«المركزى» يرفع الجنيه 7 قروش.. و«السوداء» تخسر 40 قرشاً
![البنك المركزى يجرى عدة إجراءات جديدة لمحاصرة السوق السوداء](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/1365438401458154102.jpg)
البنك المركزى يجرى عدة إجراءات جديدة لمحاصرة السوق السوداء
فى خطوة مفاجئة للسوق المحلية، قام البنك المركزى المصرى برفع سعر الجنيه 7 قروش دفعة واحدة بعد انخفاض قيمته مؤخراً، ليُسجل الدولار رسمياً فى البنوك 888 قرشاً مساء أمس، مقابل 895 قرشاً صباح أمس، وفى شركات الصرافة ينخفض رسمياً من 9 جنيهات إلى 893 قرشاً.
وواصل البنك المركزى إجراءاته التنظيمية أمس لسوق الصرف، بطرح 1.5 مليار دولار، بسعر منخفض بواقع 7 قروش للدولار، فى عطاء استثنائى لتغطية التسهيلات الائتمانية المؤقتة للمستوردين، بما يدعم تحقيق الاتزان النقدى وزيادة المعروض من العملة الصعبة فى الأسواق، ومواصلة ضرباته المتلاحقة للسوق السوداء.
وقالت مصادر مصرفية بالبنوك العاملة فى السوق المحلية إن «المركزى» طلب منها توفير بيانات متكاملة عن التسهيلات الائتمانية المؤقتة الممنوحة للعملاء على قوة عمليات استيرادية تمت فى وقت سابق، تمهيداً لتغطية تلك التسهيلات فى إطار العطاء الاستثنائى الذى قام به. وقال خبراء ومسئولون عن الاستثمار إن تحركات البنك المركزى إيجابية جداً، وتعمل على تهيئة المناخ للاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية من الخارج.
من جانبهم، كشف متعاملون على الدولار لـ«الوطن» أن سوق العملة السوداء أصيبت بـ«سكتة قلبية» أمس بعد تلقيها ضربات متتالية من إجراءات البنك المركزى الأخيرة، حيث وصل سعر شراء الدولار إلى 895 قرشاً، وهو السعر الرسمى لدى شركات الصرافة، فيما يقوم تجار العملة بالتخلص مما لديهم من النقد الأجنبى، بسعر يصل إلى 910 قروش، بانخفاض قدره 40 قرشاً عن تعاملات أمس الأول.
وأضافوا لـ«الوطن» أن هناك محاولات «مستميتة» من تجار العملة للتخلص من الدولار بأقل قدر من الخسائر، نظراً إلى أنهم اشتروه بسعر مرتفع يقترب من مستوى 10 جنيهات قبل أيام، لكن تحركات «المركزى» الأيام الماضية تزيد من مستوى الخسائر، عبر قيامه بتغطية الطلبات الموجودة فى السوق، وهو ما يُضعف الطلب على السوق السوداء.
وقالت مصادر مصرفية بارزة، إن تحركات «المركزى» الأخيرة سحبت قدراً كبيراً من السيولة الدولارية الموجودة فى يد المضاربين على العملة الأجنبية، فى سياق موازٍ لقيامه بتدبير العملة لتغطية طلب حقيقى داخل السوق بسعر أفضل للمستوردين، لافتة إلى أن الانخفاض جاء نتيجة تغطية قدر كبير من الطلب الموجود فى السوق المحلية.
