حكايات من دفتر «الاختفاء القسرى»

كتب: كريم كيلانى

حكايات من دفتر «الاختفاء القسرى»

حكايات من دفتر «الاختفاء القسرى»

فى الوقت الذى كان المجلس القومى لحقوق الإنسان، يونيو الماضى، يدير جلسة استماع لأهالى عدد من مواطنين اختفوا قسرياً، فى محاولة منه لمعرفة أسباب وكواليس اختفاء 163 شخصاً منذ أبريل 2015، كان الشاب العشرينى مصطفى ماصونى يطوى سلالم عمارة فى شارع قصر العينى، بوسط القاهرة ليلاً، فى طريقه ليشترى طعاماً لأصدقائه، إلا أنه اختفى بعدها، دون رجعة، كأنه لم يكن موجوداً من قبل، صفحات التواصل الاجتماعى تداولت فى تدويناتها، أن مصطفى محمود أحمد على، وشهرته «ماصونى»، 26 سنة، اختفى ليلة 26 يونيو الماضى، من وسط المدينة، لمدة أسبوعين، وظل فى عداد المفقودين، إلى أن اتصلت إحدى الجهات الأمنية بمقر عمله، تخبرهم أن «ماصونى»، فى الأمن الوطنى، وأنها اتصلت لتتأكد من حقيقة عمله فى الشركة، لأنها تُجرى تحريات عنه.

بعد مطالعة صفحتيه على موقعى «فيس بوك» و«تويتر»، وتدوينات أصدقائه عنه، لا تجد ما يشير إلى اهتمامه بالشأن السياسى من قريب أو من بعيد، فأغلب تدويناته وتغريداته، لا تخرج عن سياق حبه للموسيقى والأفلام

تواردت بعد الحادث، أنباء غير رسمية على لسان شقيقته بأنهم علموا بوجوده فى مقر الأمن الوطنى فى لاظوغلى بالقاهرة، قبل أن يختفى بعد عيد الفطر من هناك، دون أن يُعرف له مكان، فيما نفت وزارة الداخلية وجود «ماصونى» لديها، مؤكدة أنه غير محتجز لدى أى من الأجهزة الأمنية، وغير مطلوب لديها.

يُعد الاختفاء القسرى الممنهج جريمة ضد الإنسانية، بحسب القانون الدولى، ووفقاً لنظام روما الأساسى، وتنص المادة (11) من الإعلان العالمى لحماية الأشخاص من الاختفاء القسرى، على أنه «لا بد من الإفراج عن الأشخاص المحرومين من حريتهم على نحو يتيح التحقق بصورة موثوق بها أنه أُفرِج عنه بشكل فعلى، وفى ظل أوضاع تكفل له سلامته البدنية وقدرته على ممارسة حقوقه ممارسة كاملة»، فيما يُعرّف القانون الدولى الإخفاء القسرى بأنه «اعتقال أو احتجاز أو اختطاف شخص، أو حرمانه من حريته بأى شكل آخر، من جانب موظفين فى الدولة أو أشخاص أو جماعات يعملون بتفويض الدولة أو دعمها أو موافقتها الضمنية، يعقبه رفض الإقرار بحرمان الشخص المختفى من حريته أو إخفاء مصيره أو مكانه، ما يضعه خارج حماية القانون».

وفى الدستور المصرى، تنص المادة (٥٤) على حماية الحرية الشخصية، والمادة (٥٥) على حماية حقوق المحتجزين، وهو ما أكده العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذى وقعت عليه مصر، فى مادته (٩) التى نصت على الحرية والأمان الشخصى.

الاختفاء تكرر مع العديد من المواطنين فى مختلف أنحاء الجمهورية، وتزايدت نسبته بعد أحداث 3 يوليو 2013، ففى شهر يناير 2013، رصدت منظمات حقوقية 41 حالة اختفاء قسرى، بينما رصدت فى فبراير 2015، 62 حالة، وفى مارس 60 حالة، وأبريل 114 حالة، ومايو 216 حالة وفى يونيو 82 حالة.

