الهوى يدفع بصاحبه إلى نار التحيز فيرى الشر خيراً ويرى الخير شراً من زاوية مصلحته، فما بالك لو كان هذا التحيز أعمى يرتدى عصابة «الجماعة» ويؤمن بدين التنظيم وينقصه فقط مأمأة الخراف؟! كنت أتمنى الرد بملاحظات مهنية فقط إذا كان الأمر يتعلق بالمهنة، لكن المسألة تجاوزتها إلى الأكاذيب، فهذا الموقع المسمى «ساسة بوست» الذى يحاول جاهداً إخفاء إخوانيته وينقص كتّابه فقط أن يذيّلوا مقالاتهم وموضوعاتهم وتراجمهم بـ«أنا مش إخوان» لكى تصدق ما يكتبون ولا تصنفهم ولا تبحث عما يراد لك من قراءة المادة المكتوبة رغم أن بعض ما ينشرون جيد من ناحية التناول لكن يغلب الهوى والتحيز فتخرج تسب وتلعن لىّ الكلام ونزع الاقتباسات من السياق وتلوين الدراسات والتراجم إضافة إلى انحيازات الاختيارات لقصصهم وملفاتهم التى لا يخطئها المهنى، منذ عدة أيام كتبت إحدى صغيرات الموقع عما صدّرته كفتح عظيم هداها إليه هواها وغرضها الذى بدا من اعتماد وجهة نظر معينة من العنوان حتى خاتمة الموضوع «لماذا حذفت الصحف المصرية أرشيفها عن الثورة؟ سيناريو الداخلية فى عداء الذاكرة»، الصغيرة فى المهنة كتبت أن استخلاصها جاء من تصفح للويكيبيديا «الموسوعة الحرة»، الصغيرة لم تتعلم أن «الويكيبيديا» ليست إلا بركة تستقبل أى شىء بما فى ذلك الأساطير والدعايات وغيرها، بركة تلقى فيها قاذورات الأفكار، وتتشوه فيها الحقائق، وتنقلب فيها الوقائع، وتتبدل فيها المواقف ويصبح البطل نكرة والنكرة بطلاً، تتحول من يوم ليوم ومن ليلة إلى أخرى ومن غرض إلى غرض لتناسب مضيف المعلومة ومراميه من الإضافة والنشر. النظارة الإخوانية غلبت الرؤية فلازمتها بغباء سذاجة الطرح، المحررة بدأت قطعتها بـ«لماذا؟» مستهلة قصتها باليقين بأن الصحف المصرية فعلت ذلك لكى تلطم مع إخوانها، فما أسهل أن تضع الجميع فى سلال الأشرار والمتآمرين كما يفعل الخراف والمهاويس على الطرفين دائماً.
الأكاذيب تستمر فى سطور القطعة المكتوبة التى تبدأ بمقدمة فخيمة منحازة بأن المنتصر الذى يكتب التاريخ للإشارة إلى أن حذف «25 يناير» جاء من هذا المنتصر، الاتهامات التى كالتها لصحف «الوطن والمصرى اليوم والشروق والدستور» وغيرها تراوحت بين العمدية والتخاذل، ولكننى أراها أكثر مما ذكرت، فهى مسّت شرف المهنة والضمير، فالتدليس كرّسته فى قطعتها التى تجسد فيه سطحية الطاعة والتنازل عن معايير الدقة والصدقية لتصنع وهماً من خيال مريض استند إلى موسوعة تستطيع أن تكتب فيها أن شعبان عبدالرحيم هو «موحد القطرين»..!
هنا سأتحدث عن جريدتى «الوطن» و«المصرى اليوم» فالأولى هى بيتى والثانية بيتى الأول، فـ«الوطن» ظهرت بعد ثورة يناير ومن ثم فأرشيفها هو أرشيف تال لأيام الثورة، لكنها كانت أكثر صحيفة نشرت ملفات فى ذكرى ثورة يناير على مدار ثلاث سنوات كان آخرها انفراد الزميل الوليد إسماعيل بأوراق أمن الدولة التى تحكى تفاصيل مخيفة عن يناير تضمنت يوميات للثورة وتفاصيل تُنشر لأول مرة وتحكى كيف هزم المصريون نظام مبارك القمعى؟ وقبلها انفرادات لن تكفيها الصفحات عن يناير بالتأكيد غضّت الصغيرة عنها الطرف، إيمانا بقاعدة موقعها «لا نرى سوى من غربال الإخوان» الذى قسمناه إلى «سمبوكسات» البنا وتخاريف المرشد فهى عين الحياة.
أما «المصرى اليوم» فقد كنت أحد صنّاعها وشاهداً على ما فعلته فى يناير وما بعدها، ومنذ رحيلى عن الجريدة لم أر من الزملاء، وتحديداً فى الموقع الإلكترونى، تقصيراً فى هذا الجانب، بل إن ملفهم الأخير عن الثورة كان مليئاً بما أدهشنا وأمتعنا جميعاً، فلتعد الصغيرة ومَن وراءها إلى الأرشيف الحقيقى وليس أرشيفها الوهمى على موسوعتها التى أشعر بأنها مصدرها الوحيد وهو ما يبدو مسلك الجميع فى الموقع، ولتبحث هذه الصغيرة مرة أخرى إذا أرادت الحقيقة عن «قناصة الداخلية - المصرى اليوم» وكذلك: «المصرى اليوم» تكشف القصة الكاملة لهروب عناصر حماس وحزب الله من سجن المرج.. على العموم أرى أن تغير «ساسة بوست» اسمها إلى «إخوان بوست» لأنه سيكون مفيداً، وإذا لم يكن من بين كتّابه إخوان فعليهم أن يعرفوا أننا نرى رائحة الإخوان فى الحروف والكلمات والسطور، أيتها الصغيرة وأيها الصغار «لا تنعتوا الشرفاء بالباطل ولا تدفعكم إخوانيتكم الجاهلة إلى رمى الناس بالشر». الحمد لله الذى رحمنا منكم وأعاننا على المتطرفين الذين يشابهونكم على الجهة الأخرى!!