وشدّدت المصادر على أن «المركزى» يحرص تماماً على امتصاص تأثير تحركاته الأخيرة بخفض قيمة الجنيه على أسعار السلع فى السوق، حيث إن قيام البنوك العامة بإصدار شهادات ادخار بالعملات المحلية والأجنبية بسعر عائد مرتفع جداً يعمل على سحب قدر كبير من السيولة المتاحة فى الأسواق، كما أنه من المتوقع أن تكون هناك إجراءات جديدة تتخذها لجنة السياسة النقدية مساء اليوم، بشأن سعر الفائدة، حيث إنه من المتوقع أن يتم رفعها بنحو 1%، وهو إجراء يُعد بمثابة إعلان الحرب على ارتفاع أسعار السلع «التضخم» والمساهمة فى السيطرة على السوق، مطالباً الجهات الحكومية بالتحرّك فى سياق موازٍ للبنك المركزى للسيطرة على السوق، بإحكام الرقابة وتطويع السياسة المالية لخدمة الهدف نفسه، وحماية المواطن البسيط من جشع التجار.
وأضافت المصادر أن تحركات «المركزى» الأخيرة لن تؤثر على أرصدة «الاحتياطى» بشكل كبير، فيما أشار مصدر من أحد البنوك المحلية إلى أنه من المحتمل أن تقوم البنوك المحلية بإيداع مبالغ تعادل قيمة العطاء الاستثنائى لدى «المركزى» لمدة عام.
وأكدت بسنت فهمى، عضو مجلس النواب، والخبيرة المصرفية، أن الإجراءات التى قام بها «المركزى» خلال اليومين الماضيين تأتى فى إطار خطة البنك المركزى لتصحيح اتجاه سعر الدولار إلى السعر العادل. وأضافت «فهمى» فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» أن تخفيض سعر الجنيه أمس الأول، ثم زيادته بنحو 7 قروش أمس، هى إجراءات منطقية للعمل على التخفيض التدريجى لسعر الدولار فى السوق، ليصل إلى قيمته الحقيقية دون زيادة أو دعم بشكل غير محسوب للجنيه، كما كان يفعل المحافظ السابق. وتوقعت «فهمى» اتجاه السوق إلى الاستقرار خلال الفترة القليلة المقبلة.
وعلى صعيد منفصل، توجهت غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، بنداء عاجل إلى مجلس الوزراء ووزير الصحة، لإعادة تسعير الأدوية، لانخفاض أسعار بيع بعض المستحضرات عن تكلفتها. وقال الدكتور أحمد العزبى، رئيس غرفة صناعة الدواء، فى مؤتمر صحفى، أمس، إن الانخفاضات المتتالية لقيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية أدت إلى اختفاء 1471 مستحضراً دوائياً، من بينها 366 مستحضراً ليس لها مثيل.
من جانبه، وصف أشرف الخولى، رئيس الجمعية المصرية لأبحاث الدواء «فارما»، قرار البنك المركزى، بتخفيض الجنيه أمام الدولار بقيمة 112 قرشاً من 7.83 إلى 8.95 جنيه بـ«الجيد المتأخر كثيراً».
وأوضح أن الشركات الأجنبية العاملة فى مصر، وبشكل خاص شركات الأدوية متعددة الجنسيات، التى تصل إلى 21 شركة، كانت عاجزة خلال الفترة الماضية عن تحويل أرباحها إلى الخارج، بسبب «شح الدولار» فى السوق الرسمية، وفى الوقت نفسه ترفض التعامل مع السوق السوداء، لذلك كانت تتغاضى عن تحويل الأرباح، أملاً فى تحسُّن الأوضاع.
فى السياق ذاته، قال محيى حافظ، رئيس لجنة الصحة باتحاد جمعيات المستوردين، إن قطاع الصناعات الدوائية فى مصر هو «المتضرر» من تخفيض قيمة العملة المحلية أمام الدولار. وأكد «حافظ» لـ«الوطن»، أن الشركات المصنّعة للدواء فى مصر، سواء الحكومية أو الخاصة، أو حتى الشركات الأجنبية تستورد ما لا يقل عن 85% من المواد الخام التى تُعد «عصب الصناعة»، ولا يمكن الاستغناء عنها مطلقاً، مما يعنى ارتفاع التكلفة على الشركات المصنعة بنسبة تخفيض العملة نفسها، التى لن تقل عن 15%.