أشرف شحاتة، عضو حزب الدستور، اختفى قسرياً منذ سنة و10 شهور تقريباً، وما زال الحزب يطالب بالكشف عن مصيره بعد أن فشلت كل المحاولات القانونية للكشف عن مكانه أو إطلاق سراحه، أو تقديمه للمحاكمة ومواجهته بأى اتهامات فى حقه، بحسب «الدستور».

{long_qoute_1}

وكان السيد رأفت فيصل شحاتة، وشهرته «أشرف شحاتة»، وهو أب لثلاثة أبناء، ومحام وعضو مؤسس بحزب الدستور، اختفى هو الآخر قسرياً ظهر ١٣ يناير ٢٠١٤، بعد اختطافه من أمام مدرسة خاصة يملكها بطريق صفط اللبن بمنطقة كرداسة فى الجيزة، وكغيره فشلت كل المحاولات لمعرفة مصيره بالطرق الرسمية، حيث تم تقديم شكوى بواقعة اختفائه للمجلس القومى لحقوق الإنسان بتاريخ 29 يناير 2014، وتحرير محضر بالواقعة حمل رقم 115 لسنة 2014 إدارى مركز كرداسة بتاريخ 14 يناير 2014، ثم قدمت أسرته والحزب بلاغاً للنائب العام عن اختفائه، ولم تسهم أياً من تلك البلاغات فى الكشف عن مصير «شحاتة» المختفى قسرياً.

استطاعت زوجته الحصول على معلومات غير رسمية، عن احتجازه فى أحد مقرات الأمن الوطنى، دون أن تعرف الأسباب والدوافع التى أدت لاحتجازه، لكنها حصلت على وعود عديدة بإطلاق سراحه عقب انتهاء الدستور، ثم عقب الانتخابات الرئاسية، وأخيراً بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، آخر استحقاق فى خارطة الطريق.

{long_qoute_2}

يرى حزب الدستور، أن الاختفاء القسرى جريمة معادية للإنسانية، ومخالفة للدستور والقوانين والمعاهدات الدولية ولا يمكن أن تسقط بالتقادم، وسيظل مرتكبها عرضة للملاحقة القانونية، محملاً مسئولية سلامة «أشرف شحاتة» لرئيس الجمهورية ووزير الداخلية، ومطالباً بسرعة الكشف عن مصيره، أو إعلانه بالاتهامات الموجهة له والسماح له بالاتصال بمحاميه وتقديمه للمحاكمة، هو وغيره من المختفين قسرياً، لافتاً إلى أنه بموجب المواثيق الدولية، لا يمكن أبداً تبرير الإخفاء القسرى حتى فى أزمنة «الطوارئ».

{left_qoute_1}

المجلس القومى لحقوق الإنسان، كان قد شكل لجنة ضمن 4 من أعضاء المجلس، فى يونيو الماضى، وأعلن أن هناك 163 شخصاً، اختفوا قسرياً منذ أبريل الماضى، وأنه يخاطب النائب العام فى هذا الشأن، وكان المجلس تسلم 50 شكوى عن مواطنين مختفين قسرياً، ولم يستدل على أماكنهم، خلال جلسة استماع عقدها فى يونيو الماضى، مع أهاليهم لاستقبال شكاوى حالات الاختفاء القسرى ومتابعتها والتقصى بشأنها، لمخاطبة الجهات المعنية لإجلاء مصيرهم أو إدراجهم على قوائم «المختفين قسرياً».

والتقى وفد «القومى لحقوق الإنسان»، أهالى المختفين قسرياً من مختلف المحافظات بمقر المجلس، برئاسة ناصر أمين، مدير مكتب الشكاوى بالمجلس، وجورج إسحق، مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية، وكمال عباس، مقرر لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وراجية عمران عضو المجلس، وعدد من الباحثين.

