المحتكرون يسيطرون على السوق فى «الدقهلية» ورصيد مضارب الحكومة فى المخازن من الأرز «صفر»
![مضارب الأرز الحكومية فى انتظار توريد الفلاحين لمحصول الأرز](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/15804125821475950246.jpg)
مضارب الأرز الحكومية فى انتظار توريد الفلاحين لمحصول الأرز
تسبب ارتفاع أسعار الأرز الشعير فى إحجام الفلاحين عن بيع المحصول لمضارب الأرز الحكومية التى أصبح رصيدها فى المخازن «صفراً»، رغم تخصيص الحكومة مبلغ 4 مليارات جنيه لشراء الأرز منهم خلال موسم الحصاد.
وقال نسيم شوقى البلاسى، نقيب الفلاحين بالدقهلية، إن بيع السلع عملية عرض وطلب، وسعر طن الأرز الشعير فى السوق وصل إلى 3 آلاف جنيه، فى الوقت الذى حددت فيه الحكومة السعر فى مضاربها بـ 2200 جنيه، أى أقل من سعر السوق بنحو 800 جنيه، ما جعلها تفقد السيطرة على السوق نهائياً، لعدم وضوح السياسة الزراعية للدولة.
التجار رفعوا الأسعار 800 جنيه عن «الرسمى».. والفلاح امتنع عن البيع.. والمضارب: خسائرنا السنوية 25 مليون جنيه
وأضاف «البلاسى»: «المساحة المزروعة بالأرز هذا العام تزيد على 5 ملايين فدان، إلا أن الإنتاج انخفض بسبب المبيدات وأدوية الحشائش المغشوشة، التى تسببت فى تراجع إنتاجية الفدان إلى 3 أطنان فقط، فى حين وصل الإنتاج إلى 4 أطنان للفدان فى الأعوام الماضية»، مشيراً إلى أن الدولة لا يوجد لديها احتياطى من الأرز، ويتحكم فى السوق أباطرة ينتشرون فى المحافظات، وبعضهم يخزن كميات ضخمة فى القرى والمدن والمضارب الخاصة، فى الوقت الذى وقفت فيه الحكومة موقف المتفرج، ما جعل الفلاح لا يقترب من مضارب الأرز الحكومية، لأن السعر الذى وضعته بعيد عن آليات السوق.
وأكد أن بعض رجال الأعمال يتحكمون فى سوق الأرز، وأن الاحتكار يضاعف الأسعار، وبعض الفلاحين تمسك بمحصوله ورفض بيعه واحتفظ به فى منزله حتى تستقر الأسعار لأنه أولى بالزيادة، فى ظل ارتفاع تكلفة الزراعة، وما تم بيعه من محصول حتى الآن هو لفلاحين لديهم التزامات مالية يريدون سدادها وغير ذلك فمعظم الفلاحين يرفضون البيع.
وقال السيد عبدالباسط، فلاح، إنهم فرحوا قبل موسم الحصاد بالسعر الذى حددته الحكومة بـ2200 جنيه للطن، إلا أن الموسم فى بدايته شهد ارتفاعاً فى الأسعار ليزيد الطن بمقدار 100 جنيه يومياً، مضيفاً: «كل يوم نسمع عن أسعار جديدة ومع تمسك الفلاح بعدم البيع يزيد السعر أكثر، ونحن نراقب السوق ولا ندرى متى ستتوقف الزيادات».
وقال المهندس على عبدالخالق، مهندس زراعى، إن مصر لديها أكبر مساحة مزروعة من الأرز هذا العام، ولكن هناك مافيا تعمل على تهريب الأرز خارج البلاد للدول التى تُقبل على شرائه مثل ليبيا والسعودية، وإنتاجنا هذا العام يكفى مصر 3 سنوات مقبلة لولا التهريب، فهو سبب كل أزمة، متابعاً: «أباطرة التهريب معروفون ويمتلكون مضارب كبيرة فى عدد من المحافظات، فضلاً عن أن بعض الموظفين تركوا أعمالهم ودبروا مبالغ مالية للاتجار فى الأرز وبعضهم يعمل لحساب رجال أعمال يحتكرون الأرز ثم يعطّشون السوق، لضمان رفع السعر».
