بعد 20 شهرا من الحرب الأهلية.. ترحيب حذر باتفاق السلام في جنوب السودان
بعد 20 شهرا من الحرب الأهلية.. ترحيب حذر باتفاق السلام في جنوب السودان
أرشيفية
قوبل توقيع رئيس جنوب السودان سلفا كير، اتفاقا ينهي 20 شهرًا من الحرب الأهلية في البلاد، بترحيب حذر، اليوم، حيث ذكر دبلوماسيون ومنظمات غير حكومية، أن الشق الأصعب سيكون تطبيق النص الذي أبدى كير تحفظات عليه.
ودعت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، اليوم، الأطراف المتحاربين إلى الامتثال بدقة لبنوده وتطبيقها بصدق، وذلك بعد أن رحبت بهذا الاتفاق الذي يعد "خطوة أساسية في الجهود التي تهدف إلى إنهاء النزاع".
ووقع كير ونائبه السابق رياك مشار، الذي يقود حركة تمرد منذ ديسمبر 2013، سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار، التي انتهكت فور توقيعها بالأحرف الأولى.
وتحفظات كير الاربعاء على توقيع ما وصفه بأنه "سلام مفروض"، في خطاب اعتبر فيه التهديدات بالعقوبات "عمليات ترهيب"، وكذلك "تحفظاته الجدية" التي تقع في 12 صفحة سلمت إلى الوسطاء، أدت إلى إخماد حماسة كانت محدودة أصلا.
وقال كير، قبل أن يوقع الوثيقة: "السلام الذي نوقعه اليوم يتضمن الكثير من الأمور التي يجب أن نرفضها، وتجاهل مثل هذه التحفظات ليس في مصلحة سلام عادل ودائم".
وتنص الوثيقة على آلية لتقاسم السلطة مع المتمردين، وسحب الأسلحة من جوبا التي تسيطر عليها حاليا القوات الموالية لكير.
وأعلنت واشنطن عرابة استقلال جنوب السودان، أن الولايات المتحدة والأسرة الدولية لا تعترفان بأي تحفظات أو إضافة على الوثيقة.
ورفض كير توقيع الاتفاق في 17 أغسطس في أديس أبابا، مع انتهاء مهلة إنذار وجهته الأسرة الدولية المستاءة من المواقف المتقلبة، وسوء النية الظاهر للطرفين خلال 19 شهرا من المفاوضات العقيمة، فيما وقعه مشار، وأمهله الوسطاء في مجموعة دول شرق إفريقيا 15 يوما، حتى الأول سبتمبر لإجراء مشاورات، كما أمهل مجلس الأمن الدولي أمس، رئيس جنوب السودان، حتى الأول من سبتمبر، لإبداء تأييده الكامل لاتفاق السلام، وكان أعلن قبل يوم، أنه مستعد "للتحرك فورا" إذا لم يوقع كير الاتفاق.
وبعد اجتماع حول الأزمة في جنوب السودان، أعلن سفير نيجيريا جوي أوغوو رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، أن الدول الأعضاء أكدت استعدادها للتحرك فورا إذا لم يوقع الرئيس سلفا كير الاتفاق كما سبق ووعد، وأضاف السفير النيجيري "سنتحرك فورا إذا لم يوقع الاتفاق أو إذا وقع الاتفاق مع تحفظات".
وتقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار ينص على فرض حظر أسلحة وعقوبات على جنوب السودان ما لم يوقع كير الاتفاق، لكن روسيا والصين وعدد من الدول الإفريقية، تحفظوا على النص، وخصوصا ما يتعلق بالعقوبات التي ستفرض على الشخصيات التي تتهم بعرقلة الاتفاق، لذلك تعد الولايات المتحدة لائحة بأسماء الذين ستجمد ممتلكاتهم ويمنعون من السفر.
وقالت روسيا التي تشغل مقعدا دائما في المجلس، وتتمتع بذلك بحق النقض "فيتو"، إنه لن يكون هناك حاجة للقرار إذا وقع كير الاتفاق، فيما صرح مساعد السفير الروسي في الأمم المتحدة بيتر إيليشيف، "لا نحتاج إلى هذا القرار إذا تحقق الهدف الرئيسي منه".
ويفرض الاتفاق إعلان وقف دائم لإطلاق النار، بعد 72 ساعة من توقيعه، وهو يقضي بمنح المتمردين منصب نائب الرئيس، الذي يرغب مشار في العودة إليه بعد إقصائه منه في يوليو 2013، أي قبل 6 أشهر من اندلاع القتال، ويدعو الاتفاق الذي يهدف إلى وقف أشهر من العنف، إلى تشكيل لجنة للمصالحة ومحكمة لجرائم الحرب بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي.
وبدأت الحرب في جنوب السودان، في ديسمبر 2013، حين اتهم كير نائبه السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه، ما أثار موجة من أعمال العنف امتدت من جوبا إلى كل أنحاء البلاد، واتخذت أحيانا طابعا اتنيا وشهدت ممارسات وحشية، وتم إبرام 7 اتفاقات لوقف إطلاق النار، إلا أنها جميعها انهارت خلال أيام وأحيانا ساعات، في البلد الفتي الذي استقل عن السودان في 2011.
ويحتاج أكثر من 70% من سكان جنوب السودان (12 مليون نسمة) إلى مساعدات عاجلة، ونزح نحو 2.2 مليون من منازلهم، وفق الأمم المتحدة التي حذرت من أن بعض المناطق مهددة بالمجاعة.
وقالت الوكالات الإنسانية الرئيسية في جنوب السودان، التي تلتزم حذرا كبيرا، وتابعت اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، التي بقيت حبرا على ورق في بيان، أن اتفاق السلام "ليس سوى طريق طويل وصعب باتجاه السلام والمصالحة".
وقال مدير منظمة إنترناشيونال ريسكيو كوميتي رونالد بول فيو، إن أهمية اتفاق السلام هذا لن تحدد إلا بطريقة تطبيقه على الأرض، بينما رأى نظيره في منظمة كير جون هور، أن توقيع الاتفاق "نبأ سار"، لكن أهل جنوب السودان يحتاجون إلى أكثر من الكلام، وتقدمت باقتراح السلام دول السلطة الحكومية لتنمية شرق إفريقيا (إيجاد) والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والصين وبريطانيا والنرويج والولايات المتحدة.