.. انطلقت الشرارة الأولى لتظاهرات طلاب الجامعات فى أمريكا من «جامعة كولومبيا»، بعدها انتشرت فى عدد كبير من الجامعات فى معظم الولايات الأمريكية، الطلاب رفعوا شعارات مُعادية لإسرائيل وأدانوا المجازر الوحشية التى ارتكبها -وما زال يرتكبها- جيش الاحتلال فى حق المدنيين العُزل فى قطاع غزة، رفض الطلاب المُتظاهرون فى الجامعات سلوك إسرائيل واعتداءاتها على المستشفيات والأطفال والسيدات والمدارس والجامعات والمساجد، ورفضوا -أيضاً- إهدار القانون الدولى وعدم خضوع إسرائيل تحت طائلة القانون الدولى الإنسانى وعدم رضوخها لمحكمة العدل الدولية... التصعيد ينتشر ويتوغّل داخل كل الجامعات الأمريكية، الشباب الجامعى يعترض على الرئيس الأمريكى «جو بايدن» ودفاعه المُستميت عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة ويرفضوا الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل الذى قُدّر حتى الآن بما يقرُب من (٤٦) مليار دولار منذ أحداث (٧ أكتوبر الماضى)، انتقلت حالة الغضب إلى الرأى العام الأمريكى بسبب رفضهم زيادة الضرائب وتخصيص جزء كبير منها لدعم إسرائيل عسكرياً، فى ظل تنامى ارتفاع الأسعار بطريقة جنونية فى كل السلع والمنتجات خلال الستة أشهر الماضية.
أما فى إسرائيل فالوضع ليس أقل سخونة من أمريكا، الأحداث تسير بطريقة سريعة، فقد تزايدت حالة الغضب لدى الرأى العام الإسرائيلى بعد قيام كتائب عزالدين القسام -الجناح العسكرى لحركة حماس- بنشر فيديو لأحد الأسرى الإسرائيليين يطالب فيه بضرورة إتمام صفقة تبادل الأسرى، ويتهم «نتنياهو» وحكومته بعدم الاهتمام بحياة الأسرى وإهمال عودتهم وعدم الاكتراث بما يعانيه أهالى الأسرى.
وما زاد الأجواء اشتعالاً أن الأسير الإسرائيلى الذى ظهر فى الفيديو مُزدوج الجنسية ويحمل الجنسية الأمريكية أيضاً ووالدته سيدة مشهورة جداً فى أمريكا، وتردّدت كثيراً على البيت الأبيض، وتم تكريمها مرات كثيرة، وهو ما أثر على الرأى العام الأمريكى، وقامت جميع وسائل الإعلام الأمريكية بالتركيز على الفيديو، وطالبت الإدارة الأمريكية ببذل مزيد من الجهد لإتمام صفقة تبادل الأسرى بأى وسيلة وبكل الطُرُق المُمكنة، أما أهالى الأسرى فى إسرائيل فقد زادت تظاهراتهم انتشاراً، وأصبحوا دائمى الذهاب إلى منزل نتنياهو رئيس الوزراء فى القدس، وأيضاً ذهبوا إلى مقرات وزارة الدفاع وأمام مقر مجلس الحرب، وتعالت أصوات المعارضة فى الكنيست عن طريق زعيمها «يائير لابيد»، الذى طالب بضرورة إجراء انتخابات مُبكرة، وأيضاً يأتى ذلك مُتوافقاً مع رغبة «بينى جانتس وآيزنكوت» الوزيرين فى حكومة الحرب الإسرائيلية بضرورة إتمام صفقة تبادل الأسرى وضرورة استجابة الحكومة للرأى العام المُطالِب بإتمام الصفقة.
إذن طلاب الجامعات الأمريكان كان لهم دور كبير فى زيادة حالة الغضب داخل أمريكا ضد (بايدن ونتنياهو)، وهو ما انتقل إلى عدد من الدول الأوروبية، ومنها بريطانيا وفرنسا، العالم شاهد كيف تعاملت الحكومة الأمريكية مع التظاهرات داخل الحرم الجامعى، فقد تم استدعاء الشرطة، وتم اقتحام الجامعات، وهدم الخيام التى كان يعتصم فيها الطلاب واعتدوا عليهم وسحلوهم واعتقلوا بعضهم، وعلى ما يبدو فإن الديمقراطية الأمريكية فى محنة، والحكومة الأمريكية فى امتحان صعب، وكل المؤشرات تؤكد أنها ستفشل فيه، لأنها بذلك تقتل الحرية فى أمريكا وتُدنّسها وتدوس عليها. هتافات طلاب الجامعات فى أمريكا تؤكد أن أمريكا فى اختبار حقيقى، فهل ستنجح فيه أم لا؟، الواضح أن بعض الطلاب لا يسيرون خلف الإعلام الأمريكى المُوجّه والداعم لـ«بايدن»، ويبدو أن الطلاب الأمريكان سيُغيّرون المعادلة السياسية داخل أمريكا وسيكون لهم وزن كبير وثقل أكبر فى ما سيحدث من الآن وحتى نوفمبر القادم، وهو موعد الانتخابات الأمريكية.
أما نحن بالتأكيد فنؤيد موقف الطلاب الأمريكان وندعمهم ونُعلن مُساندتنا لهم ونهتف معهم ونقول: (يمين، شمال.. الحرية للطلاب الأمريكان).. يا قادة أمريكا (اتركوهم يتظاهرون ويعبّرون عن آرائهم، اتركوهم يمارسون حرية التعبير عن رأيهم يا من تُصدعون رؤوسنا باحترام الرأى والرأى الآخر والديمقراطية.
اتركوهم يتظاهرون لإنصاف العدل والدفاع عن الحق، فإنهم أبناؤكم وحاضركم ومستقبلكم وهُم على حق ولهم الحق ويدافعون عن الحق، اتركوهم يتظاهرون، وإلا فحاضركم فى خطر ومستقبلكم مجهول).