«الوطن» مع «الشقيانين» فى رمضان الفطار فى الشغل والسحور فى البيت
الجميع يهرول فى الشوارع للحاق بموعد الإفطار، مع العائلة واللمة، بينما ينظر «كريم رمضان» العامل بمحطة الوقود بشارع أبى قير، ويتمنى أن يترك عمله للحاق بإفطار العائلة الذى يكون له مذاق خاص، إلا أن عمله طوال نهار رمضان ووقت الإفطار لا يسمح له بإفطار العائلة سوى يوم واحد فى الأسبوع، مثله كغيره ممن هم أصحاب المهن التى يتمنى أصحابها أن يغير رمضان يومهم الروتينى ولكن طبيعة العمل تحول دون ذلك.
يبدأ «كريم» عمله من الساعة 10 صباحاً، وسط ارتفاع حرارة الشمس، وزحام العمل، الذى لا يتوقف طوال النهار، ومع اقتراب موعد الإفطار، لا يتسنى له سوى التفكير فى عائلته.
يقول كريم رمضان: «بشتغل طول نهار رمضان فى الحر والعطش والجوع، وطبعاً زحمة الشغل، اللى بتزيد وقت خروج الموظفين من أشغالهم لحد وقت قبل الفطار».
وتابع: «شغلنا متعب جداً فى الأيام العادية، ظروف العمل فى الحر من غير أكل وشرب، ونرفزة الناس، محدش بيحس بينا غير اللى بيشتغل نفس الشغل بتاعنا».
وأضاف: «كعاملين فى محطة البنزين بنفطر كل يوم مع بعض، وكل واحد بيكون مشتاق للمة العيلة، يقعد وسط عياله، ويدوق طعم رمضان». وفى بقعة أخرى يفترش العشرات من العاملين الرصيف، يظهر على هيئتهم الإرهاق والتعب والجوع والفقر، لا يملكون سوى «شاكوش وأجنة وأزميل ومسامير»، و«شوية صحة»، ذلك هو المشهد المعتاد لعمال البناء فى الأيام العادية، إلا أنه يزداد بؤساً فى نهار رمضان.
بينما ينتظر كل عامل أن يأتى «الزبون المجهول» لكى يعمل فى عز الحر، لتكسير حائط، أو رفع بعض مواد البناء إلى أدوار عالية، لكى يحصل فقط على «لقمة عيش» تكفى حاجته وحاجة أسرته وقت الإفطار.
يقول أحمد الصعيدى، أحد عمال البناء بمنطقة العجمى غرب الإسكندرية: «رمضان الشغل فيه صعب، صيام وحر وجوع، وقلق عشان تجيب مصاريف البيت وقت الفطار، عشان تسد جوع العيال».
وتابع «الصعيدى»: «فى رمضان بنرضى بأى شغل وبأى سعر، عشان محدش يعرف معنى الجوع وقت الفطار إلا اللى مجربه، كل الناس بتنتظر وقت أذان المغرب عشان الفطار، إلا إحنا ممكن نستنى العِشا عشان نفطر، على حسب الرزق».
وأضاف: «شغلة البناء صعبة أوى، مفيش فيها غير شقى من غير حساب، الصحة بتضيع على كام جنيه، ونشتغل طول النهار فى الشمس والجوع».
وبجوار أحد أسوار مدرسة فى منطقة محرم وسط الإسكندرية، يجلس عماد شريف، القرفصاء، انتظاراً لطلب أى شخص له ليقوم بحمل أى «مثقلات» لينقلها من مكان لآخر مقابل حفنة من الجنيهات، إذ هكذا يأمن «الشيالين» مصاريف اليوم لهم ولأسرهم.
ويقول «عماد»: «على الرغم من مشقة العمل فى الصيام والجوع والحر، إلا إنى ماقدرش آخد إجازة فى نهار رمضان، لأن اليوم اللى مايجيش حد يطلب منى شغل بنبات من غير عشا أنا وعيالى».
ويضيف الشيال: «أنا فى الشغلانة دى بقالى حوالى 13 سنة، وسنى وصل 57 سنة، ومابقتش قادر أستحمل الجوع فى الصيام مع الحر، وبرضو ماقدرش ماشتغلش علشان العيال هيموتوا من الجوع».
فيما يقول علاء زيزو، عامل نظافة فى منطقة سبورتنج وسط المدينة، بصوت منهك: «شغلى بيبدأ الساعة 8 صباحاً كل يوم، يعنى يادوب ألحق أنام ساعتين بعد السحور، وأفضل شغال أشغال شاقة لمدة 12 ساعة، فى القمامة والتراب والحر والعرق، وحتى الفطار ببقى لوحدى من غير حد من أهلى».
ومن مخلفات سطح الأرض إلى باطنها، التى يرى «عمر الشامى» عامل الصرف الصحى، الأمرين فيها، فينتقل بين مواسير وبالوعات الصرف بحثاً عن الانسداد الذى يتسبب فى إغراق الشوارع شرق المدينة.
ويقول «الشامى»: إحنا الشقيانين فى نهار رمضان، محدش بيحس بينا غير ربنا، وماينبناش فى الآخر إلا الحر والصيام والأجرة الزهيدة، وبنضطر لمزاولة أعمالنا الشاقة أثناء ساعات الصيام لتأمين احتياجات أبنائنا».