«القومى لحقوق الإنسان»، قال فى تقريره عن حالات الاختفاء، إن عددها 163 حالة، بينها 66 اختفاء قسرياً، وفقاً للمعايير الدولية، و64 حالة احتجاز دون وجه حق، و31 حالة لم يتمكن من متابعتها، لافتاً إلى أن محافظة القاهرة جاءت فى المرتبة الأولى من حيث المختفين، بواقع 60 حالة، ثم كفر الشيخ 31 حالة، والجيزة 16 حالة.

ناصر أمين، المحامى الحقوقى وعضو القومى لحقوق الإنسان، قال إن الاختفاء القسرى مسئولية الدولة بشكل أساسى، وهى ظاهرة لا يمكن أن تحدث فى دولة بها قانون ودستور، مضيفاً: «وزارة الداخلية لا تعطى ردوداً رسمية فى هذا السياق، ومتابعة حالات الاختفاء القسرى لها قواعد بالغة التعقيد، فللتأكد من صحة الحالة، يفترض ملء استمارة تكشف المعلومات الكافية للحالة لاعتمادها كاختفاء قسرى، إلا أن الجهات المعنية والأجهزة المسئولة، تفرض حالة من التعتيم، فيما يتعلق بالمعلومات المتوفرة لديها عن الحالة، لذلك فإن المجلس يضطر لمخاطبة مكتب النائب العام بصفته المسئول الأول عن إجلاء مصير المختفين قسراً، ووزارة الداخلية بصفتها المسئول الثانى».

{left_qoute_2}

«أمين»، أوضح أن مكتب الشكاوى يستقبل فى الوقت الحالى، جميع الشكاوى من أهالى المختفين، لافتاً إلى أن الاختفاء القسرى مؤشر خطر على انحدار الأمن، وعلى الجهات الرسمية الالتزام بإخطار أهالى المتهمين فور القبض على أى شخص، وإعلام ذويه بالتهم الموجهة له مع إحالته للنيابة، لأن إلقاء القبض على الشخص دون عرضه على جهات التحقيق انتهاك للحق فى الحياة والحق فى الأمان الشخصى وفى محاكمة عادلة.

وأشار «أمين» إلى أن مكتب الشكاوى التابع لـ«القومى لحقوق الإنسان»، يعيد تصنيف الحالات وفقاً للمعايير الدولية للاختفاء القسرى، قبل عرضها على الجهات المختصة، ويتواصل مع الأهالى لبحث آخر المستجدات فيما يتعلق بمصير المختفين.

نشر «القومى لحقوق الإنسان»، آخر تقاريره عن الاختفاء فى 31 مايو 2015، مشيراً إلى أنه تحقق من 9 حالات إخفاء قسرى، دون أن يذكر ما إذا كانت النيابة تولت التحقيق فى أى منها.

وتضمن التقرير شهادة خالد عبدالحميد، أحد منسقى حملة «الحرية للجدعان» المعنية بالكشف عن حالات الاختفاء القسرى، خلال مشاركته فى جلسات الاستماع التى عقدها المجلس، وقال فيها إنه علم بأمر 39 حالة إضافية لم تكن منظمته قد وثقتها، معظمها فى أبريل ومايو 2015، وبعضها يرجع إلى توقيت عزل محمد مرسى، الرئيس الأسبق.

وفى 9 يونيو قال المجلس، فى بيان له، إنه سيراجع 55 حالة من حالات الإخفاء القسرى المزعوم، قدمتها إليه عائلات المختفين فى أحد الاجتماعات، وفى رسالة إلكترونية أرسلها لـمنظمة هيومن رايتس ووتش، الأمريكية، بتاريخ 9 يوليو، قال المجلس، إنه شكل لجنة للنظر فى شكاوى الإخفاء القسرى.

