لأنه من دونه لن تقوم الدولة، ولكن نحن كمستشارين للرئيس تم تقسيم الاختصاصات فيما بيننا، على سبيل المثال يوجد ثلاثة مستشارين متخصصين فى مجال الهندسة لكن المتحدث بشكل دائم عن المشروعات الهندسية مع الرئيس هو الدكتور هانى عازر، وفى مجال التعليم أنا المتحدث مع الرئيس، وآراء التعليم الفنى تم تنفيذها، وبالفعل تم إنشاء مدارس للتعليم الفنى منذ عام، وبدأنا فى تطوير التعليم الجامعى لكنها سوف تأخذ وقتاً طويلاً لأن عدد الطلبة كبير جداً، واقترحت أن نطبق نقطة مهمة فى التعليم الألمانى وهى إلزام جميع الطلبة بتعلم مهنة بجانب الدراسة.
ولا بد من تغيير النظام المعمول به فى التعليم الجامعى، أنا طول عمرى فى التدريس الجامعى أقنع الطلاب بأن التعليم بالفهم وليس بالحفظ، ويجب تغيير المناهج وطرق التدريس، والآن نقوم على تطوير هذه المناهج، وقدمنا منحاً لمجموعة من المدرسين للسفر خارج مصر للاطلاع على تطوير التعليم، وأحضرنا خبراء أجانب لنقل تجربتهم للمدرسين المصريين.
■ هل يوجد منح من ألمانيا للطلبة المصريين؟
- ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، واليونيسكو، وهولندا، يقدمون منحاً ومساعدات فى التعليم الفنى والجامعى، وبدأنا تطبيق نظام الاعتمادات العالمية لكل جامعة، لتقييم جودة التعليم، منذ عام.
■ هل ترى أن الجامعات الخاصة فى مصر أصبحت الآن هى الأفضل فى التعليم؟
- أنا شخصياً مش مقتنع إن الجامعات الخاصة أفضل من الجامعات الحكومية، لأسباب كثيرة، أهمها عدد الطلبة فى «الخاصة» أقل بكثير من «الحكومية»، فعدد طلاب الجامعات الخاصة كلها فى مصر لا يتعدى 160 ألف طالب.
■ البعض يرون انخفاض دخل قناة السويس مؤشراً على فشل مشروع القناة الجديدة، فما رأيك؟
- دخل القناة انخفض بنسبة أكثر من 20%، لكن مشروع قناة السويس نجح بشكل كبير، وأنا أعتبره إنجازاً، والحقيقة دخل موانى العالم كلها انخفض بسبب سوء الأحوال الاقتصادية. ومعدلات العمل فى القناة وإنشاء الأنفاق خلال عام، إنجاز كبير، والشركات المنفذة عملت 23 ساعة فى اليوم.
■ خلال عامين، هل هناك مشاكل نجحت الحكومة فى حلها؟
- طبعا حلت العديد من المشاكل، أهمها مشاريع النقل والسكة الحديد وتجديد القطارات وتحديثها بالنظام التكنولوجى، وأنا متأكد أنه بعد سنتين سنرى التقدم فى مصر بشكل ملحوظ يلاحظه المواطن العادى.
وأرى أنه لا بد من إدخال تطور للمهندسين والعاملين فى الوزرات والمصانع وسوف نبدأ بوزارة النقل لأنه يوجد مهندسون يعملون منذ أكثر من عشرين عاماً دون تطوير أنفسهم.
■ هل ترى أن الوضع فى مصر بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو أصبح أسوأ أم أفضل؟
- الإجابة عن هذا السؤال، سهلة وصعبة، على سبيل المثال المريض بعد إجراء عملية جراحية صعبة يتم شفاؤه على مراحل حتى يسترد صحته بكاملها، هذا هو الوضع الآن فى مصر، مصر تتعافى الآن ولازم فى البداية نقابل صعوبة، وأطلب من الشعب المصرى أن يصبر ولا يوجد داعٍ للانتقادات بشكل مستمر، أيضاً لا بد أن نثق فى الشباب أكثر من ذلك.
■ هل ترى أنه كان من المفترض تأجيل المشاريع القومية التى قامت بها الحكومة وبهذه الأموال يتم تطوير التعليم والصحة؟
- بالعكس، هذه المشاريع كان لا بد من إقامتها، لأن تأجيل هذه المشاريع يرفع تكلفتها المستقبلية، فإذا أجلت الحكومة مشروع قناة السويس 10 سنوات، لم نكن نستطيع أن ننفذه بسبب التكلفة التى ستتضاعف، والشعب لا بد أن يعى أن السرعة فى تنفيذ المشاريع مهمة من الناحية الاقتصادية.