«قش الأرز» فى الدلتا: «الحرق على عينك يا بيئة»
«قش الأرز»
«سيف الحكومة» يعاقب المواطن.. ولا يقترب من الأزمة
هلَّ موسم الأرز، وهلَّت معه ليالى السواد والحرائق، التى تلتهم سماوات الدلتا، التى تسقط كل عام فى عتمة من الفشل الحكومى لمواجهة ما يسمى حرائق قش الأرز، فلا توجد مكافحة حقيقية ولا حلول حقيقية لأزمة تمتد جذورها لسنوات، فيصاب من يصاب بالأمراض، وتلتهب البيئة فى أقسى مواسمها، فيما تشهر الحكومة سلاح العقوبات فى وجه المخالفين، المجنى عليهم أصلاً والمأزومين بسبب تلال القش التى تحتلهم وحقولهم، ويلجأون بدورهم إلى الدولة بحثاً عن حل لديها فلا يجدون منها إلا «سيف الدولة» رادعاً لهم على تقصيرها هى، فتمتلئ بيوتهم وحقولهم بالقوارض والحشرات، كآثار مناسبة لموسم مهلك مفعم بالخسائر على كل المستويات. ولا عزاء بالطبع لأمنيات مثل تلك التى يبثها رئيس الإرشاد الزراعى من أنه «لو تم استخدام إجمالى كميات قش الأرز فهى تكفى لإنتاج أعلاف وأسمدة وتوفير مصادر طاقة بديلة لمصانع الأسمنت وتوفير مادة لتصنيع الورق، ما يمكن أن يوفر قيمة اقتصادية مضافة لمحصول الأرز تصل إلى 6.5 مليار جنيه سنوياً».. محض أمنيات لن تلتفت إليها الحكومة؛ لأنها غارقة فى البحث عن عقوبات وعن تشديد العقوبات بلا نتيجة حقيقية على الأرض، لكنها تخرج علينا بإعلانات توفير المكابس، فى حين يكذبها الأهالى والواقع، فلم تعلم الحكومة مثلاً أن هناك نقصاً شديداً فى المكابس بكثير من المحافظات، ولا تعلم أن خسائر مصر من جراء حرق قش الأرز بلغت 20 مليار دولار، بحسب أحد الباحثين بـ«القومى للبحوث»، ولا تعلم مثلاً أن آلافاً من أهالى دمياط اضطروا لترك منازلهم هرباً من السحابة السوداء والاختناق، فقاموا باستئجار مساكن لهم وأسرهم فى مناطق أخرى، حتى انتهاء الموسم الحزين..
«الوطن» ترصد المعاناة السنوية، ذات العرض المستمر، وحكايات الأهالى عن معاناتهم مع تصريحات المسئولين التى وصفوها بأنها «مجرد كلام»، غير أن مسئولى الحكومة يصرون على أن رصد المخالفين بالقمر الصناعى والتزام الفلاحين سوف يحدّ من الأزمة المستديمة.