"الوطن" شاهد عيان علي ضبط شبكة اتجار في الأعضاء البشرية
كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة من صباح الثلاثاء الماضى حينما داهمت لجنة من وزارة الصحة برئاسة الدكتور صابر غنيم وكيل الوزارة أحد معامل التحاليل بمنشية عبدالمنعم رياض بشبرا الخيمة وذلك بعد ورود شكوى حول نشاط المعمل، الذى يديره طبيب «م. ف» وكرا لتجارة الأعضاء واستقبال البائعين من الفقراء والمشترين من مصر واليمن والسودان، حيث كشفت خيوطا كثيرة قادت هذا الطبيب للنيابة العامة.
الشكوى كان بطلها أو على الأصح ضحيتها محام من القاهرة «م. ا» يعانى من فشل كلوى؛ بدأت القصة عندما عرض عليه شخص -أثناء وجوده بأحد مقاهى شبرا- توفير كلية له عن طريق معمل «ص»، وحين توجه له أبدى الطبيب المشرف على المعمل استعداده لتوفير متبرعين بالكلى نظير 25 ألف جنيه للعملية، ووافق المحامى وبالفعل دفع المبلغ كاملا، وقام الطبيب بجلب المتبرع وهو عامل من قرية الحكامنة بمحافظة بنى سويف «ا. م»، ولكن العملية لم تجر فى الوقت المحدد لها حيث طلب الطبيب 20 ألف جنيه إضافية من المحامى مما دفع الأخير للشكوى لوزارة الصحة التى داهمت المعمل.
واكتشفت لجنة وزارة الصحة بالمعمل قاعدة بيانات تضم أسماء وبيانات بائعين لأعضائهم ومشترين وسماسرة ينتمى بعضهم إلى السودان واليمن، وتبين أن الطبيب أنشأ قاعدة بيانات البائعين عبر مجموعة سماسرة، 2 منهم من بنى سويف هما سيدة تدعى حكمت والآخر رجل يدعى العسال.
وأكد الدكتور صابر غنيم أن اللجنة التى توجهت للمعمل محل الشكوى، بعضوية الدكتورة نازك مصطفى من إدارة العلاج الحر ومحمد عامر وأيمن عبدالحميد محامى الإدارة وبالاشتراك مع مديرية الشئون الصحية بالقليوبية، قامت بمداهمة المعمل واكتشفت أنه قد سبق إغلاقه وتشميعه بالشمع الأحمر منذ 8 أشهر لعدم حصوله على ترخيص، إلا أن الطبيب المشرف على المعمل قام بفض الشمع الأحمر فى اليوم التالى لغلق المعمل، وهو ما يعد جريمة أخرى، وخلال التفتيش لم تجد لجنة الوزارة أية تجهيزات أو معدات تؤهل المعمل لاستقبال المرضى الراغبين فى الحصول على فحوصات طبية مختلفة.
وأكدت الدكتورة نازك مصطفى أن المعمل متعاقد مع عدد من المعامل الأخرى التى تقوم بإجراء الفحوصات للعينات التى تأخذها موظفة -غير مدربة- من المترددين على المعمل بالرغم من نص القانون صراحة على ضرورة إسناد مهمة الحصول على العينات للأطباء، وأكدت نازك أنه بتفتيش المعمل الذى يتكون من غرفتين ومطبخ عثر على دولاب يحتوى على صور وهويات وجوازات سفر لأجانب، فضلا عن سجلات أعدها الطبيب الذى يدير الوكر لكل حالة واسم السمسار المسئول عنه وفصيلة دم المتلقى والمبالغ المالية التى تلقاها المتبرع والتى تتراوح ما بين 7 و10 آلاف جنيه.
ووجدت اللجنة، التى داهمت الوكر، إيصالات أمانة للمتبرعين منها ما هو غير محدد القيمة أو ما يسمى «على بياض»، حصلت «الوطن» على صورة ضوئية لها، وأخرى محددة بتسعة آلاف جنيه، وأغلب الإيصالات تخص بائعى أعضائهم على نحو الدقة الذين يقوم الطبيب بإرغامهم على التوقيع عليها قبل البدء فى إجراء فحوصات توافق الكلى مع المتلقى ويدفع تكلفتها عادة المتلقى.
وأوضحت «نازك» أن فحص أوراق البائعين الذين يتعدى عددهم 100 شخص تبين أن أغلبهم من الشباب العاطلين عن العمل أو العمال الموسميين والحرفيين وأن أغلبهم ينتمى إلى محافظات الصعيد، كما وجد عدد من جوازات السفر لأشخاص من السودان واليمن، لافتة إلى أنه سيتم مخاطبة سفارات تلك الدول بالقاهرة للتأكد من صحتها وخلوها من التزوير، خاصة أنه تم ضبط العديد من جوازات السفر المزورة التى كانت تستخدم فى إجراء عمليات تجارة الأعضاء بين مصريين وأجانب.
وأشارت «نازك» إلى تضمن الملفات المضبوطة بطاقات شخصية لفتيات وسيدات تقدمن لإدارة العلاج الحر بوزارة الصحة بإقرارات تؤكد إقبالهن على التبرع كهبة دون مقابل، مشيرة إلى أن وجود أوراق ونوع فصيلة دماء ونتائج تحاليل الأنسجة لتلك السيدات يشير إلى قيامهم ببيع أعضائهم لصالح المتلقين. فيما أكد موظفو الإدارة المشاركون فى الحملة لـ«الوطن» أن المعمل عبارة عن سوبر ماركت لتجارة الأعضاء ومهمته هى إجراء خدمات لصالح الغير ويتخذ من النشاط الطبى ستارا لعمليات السمسرة وتجارة الأعضاء خاصة الكلى، لافتين إلى تعاون المعمل المشبوه مع عدد من المراكز الطبية التى سيتم وضعها تحت الرقابة اللصيقة لضبط المخالفات بها وإغلاقها تماما.
بينما أكد الدكتور صابر غنيم وكيل وزارة الصحة أن تحقيقات اللجنة كشفت حصول الشبكة على نحو 15 ألف جنيه فى العملية الواحدة بعد دفع أتعاب الطبيب الجراح ونصيب البائع، لافتا إلى أنه تم تحريز المضبوطات الموجودة بالمعمل وتسليمها للنيابة العامة للبدء فى التحقيق مع مدير المعمل بعد إلقاء القبض عليه وشركائه من السماسرة تمهيدا لمحاكمتهم، والاستفسار من نقابة الأطباء حول عضويته بها خاصة أن هناك عدد من القرائن التى تثبت انتحال مدير المعمل صفة الطبيب، فضلا عن وضع المعمل والقائمين عليه ضمن القائمة السوداء للمؤسسات التى تتاجر بالأعضاء.
وقال «غنيم» إنه سيتم إصدار قرار وزارى خلال الأسبوع القادم لتحديد قائمة المعامل التى يسمح فيها بإجراء تحاليل وفحوصات الأنسجة وأية تحاليل متعلقة بعمليات زراعة الأعضاء مع حظر التعامل مع أية معامل أخرى فضلا عن التشديد على عدم منح أية تراخيص لإجراء أية عمليات زراعة الأعضاء خارج المراكز المرخصة لنقل الأعضاء وعددها حاليا 14 مركزا والتى يوجد بها قائمة بالوزارة.