{long_qoute_3}

حملات عديدة دشنها عدد من المتابعين لقضية الاختفاء القسرى، على مواقع التواصل الاجتماعى، فى ظل قلة المعلومات الواردة من الجهات المسئولة عن مصير المختفين، منها حملة «أوقفوا الاختفاء القسرى» التى أعلنت عن توصلها لمعلومات فى 22 سبتمبر 2015 تفيد التحقيق مع 21 من المختفين قسرياً على ذمة القضية رقم 2015/8261 إدارى رمل ثان، ووجهت إليهم النيابة فيها اتهامات «تهريب مساجين من سجن برج العرب بالإسكندرية، والانضمام لجماعة إرهابية، وارتكاب أعمال شغب»، فى محضر حررته الشرطة بتاريخ 21 سبتمبر 2015، وأمرت النيابة بحبسهم 15 يوماً على ذمة القضية.

وتلقت الحملة شكاوى عديدة منذ انطلاقها فى اليوم العالمى لضحايا الاختفاء القسرى 30 أغسطس 2015، من ضمنها شكوى من أسرة إسلام خليل، مواليد 15 أغسطس 1989، مدير مبيعات، تفيد بمداهمة قوات الشرطة لمنزلهم وإلقاء القبض على إسلام السيد محفوظ خليل، وأخيه الأصغر نور خليل، ووالدهما السيد محفوظ خليل، فى 24 مايو 2015 فى الثانية والنصف بعد منتصف الليل، واحتجازهم بمقر أمنى فى محافظة الغربية، وبعد التحقيق مع «نور» ووالده أطلق سراحهما بعد اختطافهما بعدة أيام، حيث تركوا بأحد الطرق الزراعية بالمحافظة فيما استمر اختفاء «إسلام» لمدة 122 يوماً ليظهر مساء الثلاثاء على ذمة القضية السابقة المتعلقة بتهريب مساجين من سجن برج العرب بالإسكندرية، واتخذت الأسرة كافة الإجراءات القانونية التى تفيد اختفاء «إسلام» خلال تلك الفترة منها تقديم العديد من البلاغات.

وفى 23 سبتمبر استطاع «نور» زيارة أخيه «إسلام»، فى قسم شرطة ثان الرمل، وقال للحملة إن شقيقه وصف ما تعرض له داخل أماكن احتجازه منذ اختفائه فى مقر الأمن الوطنى فى طنطا، ما بين الزنزانة الانفرادية وجلسات التحقيق التى يتعرض فيها للصعق بالكهرباء والضرب، ثم ترحيله بعدها لمعسكر قوات الأمن المركزى فى طنطا حتى نهاية شهر يونيو، وخلال تلك الفترة، كانوا يستجوبونه عن أسماء لا يعرفها، وسط إصرار من المحققين على أنه يعرفهم.

ووصف «إسلام» لشقيقه مبنى «لاظوغلى»، حيث مقر الأمن الوطنى فى القاهرة، بأنه «الجحيم على الأرض»، قائلاً له: إنه خلال الفترة التى قضاها هناك، خرجت حالة وفاة نتيجة التعذيب الشديد دون أى رعاية صحية -وفقاً لتقارير الحملة- وتوفى شخص يدعى طارق خليل، 61 عاماً، وقبل وفاته بثلاثة أيام كان ينادى على العاملين بالمبنى دون استجابة من أحد، ليلقى حتفه بعدها فيما تلقت أسرته اتصالاً هاتفياً يفيد بأن عليهم الذهاب لمشرحة زينهم لاستلام جثمانه من هناك بتاريخ 28 يونيو 2015، وأكدت أسرته وجود آثار تعذيب واضحة على جسده، وآثار للصعق الكهربائى حول رقبته وكتفه وصدره وبطنه، وحتى الآن لم يخرج تقرير طبى رسمى يبين سبب الوفاة، رغم مطالبة الأسرة بفتح تحقيق فى الواقعة، وأشارت الحملة إلى أن أسرته قدمت شكاوى للنائب العام منذ لحظة اختفائه، لم تُنظر.

