"المالية": إقامة شبكة للحماية الاجتماعية لمواجهة آثار ترشيد دعم الطاقة
أكد الدكتور المرسي السيد حجازي، وزير المالية، أن مبادرة الانطلاق الاقتصادي التي أطلقها الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، تتضمن العديد من إجراءات دعم الحماية الاجتماعية، التي ستستفيد بجزء كبير من الوفر المالي المتحقق من ترشيد دعم الطاقة، الذي تجاوز الإنفاق عليه بموازنة العام المالي الحالي أكثر من 25% من إجمالي مخصصات الموازنة العامة ومخصصات التعليم والصحة مجتمعين. جاء ذلك في كلمة الوزير في افتتاح ورشة عمل نظمتها وزارة المالية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة "يونيسيف" والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؛ لمناقشة السياسات المطروحة لربط سياسات ترشيد الدعم وإعادة هيكلته للتعامل مع الآثار السلبية، التي قد تتعرض لها الفئات الفقيرة وغير القادرة.
وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور محمد معيط مساعد وزير المالية، أن برامج الحماية الاجتماعية التي تتضمنها المبادرة، سواء زيادة عدد الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي أو زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والإسكان الاجتماعي وشبكات المياه والمواصلات العامة، ستبني شبكة من الحماية الاجتماعية سيكون لها أثر كبير في الحد من معدلات الفقر، وهو ما يتطلب إعادة صياغة سياسة الدعم وآلياته، التي لم تنجح عبر العقود الماضية في ضمان وصوله لمستحقيه وعدم تسربه للقادرين والأغنياء.
وقال حجازي إن أهم نقاط ضعف أنظمة الدعم المطبقة حاليا في مصر ودول الشرق الاوسط هي ارتفاع التكلفة الاقتصادية للدعم وانخفاض مردودها الاجتماعي في توفير الحماية والتنمية الاجتماعية المطلوبة لتخفيض معدلات الفقر في المجتمع، وذلك نتيجة لتسرب الدعم لغير مستحقيه.
ومن جانبه، أوضح فيليب دواميل، ممثل "يونيسيف" في القاهرة، أن الدراسات والأبحاث التي أجرتها المنظمة بالتعاون مع الحكومة المصرية أظهرت أن ثمانية ملايين طفل مصري يمثلون 26% من أطفال مصر يعانون من حدة آثار الفقر، وهو ما يظهر أهمية اتباع سياسات للحماية الاجتماعية تخفف من أي آثار سلبية قد تنتج عن ترشيد الدعم، خاصة دعم الطاقة التي لها ارتباطات بالعديد من أسعار السلع والخدمات، التي قد ترتفع أسعارها بسبب ذلك وخاصة على الأطفال. وأشار إلى أن "يونيسيف" تتابع باهتمام المناقشات الدائرة في المجتمع حول استراتيجية الحكومة الخاصة بترشيد الدعم وتطوير برامج الحماية الاجتماعية.
وأكد الدكتور محمد معيط، مساعد وزير المالية، أن الحكومة مهتمة بتعزيز التعاون مع "يونيسيف" للاستفادة من الخبرات الدولية في مجال إنشاء ودعم شبكات للحماية الاجتماعية، التي لا تقتصر فقط على منح معاشات للاأر الأكثر فقرا أو رفع قيم المعاشات المنخفضة في المجتمع، وإنما هي سياسة واسعة تعنى بالاستثمار في رأس المال البشري لمصر، خاصة الأطفال الذين يعدون ثروة مصر الحقيقية، حيث أن 40% من سكان مصر أطفال.
وقال معيط إن التعرف على التجارب الدولية وما يمكن أن تقدمه لتحسين أوضاع الفقراء في مصر يكتسب أهمية، خاصة مع بدء تطبيق الحكومة برنامجها للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، الذي يستهدف في الأجل القصير إلى جانب معالجة الاضطراب المالي في الموازنة العامة التركيز على اتباع سياسات مالية واجتماعية أكثر فاعلية، تسهم في خفض معدل الفقر إلى 20% من السكان بحلول عام 2016/2017.
وقالت راوية البطراوي، مستشار رئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء، إن ورشة العمل تناقش أثر الخيارات المختلفة لترشيد الدعم على أوضاع أفقر فقراء مصر وهم الأطفال، وذلك لمساعدة صانعي السياسة على اختيار ووضع السياسة المالية والاقتصادية التي تساعد على انتشال هؤلاء الفقراء وتحسين أوضاعهم المعيشية، مشيرة إلى أن الجهاز أجرى عددا من المسوحات والإحصاءات التي ساعدت على بناء مصفوفة من البيانات عن وضع جانبي العرض والطلب لكل السلع والخدمات في مصر، وهذه المصفوفة هي المدخل الأهم لمعرفة تأثير أي سياسة اقتصادية على أوضاع السكان في مصر.
وقدم خبراء من جامعة "لافال" الكندية؛ هما الدكتورة فيرونيكا روبي شود والدكتور لوكا بتريتي، عرضا لنموذج محاكاة اقتصادي لكيفية إعادة هيكلة الدعم، ليكون فى صالح التنمية الاجتماعية والبشرية وبناء نظام اجتماعي يتسم بالعدالة، تكون فيه الأسر الأَوْلَى بالرعاية والطفل محور الاهتمام.
وأشارت شود إلى أن "يونيسيف" تسعى لتطبيق هذا النموذج في مصر ثم الأردن، كما أن دولا أخرى بالشرق الأوسط مهتمة بهذه التجربة، مثل المغرب. وقالت إن تخفيض دعم أسعار الطاقة قد يكون له تأثير على عدد الوظائف الجديدة التي يولدها الاقتصاد، وأيضا على مستويات البطالة وعجز الموازنة العامة وعوائد الضرائب، ولذا فإن النموذج الاقتصادي الذي طورته يعطي إجابات عامة وبدائل مختلفة للسياسات التي يمكن اتباعها للتعامل مع ذلك.[Quote_1]
وحذر الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التموين السابق، من تأثير استخدام تخفيض فاتورة الدعم لتخفيض عجز الموازنة العامة، لافتا إلى أن ذلك قد يؤدي لحدوث انكماش اقتصادي، داعيا لإعادة ضخ الوفر المالي المتحقق من إجراءات ترشيد الدعم في برامج الحماية الاجتماعية.
ودعت الدكتورة كريمة كريم، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إلى تقديم قروض ميسرة لأصحاب سيارات التاكسي والنقل الجماعي لتحويلها للعمل بالغاز الطبيعي، قبل اتخاذ أي إجراءات لرفع أسعار البنزين، ودعت إلى إلغائه إذا تم تحويل أسطول النقل الجماعي للعمل بالغاز الطبيعي بالكامل.
وردا على هذا الرأي، أكد الدكتور معيط أن سياسات ترشيد الدعم تستهدف الحد من تسرب الدعم لغير مستحقيه، من خلال تقنين حصص محددة لاستهلاك الأفراد والأسر من الطاقة المدعمة، إلى جانب تطوير أساليب توصيل الدعم لمستحقيه، مؤكدا أن الإجراءات الحكومية لن تمس الدعم كسياسة، فهي مكون أساسي للسياسة المالية للدولة، ولكن ترشيدها حتى يمكن قصرها على الفئات المقصودة به من خلال نظام تعليمي وصحي وسكني ودعم مالي.