المستشارة نهى الزيني تطلق مبادرة لمواجهة الانقسام الوطني الحالي
المستشارة نهى الزيني تطلق مبادرة لمواجهة الانقسام الوطني الحالي
أصدرت المستشارة نهى الزيني مبادرة لرأب الصدع الذي حدث بين المصريين مؤخرا عقب الإعلان الدستوري الذي أصدره الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، والذي أعقبته اشتباكات في محافظات مصر بين متظاهرين من القوى المدنية وشباب جماعة الإخوان المسلمين، نتج عنها استشهاد الشاب إسلام مسعود بدمنهور، بالإضافة إلى حرق وإتلاف محتويات عدة مقرات للإخوان وحزب الحرية والعدالة بالمحافظات.
وحصلت "الوطن" على نسخة من المبادرة، وهذا نصها:
"إدراكا لخطورة اللحظة الحاسمة التي تمر بها مصر والتي أظهرت وجود انقسام حاد وعميق بين القوى السياسية أسفر عن نفسه بوضوح عشية إصدار رئيس الجمهورية ما أُطلق عليه إعلانا دستوريا مساء الخميس 22 نوفمبر، واستجابة لطلب كثير من الإخوة السياسيين اتصلوا بي لكي أعلن موقفي بصراحة، أود توضيح بعض الحقائق المتعلقة بالموقف وأتبعها بمقترح لحل الأزمة:
أولاً: إن العديد من القوى السياسية، ومنهم من يعتصم اليوم مطالبا بإسقاط الإعلان الدستوري، طالبت الرئيس مرسي مرارا ومنذ انتخابه بضرورة اتخاذ قرارات "ثورية" لإزالة المعوقات التي تحول دون تحقيق أهداف ثورة 25 يناير والقصاص لشهدائها ولمصابيها الأبرار والقضاء على دولة الظلم التي ما زالت متجذرة في مؤسسات الدولة تجهض كل محاولة للإصلاح وتتعاون مع رؤوس النظام المخلوع في الداخل والخارج للانقلاب على الشرعية ولإدخال الوطن في متاهات ولفتح الطريق لأعداء مصر لإحكام السيطرة عليها والتدخل في شؤونها.
ثانيا: إن رحيل النائب العام، المستشار عبدالمجيد محمود، كان مطلبا شعبيا وثوريا بلا جدال، وتعيين أحد رموز تيار استقلال القضاء مكانه كان حريا بأن يحوز أقصى درجات الرضا الشعبي لو رُوعيت الضوابط التي طالما طالب بها تيار الاستقلال ذاته، وأهمها أن يكون اختيار النائب العام بيد مجلس القضاء الأعلى المنوط به وحده النظر في أمور القضاة والهيئة القضائية دون تغول من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
ثالثا: إن المحصلة التشريعية والعملية لإلغاء ما سُمِّيَ بالإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة عشية الانتخابات الرئاسية وقوبل برفض شعبي عارم، ولحكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب أن تنتقل السلطة التشريعية إلى رئيس الجمهورية بشكل مؤقت حتى انتخاب برلمان جديد بعد الاستفتاء على الدستور، وهو الأمر الذي يعلمه الجميع، ووعد الرئيس حينها بألا يستخدمه إلا عند الضرورة وفي أضيق نطاق، ومن مقتضى ذلك أن تبقى أعماله التشريعية خاضعة لرقابة القضاء ولا يجوز تحصينها بأي شكل، ويكون المرجع في تكييفها القانوني كإعلانات دستورية أو مراسيم بقوانين خاضعة لرقابة القضاء الدستوري أو قرارات إدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري، أو باعتبارها من أعمال السيادة الخارجة بطبيعتها عن مجال الرقابة القضائية وبغير حاجة لنص تحصيني صريح، كل هذا يخضع لتقدير القضاء وحده ولا يجوز أن يتضمن أي عمل قانوني تصدره مؤسسة الرئاسة أو غيرها من المؤسسات الدستورية نصا بالتحصين من رقابة القضاء، وإلا ترتب على ذلك تدمير أساس دولة القانون التي قامت ثورة 25 يناير لتثبيت دعائمها.
