أول دراسة رسمية: 30 مليون مواطن يستخدمون «التوك توك» يومياً

كتب: أيمن صالح

أول دراسة رسمية: 30 مليون مواطن يستخدمون «التوك توك» يومياً

أول دراسة رسمية: 30 مليون مواطن يستخدمون «التوك توك» يومياً


{long_qoute_1}

حصلت «الوطن» على نص أول دراسة اقتصادية رسمية حول «التوك توك» فى مصر، التى سيتم عرضها على الحكومة مطلع سبتمبر المقبل. وقالت الدراسة المعنونة بـ«التوك توك فرصة للتنمية» والتى أعدتها شركة N Gage Consulting للاستشارات الاقتصادية الحكومية، إن «التوك توك» قدم حلولاً عملية وغير مكلفة لعدد من المشكلات التى تعانى منها مصر، ووفر فرص عمل ومصدر دخل للعديد من المواطنين، وأسهم فى حل مشكلة المواصلات فى كثير من مناطق مصر وخاصة القرى والنجوع، بعد أن أصبح وسيلة المواصلات التى يعتمد عليها أكثر من 30 مليون مواطن يومياً.
وانتقدت الدراسة تجاهل الحكومة ترخيص «التوك توك»، دون تفسير أو سبب منطقى، بالرغم من أن قانون المرور رقم 121 لسنة 2008 وتعديلاته بقانون رقم 54 لسنة 2014 نص صراحة على ترخيص التوك توك؛ إضافة إلى أن كافة المصانع المصرح لها بالعمل فى تصنيع وتجميع التوك توك حصلت على موافقة كافة الجهات المعنية بالدولة، والتى من ضمنها الإدارة العامة للمرور. وقالت إن عدم ترخيصه أدى إلى تزايد أعداده بعيداً عن سيطرة الدولة، ما يمثل خطراً وأداة لتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية والإجرامية.
وأكدت الدراسة أن «التوك توك» ساهم فى حل العديد من المشاكل منذ دخوله مصر، وأتاح العديد من الفرص الاقتصادية والاجتماعية خاصة للطبقات الفقيرة التى تعجز الدولة عن توفير فرص عمل أو متطلبات الحياة الكريمة لهم، مشيرة إلى أن العديد من الدول، بينها البرازيل، والهند، وتايلاند وجنوب أفريقيا، تعاملت مع قضية «التوك توك» بنجاح، وتوصلت لحلول عملية لتنظيمه فى شوارعها بشكل يعظم الاستفادة فى خلق فرص عمل وحل مشاكل المواصلات. وأكدت أن هناك عدداً من الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وهولندا تستخدم التوك توك كوسيلة مواصلات وفى الجولات السياحية، كما هو الحال فى منتجع الجونة السياحى أحد أرقى المنتجعات السياحية فى مصر.
وحول الفوائد الاقتصادية لـ«التوك توك»، قالت الدراسة إنه يشكل حلاً سريعاً وغير مكلف لمشكلة البطالة، حيث يتميز بقدرته على التشغيل الكثيف وخلق فرص عمل دون الحاجة إلى جهود أو تكاليف من الدولة، مما يزيد قيمته فى ظل ارتفاع معدل البطالة، الذى وصل إلى 13.2% فى الربع الثالث من 2014، ما يفرض على الدولة توفير 700 ألف فرصة عمل سنوياً.{left_qoute_1}
وأكدت وجود ما لا يقل عن 500 ألف «توك توك»، ومع افتراض أن كلاً منها يعمل 3 ورديات فى اليوم، فهذا يعنى أن هناك 1.5 مليون شخص يعملون على «التوك توك»، إضافة إلى توفيره آلاف فرص عمل للتجار والفنيين وفنيى الصيانة وتجار قطع الغيار وغيره، مشيرة إلى أن «التوك توك» يوفر نحو 200 ألف فرصة عمل مباشرة سنوياً دون تحمل الحكومة أية أعباء اقتصادية أو مالية، حيث إن معدل مبيعات التوك توك السنوية ما بين 60 ألفاً إلى 65 ألف وحدة.
وأوضحت الدراسة أن «التوك توك» يوفر دخلاً شهرياً لمالكه وسائقه فى حدود 2000 جنيه، ما يعنى إجمالى دخل يصل إلى 3 مليارات جنيه شهرياً يتم توجيهها إلى الاقتصاد مرة أخرى من خلال الحصول على سلع وخدمات تسهم فى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة، بالإضافة إلى زيادة معدلات الطلب والاستهلاك مما يسهم فى تحفيز الاقتصاد.
كما يعد التوك توك أرخص وسيلة نقل مقارنة بالوسائل الأخرى والأقل استهلاكاً فى الوقود، ويدر إيراداً سنوياً للدولة يقدر بحجم الضرائب والجمارك المدفوعة على استيراده فقط بحوالى نصف مليار جنيه.