منظمة هيومن رايتس ووتش، الحقوقية الأمريكية، وثقت هى الأخرى فى تقاريرها نمطاً واضحاً من الإخفاق فى معرفة مصير المختفين قسرياً، ففى ثلاث حالات تحددت أماكن الأشخاص بعد أيام أو أسابيع، إما لإقرار سلطات الدولة فى النهاية باحتجازهم، أو بمشاهدة آخرين لهم وسط تحفظ رسمى، وفى ثلاث حالات أخرى تم العثور على أشخاص كان يسود اعتقاد بإخفائهم قسرياً من قبل قوات الأمن ووجودهم تحت التحفظ الرسمى، تم العثور عليهم موتى بعد فترة وكانت أماكنهم قبلها غير معلومة بحسب تقارير المنظمة.

وتضمن تقرير «هيومن رايتس» ما ذكرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهى منظمة مستقلة، من معلومات تفصيلية بشأن 14 شخصاً آخرين اختفوا بعد شهرين من إسقاط حكم الإخوان، ولم يظهر أى منهم بعدها، مع أن أسرهم حررت محاضر رسمية لدى الشرطة، وشكاوى أمام النيابة لم تحقق فيها، بحسب شهادة محمد لطفى، مؤسس المفوضية للمنظمة الأمريكية، كما تطرق التقرير إلى ما أعلنه فريق الأمم المتحدة العامل المعنى بالاختفاء القسرى فى تقرير سبتمبر 2014، عن أنه يراجع 52 قضية عالقة فى مصر، مبدياً قلقه من استمرار تدهور الوضع فيها، ما قد يسهل وقوع انتهاكات حقوقية متعددة، بما فى ذلك الإخفاء القسرى.

وحصلت «هيومن رايتس» وفقاً لتقريرها، على توثيق لـ14 من حالات الاختفاء التى حققت فيها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فضلاً عن قائمة حالات الإخفاء القسرى الـ163 المزعومة التى جمعها القومى لحقوق الإنسان وحملة «الحرية للجدعان»، و3 قوائم أخرى تضم نحو 786 شخصاً يزعم أنهم اختفوا قسرياً فى مارس وأبريل ومايو.

وأشار التقرير إلى أن أسماء خلف، طبيبة نساء بمستشفى جامعة أسيوط جنوب مصر، قال شقيقها، محمد خلف، لـ«هيومن رايتس»، إنها شوهدت للمرة الأخيرة تغادر سكن الطبيبات بالمستشفى فى السابعة والنصف صباح 18 أبريل 2014، ومنذ ذلك الوقت وهى مفقودة، مضيفاً: «كانت فى طريقها للسفر إلى منزلها فى سوهاج لقضاء الإجازة، وفى اليوم التالى حررنا محضراً بقسم شرطة أسيوط، ولم تقدم السلطات هناك أية معلومات عنها رداً على طلبنا الرسمى، مع أن بعض مسئولى الأمن أبلغونا بشكل غير رسمى أن جهاز الأمن الوطنى يحتجزها».

وقالت «هيومن رايتس»، إنها حصلت على نسخ من خطابات أرسلها محمد خلف ومحاميه إلى مسئولين حكوميين بشأن القضية، منها خطابات إلى رئيس نيابة أسيوط الكلية، وإلى النائب العام فى القاهرة، وإلى وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، وللرئيس المؤقت وقتها المستشار عدلى منصور، كما قال شقيقها للمنظمة، أرسل خطاباً إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان بعد اختفاء شقيقته لكنه لم يتلق رداً وقدم شكوى أخرى عند التقاء العائلات بالمجلس فى 9 يونيو 2015، واتصل بنقابة الأطباء، التى أرسلت بدورها طلب استعلام رسمياً لمكتب النائب العام، وأوضح أنه يعتقد أن شقيقته اعتقلت لأنها كانت متدينة وترتدى النقاب، وأن صحة والده تدهورت عقب اختفاء ابنته، وتوفى فى فبراير الماضى.