رابعا: يجب الاعتراف بأن من حق رئيس الجمهورية، بل من واجبه، أن يلجأ لاتخاذ الإجراءات الضرورية والاستثنائية لحماية الوطن إذا ماهددت وحدته واستقراره مخاطر داخلية وخارجية لا تكفي لمواجهتها الإجراءات العادية، وهذا أمر معروف في الفقه الدستوري ومعمول به في كافة الدول، لكننا مع اعترافنا بخطورة المؤامرات التي تُحاك من بعض المحسوبين على النظام السابق الذين ما زالوا يشغلون مواقعهم داخل مؤسسات الدولة، وتنفيذهم لمخططات أعداء الوطن، فإن هناك من الخطوات ما كان ينبغي اتخاذها قبل اللجوء إلى إصدار هذه القرارات الاستثنائية في شكل إعلان دستوري، على غير التكييف القانوني السليم لها، وهو ما صدم القوى السياسية المحتقنة والمستَفَزَّة بفعل الصراعات داخل الجمعية التأسيسية وخارجها، وجعلها تتوحد على رفضها دون أن تعطي لنفسها الوقت لتدارسها برَوِيَّةٍ والنظر إلى ما هو صالح فيؤيدونه وما هو غير ذلك فيتم رفضه.
خامسا: كان يتعين على رئيس الجمهورية ألا يُصدر مثل هذه القرارات الخطيرة إلا بعد التشاور مع قوى المعارضة، وأن يقوم الرئيس بنفسه وليس عن طريق متحدثه الإعلامي بإلقاء خطاب سياسي شامل موجه للشعب كله وليس لأنصاره فقط متضمنا هذه القرارات ومبررات إصدارها والمخاطر التي قدر أنها تهدد الوطن والتي دفعته إلى اتخاذ هذه القرارات في هذا التوقيت بشفافية تامة تحترم إرادة الشعب وتمهد لتحول ديمقراطي، وكان حريا بذلك أن يحول دون انقسام القوى الثورية على نفسها بهذا الشكل وتسلل فلول النظام السابق حتى تصدَّر بعضهم المشهد المعارض ليتحدث بلسان الثورة في مفارقة سوداء تنبئ بخطر داهم".
وأضافت الزيني أنه "بناء على ما تقدم، فإنني أتقدم باقتراحات لحل الأزمة أرجو أن تتبناها مؤسسة الرئاسة والقوى السياسية الشريفة وتتلخص في النقاط الآتية:
أولا: تقوم القوى السياسية المعارضة بفض مؤقت للاعتصام بميدان التحرير وسائر الميادين وتأجيل مليونية الثلاثاء القادم إلى موعد لاحق لإفساح المجال لجهود حل الأزمة، وفي حال إصرار المعارضة على إنفاذ مليونيتها في موعدها يكون على المؤيدين تأجيل مليونيتهم لموعد آخر تجنبا لوقوع اشتباكات وترفعا عن أسلوب الاستعراض والمغالبة الذي لا يفيد في حل المشكلات بين أبناء الوطن الواحد.
ثانيا: يُصدر السيد رئيس الجمهورية قرارا فوريا بإيقاف تنفيذ، وليس بإلغاء، القرارات الصادرة منه يوم الخميس، على أن يحيلها للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إعمالا للمادة 66 من قانون مجلس الدولة؛ لدراستها على وجه السرعة وإبداء رأيها فيها، على أن يكون رأيها ملزما للجميع.
ثالثا: عرض القرار الخاص بتعيين نائب عام جديد على مجلس القضاء الأعلى لإعمال شؤونه فيه، على أن يلتزم جميع الأطراف بمن فيهم رئيس الجمهورية بما يتوصل إليه المجلس.
رابعا: يعقد رئيس الجمهورية اجتماعا أو أكثر مع زعماء قوى المعارضة لبحث الأمر ومناقشة التحديات والمخاطر التي تحيق بالوطن وسبل التعاون للخروج من الأزمة الحالية، على أن يتم ذلك بشفافية تامة وينقل الإعلام نتائج هذه الاجتماعات للشعب أولا بأول.
خامسا: يجب أن يتم كل هذا في إطار من الاعتراف بشرعية الرئيس المنتخب من الشعب وبحقه الدستوري في اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تحافظ على تماسك الدولة ومؤسساتها دون تفريط ودون استبداد".
وختمت المستشارة نهى الزيني مبادرتها داعية الله أن "يجعلنا ممن يدورون مع الحق أينما دار، وأن يوفقنا جميعا لخدمة بلدنا الحبيب وللحفاظ على عهدنا لشهداء ثورة 25 يناير بألا نضيع تضحياتهم في سبيل إرساء دولة الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية لكل أبناء هذا الشعب العريق".