أما عن فوائده الاجتماعية، قالت الدراسة إنه وسيلة نقل أساسية فى المناطق النائية والقرى والنجوع فى ظل عدم اكتمال شبكة المواصلات العامة، وعدم توافر أية وسائل مواصلات فى الكثير من المناطق، ويسيطر كوسيلة نقل على العشوائيات، حيث إن الشوارع وعرة وضيقة جداً ولا تسمح بمرور السيارات أو أية وسيلة نقل أخرى، ويستخدمه تقريباً 30 مليون مواطن يومياً نظراً لعدم وجود بدائل أخرى، كما يمثل مصدر دخل لحوالى 6 ملايين مواطن، إذ يستفيد من التوك التوك حوالى 6 ملايين مواطن من ملاك وسائقين وأسرهم، هذا بخلاف آلاف المواطنين المستفيدين من التوك توك بطريق غير مباشر مثل التجار والفنيين وأسرهم.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة البدء الفورى فى تعميم ترخيص التوك توك على مستوى الجمهورية، لتغيير نظرة المجتمع السلبية وخاصة بين الطبقات الاجتماعية الأكثر دخلاً لسائقيه ومستخدميه، وتغيير نظرة الدولة إليهم من فئة خارجة على القانون إلى فئة من المواطنين قررت الاعتماد على نفسها فى إيجاد فرصة عمل ودخل مناسب بدلاً من انتظار توفير فرص عمل عن طريق الدولة.
ورصدت الدراسة أهم المشاكل التى تثنى أصحاب التوك توك عن الترخيص، وهى ارتفاع التكلفة التى تتراوح من 1000-1500 جنيه، مما يعتبر عبئاً كبيراً على أصحاب التوك توك، حيث يكون أغلبهم من محدودى الدخل وخاصة فى الأقاليم، إضافة لاشتراط وجود الفاتورة الضريبية للترخيص فى حالة التوك توك المستعمل، فى حين أن الكثير من الوحدات قد تم شراؤها منذ سنوات وإعادة بيعها بطرق غير رسمية، بجانب حظر إعادة بيع التوك توك لأى شخص خارج محافظة الترخيص، والمبالغة فى تقدير قيمة المخالفات والغرامات عند تجديد الترخيص، والنظرة السلبية لدى وزارة الداخلية للتوك توك وسائقيه، التى تصل فى كثير من الأحيان للاضطهاد والتعنت.
وأوصت الدراسة بتعميم ترخيص التوك توك، باعتباره خطوة جادة لدمج 1.5 مليون مواطن فى الاقتصاد الرسمى، ستسهم فى توفير عائد مادى كبير لخزينة الدولة. واقترحت تخفيض رسوم الترخيص، قائلة إنه حالة فرض 500 جنيه رسوم ترخيص (نصف القيمة المفروضة حالياً) على كل «توك توك» شهرياً، فإن ذلك سيدر نحو 250 مليون جنيه سنوياً؛ بخلاف العائد من الزيادة المتوقعة فى الرسوم الجمركية على قطع الغيار وضرائب الدخل على ملاك التوك توك، إضافة إلى أن استخدام التوك توك كوسيلة نقل رئيسية فى مجتمعات عمرانية جديدة والمناطق النائية والوعرة يعد الأقل تكلفة على المواطنين وأقل استهلاكاً للبنزين، وبالتالى يعد من أقل وسائل النقل فى نسبة الانبعاثات وتلويث البيئة.
وأضافت الدراسة أن أهم الفوائد الاجتماعية لتقنين أوضاع التوك توك هى تأمين مصدر دخل لملايين المواطنين، محذرة من أن عدم ترخيصه يعد تهديداً مباشراً للأمن القومى، خاصة أنه ليس هناك بديل آخر لتعويض الملايين من المواطنين وعائلاتهم ممن يعتمدون عليه كمصدر دخل ورزق، ما سيؤدى إلى وجود حالة من الاحتقان والمصادمات بين سائقى وملاك التوك توك والأجهزة المعنية، فضلاً عن اللجوء إلى الأعمال الخارجة عن القانون بحثاً عن مصدر رزق آخر.
وتابعت أن الفوائد الأمنية للترخيص، تتمثل فى منح وزارة الداخلية الرؤية والمعلومات اللازمة للسيطرة على التوك توك، ومحاسبة القلة الخارجة عن القانون من السائقين وتحديد خطوط سيره، ومحاسبة سائقى التوك التوك غير الملتزمين، الذين يدعمون العمليات الإرهابية، مع تطبيق كافة العقوبات والغرامات التى أقرها قانون المرور رقم 121 لسنة 2008، فضلاً عن تقليل الأعباء على جهاز الشرطة فى مواجهة الخارجين على القانون وتقليل نسبة الجريمة فى المجتمع بشكل عام وتقليل الأعباء الناتجة من مواجهة هذه الأعداد غير المرخصة من التوك توك.
وفيما يخص آليات ترخيص وتقنين التوك توك، اقترحت الدراسة التنسيق الكامل بين إدارة المرور والشركات المصنعة، وتوفير أو تخصيص وحدة مرور فى كل محافظة مخصصة لترخيص التوك التوك بإجمالى عدد 28 وحدة على مستوى الجمهورية.
وشددت الدراسة على ضرورة قيام مندوب الشركة المصنعة فى كل محافظة بتسليم بيان بأرقام الشاسيهات المبيعة لوحدات المرور بشكل أسبوعى، كذلك التواصل والتنسيق مع وزارة الداخلية وإدارة المرور لاقتراح تعديل تشريعى أن يتم التفريق بين معاملة التوك توك وسيارات الأجرة، حيث إنه ليس من العدل أن يعامل التوك توك نفس معاملة سيارات الأجرة نظراً لفرق السعر الكبير بينهما، ولاستهدافهم فئات مختلفة من المجتمع، على أن يتم تخفيض سن السماح بقيادة التوك توك من 21 إلى 18 سنة، مع تحديد خطوط سير للتوك توك بالتنسيق بين وزارة الداخلية والمحافظات، وإطلاق حملات توعية للسائقين بمساندة الشركات المصنعة، وربط تفعيل الضمان بالترخيص لتشجيع وتحفيز ملاك التوك توك على ترخيصه.


مواضيع متعلقة