وأعرب إسماعيل الشرقاوى، رئيس اللجنة النقابية لشركة الدقهلية لمضارب الأرز، عن غضبه الشديد من السياسات الحكومية، التى جعلت الفلاحين يحجمون عن البيع للمضارب، وكانوا يصطفون فى طوابير أمامها، مضيفاً: «كل ذلك بسبب تلاعب المحتكرين فى السوق، علاوة على أن الفلاح وجد البديل وباع له الأرز بأسعار أعلى من التى حددتها الحكومة».
وتابع: «لو استمرت الحكومة فى سياستها سيستمر تهريب الأرز، وأنا عندى مضرب سعته التخزينية 45 ألف طن، ولم نشترِ سوى أقل من طن هذا العام تمثل حصة الدولة من هذه السوق الكبيرة، فهناك سماسرة يشترون الأرز لحساب رجال الأعمال ولا يحصلون سوى على 10 جنيهات عن كل طن».
وأوضح أن أخطر ما فى الأمر هو عدم مصداقية الحكومة بإغلاق المنافذ ومنع التصدير والتهريب، فى الوقت الذى تسمح فيه للمضارب الخاصة بسحب الإنتاج من السوق ثم السماح بالتصدير بعد ممارسة ضغوط من قبل رجال الأعمال، لافتاً إلى أن ظهور الأزمة رغم عدم انتهاء موسم الحصاد ينذر بكارثة لأنه لم يتم حصاد 50% من الأراضى المزروعة بالأرز.
واستطرد: «كمسئولين عن المضارب سيكون لنا تحرك إيجابى الأسبوع المقبل من موقف الحكومة، فنحن نخسر سنوياً 25 مليون جنيه والماكينات توقفت، والعمال يأخذون رواتبهم من البنوك دون إنتاج وبالتالى سيكون الإفلاس هو النهاية».
وقال منير السيد حسن، خبير مضارب الأرز ورئيس اتحاد المساهمين السابق لمضارب الدقهلية، إن هناك مؤامرة كبيرة على الدولة من القطاع الخاص، والحكومة عندما تضع تسعيرة لسلعة معينة يجب أن يلتزم بها القطاعان العام والخاص، وكان من نتائج ثورة يناير تخصيص الوزير الأسبق جودة عبدالخالق مليار جنيه لعمل مخزون استراتيجى.
وأضاف: «التصدير بالنسبة للقطاع الخاص هو الكعكة الكبرى، وينتظرونها من العام للعام ليحققوا مكاسب طائلة، والدولة فى الوقت الحالى فى أمس الحاجة لإحداث التوازن فى السوق بعد وصول سعر كيلو الأرز إلى 10 جنيهات لأول مرة فى التاريخ، لأن الحكومة تخلت عن تدبير المخزون الاستراتيجى للشركات الحكومية، وفى نفس الوقت سمح الوزير السابق بالتصدير، ما منح المحتكرين الفرصة للمزايدة على الأسعار التى حددتها الحكومة، على أمل فتح باب التصدير بعد ممارسة ضغوط على الحكومة، فأصبحت مخازن القطاع الخاص مكدسة بالأرز، ومخازن الحكومة خاوية على عروشها».
وأشار إلى أن شعبة تجارة الأرز بالغرفة التجارية قننت الاحتكار هذا العام عندما أعلنت فى سبتمبر الماضى الموافقة على تخزين الأرز، متابعاً: «لا نعرف مع من اتفقوا، وكيف أعطوا لأنفسهم الصلاحية الكاملة لتقنين الاحتكار والدولة وأجهزتها وشركاتها نائمة، وسط غياب الجهات المعنية عن حماية مصادر الأمن الغذائى من المحتكرين وبالتالى حماية الأمن القومى، فما يحدث مهزلة تتم بعلم وزارة التموين، والدولة أمامها خياران إما أن ترفع سعر الأرز أو أن تلاحق من يرفع السعر».