من جانبها، أعربت بعض الأحزاب عن تخوفات من زيادة ظاهرة اختفاء المواطنين قسرياً، مؤكدة أنها تنوى فتح ملف الاختفاء القسرى فى البرلمان، للكشف عن ملابساتها، والحد منها فى ظل تعارضها مع الاستقرار الأمنى والحرية فى مجتمع ما بعد ثورتين.

يقول مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى وعضو تحالف التيار الديمقراطى الذى يضم عدة أحزاب تتسم بطابع المعارضة الهادئة للنظام الحاكم، إن الأحزاب ستسعى لفتح قضية الاختفاء القسرى تحت قبة البرلمان، من خلال طلبات الإحاطة والاستجوابات، وإصدار تشريعات تُغلظ العقوبات على كل من يثبت فى حقه تلك الجرائم، مضيفاً: «دور الدولة أساسى فى حماية حقوق المواطنين والأفراد والمجموعات من الخطف والاختفاء وإهانة الكرامة الإنسانية، وهناك دور يقع على عاتق أجهزة الإعلام والأحزاب والقوى السياسية للكشف عمن يجرى اختفاؤهم والتعرف على مصيرهم وتقديم المتهمين للمحاكمة».

ويرى «الزاهد» أن سياسة الدولة الحالية التى تعتمد مبدأ الحرية مقابل الأمن، لن تفلح فى بناء الدولة أو الدفع بعجلة التنمية، متابعاً: «الحرب على الإرهاب يجب ألا تعطل مسيرة الدولة نحو الديمقراطية والأمن والعدالة، حتى لا تتعاقب الثورات والاضطرابات السياسية ويتحقق الاستقرار الفعلى الذى تنشده أغلب أطياف المجتمع».

الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، أكد انزعاجه البالغ من التقارير التى أعلنها المجلس القومى لحقوق الإنسان، عن استقباله 163 شكوى عن حالات إخفاء قسرى وغير قانونى على مستوى 22 محافظة، منها 66 حالة إخفاء قسرى مستمر وفقاً للمعايير الدولية، و64 حالة احتجاز دون وجه حق، قائلاً فى بيان سابق له: «نظام الشرعية فى أية دولة ديمقراطية يستند إلى احترام الدستور والقانون وصون حقوق وحريات المواطنين، وخاصة حريتهم الشخصية وحقهم فى الحياة، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون، وبناء على محاكمة عادلة، لذلك نناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بصفته مسئولاً عن احترام الدستور والقانون، الاطلاع على ما يتم من اختراق لهما».

وتابع الحزب: «إذا كان الشعب خرج فى ثورة ٢٥ يناير، للإطاحة بالفاشية ونظام الاستبداد والفساد وقهر الحرية ثم بثورة ٣٠ يونيو للإطاحة بالفاشية الدينية والاستبداد الدينى؛ فإن حزبنا يؤكد أن شرعية دولة ما بعد الثورتين تستند فقط إلى احترام إرادة الشعب فى الثورتين أى إرادته فى ضمان العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان».

جدير بالذكر، أن مصر طرف فى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذى يحظر الاحتجاز غير القانونى والتعسفى بموجب المادة 9، وهى تفرض التعويض أيضاً، كما أن مصر وفقاً لتقارير المنظمات الحقوقية، طرف فى الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب، الذى تعمل مبادئه وتوجيهاته المعنية بالحق فى المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية على إلزام سلطات الدولة بإخطار أقارب الشخص المحتجز أو أصدقائه، وعلى ضمان وصول المحتجز إلى التمثيل القانونى، وعرضه على قاضٍ لتحديد مشروعية الاحتجاز.

 


مواضيع متعلقة