"الإفتاء": فرض "داعش" الجزية على المسيحيين نهب وسرقة لأموالهم بالباطل
"الإفتاء": فرض "داعش" الجزية على المسيحيين نهب وسرقة لأموالهم بالباطل
الإفتاء - صورة أرشيفية
أكد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء، أن ما يقوم به تنظيم "داعش" الإرهابي من فرض لما يدعيه كذبا "بالجزية" على المواطنين المسيحيين في مدينة القريتين بريف حمص في سوريا، ما هو إلا نهب منظم وسرقة لأموال الناس بالباطل، ومحاولة دنيئة منه لشرعنة هذه السرقة.
وأوضح المرصد، في بيان، أن الدولة في شكلها الحديث تقوم على مبادئ المواطنة وسيادة القانون والعقد الاجتماعي، فلم تعد تفرق بين مسلم وغير مسلم، والجميع سواسية أمام القانون، وكذلك متساوون في الحقوق والواجبات، لذلك لا فرق بين مسلم وغيره في تحمل الأعباء أو نيل الحقوق، ومن ثم فلا يجوز فرض جزية على غير المسلمين بحجة حمايتهم أو احتفاظهم بدينهم، كما أنها لا تُكرهِ الناس على اعتناق دين بعينه مصداقا لقول الله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
أضاف أن مبدأ المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين متسق مع مقاصد الشريعة العليا، ولا يتعارض مع مبادئ الإسلام الحنيف في شيء، بل دعا الإسلام إلى ما تدعوا إليه المواطنة الحديثة وأكثر من حب للوطن وانتماء له والذود عنه والحفاظ على النسيج الوطني والاجتماعي وسلامته، مشددا على أن فرض الجزية على أهل الذمة في بعض الحقب التاريخية كان مقابلة حماية أرواحهم وأموالهم وتأمينهم على ذلك، وقد كان الصحابة عندما يخافون الخطر على أهل الذمة يردون إليهم ذمتهم.
وحذر المرصد من إيذاء أهل الكتاب ومنهم المسيحيين، مشيرا إلى أن الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان لأهل الكتاب وحسن معاملتهم، وتحرم الشريعة أشد التحريم ظلمهم والبغي عليهم، فقد حثّ على البر والقسط بأهل الكتاب الذين لا يعتدون على المسلمين لقوله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"، فالبر أعلى أنواع المعاملة، حيث أمر الله به في باب التعامل مع الوالدين، وهو الذي وضحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "البر حسن الخلق".
وأشار المرصد، إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حذر من ظلم أهل الذمة وانتقاص حقوقهم فقال: "من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة 40 عاما".
ونوّه المرصد بأن التيارات المتشددة وأصحاب الفتاوى التكفيرية يسعون دائما وأبدا إلى تأويل بغير ما تحتمل لتبرير ممارسات همجية وبربرية لا تمت لدين أو إنسانية بصلة، مؤكدا أن ما يفعله التنظيم الإرهابي من إجبار للمواطنين المسيحيين على دفع إتاوة، لضمان أمنهم وعدم الاعتداء عليهم هو بمثابة جريمة منظمة كتلك التي تقوم بها عصابات المخدرات والاتجار بالبشر، والتي تقوم بإجبار الناس على دفع إتاوات لضمان أمنهم وعدم الاعتداء عليهم.