"الوطن" ترصد "تفاصيل الموت" فى حريق مستشفى صيدناوى
شيّع أهالى الزقازيق، أمس، ممرضتين استشهدتا فى الحريق الذى شب بمستشفى صيدناوى، بمستشفيات جامعة الزقازيق، بعد أن رفضتا ترك مريضين أثناء إجراء عمليات جراحية لهما وحاولتا إنقاذهما إلا أنهما توفيتا مع المريضين إثر إصابتهم باختناقات وحروق.
كان مستشفى صيدناوى شهد، مساء أمس الأول، كارثة إنسانية بعد اندلاع حريق هائل تسبب فى وفاة الممرضتين والمريضين وإصابة 5 آخرين.
التقت «الوطن» بأهالى الضحايا.. وقالت «وردة شحاتة إبراهيم»، ممرضة بعمليات مستشفى صيدناوى: «كنا داخلين غرفة العمليات عشان نجرى عملية جراحية لمريض وكانت الشهيدتان ولاء أحمد غريب، 34 عاماً، وحكمت أحمد السيد منصور، 35 عاماً، تعقموا وارتدوا ملابس العمليات وكذلك 2 من أطباء العظام وطبيب التخدير، وتم تخدير المريض أحمد أحمد عبدالسلام هلال، وفجأة استنشقنا رائحة دخان من ناحية أحد التكييفات فتوجهنا ناحيته ووجدنا حريقاً بالتكييف وأسفله شاش وقطن وغير ذلك من مستلزمات العمليات، ما أدى لتطاير الدخان فتوجهت ولاء لطبيب التخدير وأخبرته بالحريق وحاول أن يطفئ النيران مستخدما «كوفرته» ولكن باءت محاولته بالفشل، فذهبنا ناحية نافذة تقع فى نهاية غرفة العمليات تطل على فناء المستشفى، للاستغاثة بالعاملين والأهالى وقعدنا نصرخ عشان حد ينقذنا، وبعد كده الأطباء غادروا المبنى ونزلوا جرى وأنا نزلت أصوّت على السلالم وأستغيث عشان حد ينقذ زمايلى والمرضى، وبعد نحو 10 دقائق حضرت سيارات الإطفاء ثم سيارات الإسعاف وكان المبنى امتلأ بالدخان»، مشيرة إلى أن الحريق اندلع بالدور الرابع. وأوضحت أن المبنى مكون من 5 أدوار «الأول يضم الإدارة، والثانى معمل، والثالث العناية والرابع عمليات ومناظير وصيدلية وغرفة تمريض والخامس عمليات وتأمين».[FirstQuote]
وأضافت: «ولاء وحكمت رفضوا ترك المريض اللى كان معاهم فى العمليات، ومرضيوش يسيبوه ويمشوا، خصوصاً إنه واخد بنج نصفى ولا يستطيع الحركة وكان شايف وحاسس بكل حاجة بس مش بيقدر يتحرك، وحاولتا إنقاذه وفشلتا وفاضت أرواحهم إلى بارئها».
وعلى بعد خطوات من المشرحة جلس «صلاح»، 13 عاماً، نجل الشهيدة «حكمت»، مع أحد أقاربه ينخرط فى حالة من البكاء والصراخ مردداً: «أنا عاوز ماما، طاب عاوز أقعد معاها شوية، قبل ما تندفن»، وظل ينادى على والدته حتى بح صوته، فيما أصيبت الحاجة وفاء والدة الشهيدة «ولاء» بحالة من الانهيار التام، مرددة: «بنتى كانت بتشوف شغلها، ماتت بلبس العمليات.. ماتت وهى صايمة». وتابعت: «أنا عاوزة حق بنتى وحق اللى ماتوا، عاوزين تحقيق عادل يثبت إذا كان الحريق دا بسبب الإهمال فى تصليح أجهزة التكييف ولا لأ». وأضافت: «ذنبهم إيه عيالها الـ3 يتيتموا؟»، لافتة إلى أن لديها 3 أبناء «أدهم طالب بالإعدادية، أحمد فى الصف الرابع الابتدائى، وغريب 3 سنوات»، بخلاف أنها تتولى رعاية أبناء عمتها عقب وفاتها منذ عامين. وأضافت أن زميلتها الشهيدة لديها 3 أبناء أيضاً وهم «صلاح طالب بالإعدادى، أحمد طالب بالابتدائى، وطفل صغير».
وقالت الممرضة «عزة»، زميلة الشهيدتين وتعمل معهما بالمستشفى نفسه: «ولاء وحكمت كانوا أعز صحاب ومش بيفترقوا عن بعض أبداً ودايماً كانوا يخلوا النوباتجيات بتاعتهم مع بعض»، وكانتا ترددان «إحنا مش هنفترق عن بعض أبداً ومش هيفرقنا حاجة غير الموت». وتابعت، والدموع تنهمر من عينيها: «إحنا مكناش نعرف إنهم هيموتوا مع بعض وإنهم مش هيفترقوا حتى فى الموت».[SecondQuote]
واتهمت الممرضة «نهلة»، شقيقة الشهيدة «ولاء»، التى تعمل معها فى المستشفى، إدارة المستشفى بالإهمال والتسبب فى وفاة شقيقتها وزميلتهم والمرضى، مشيرة إلى أن أجهزة التكييف قديمة ولم يتم تغييرها منذ سنوات طويلة ودائماً ما تتعرض للأعطال.
وقال «عبدالسلام»، شقيق المريض أحمد أحمد عبدالسلام «المتوفى»، إنهم فوجئوا باندلاع الحريق وصرخات الممرضات، اللاتى أكدن أن زملاءهن ومرضى داخل المبنى، مشيراً إلى أنهم حاولوا اقتحام المبنى لإنقاذهم ولكن باءت محاولتهم بالفشل، ومضى قائلاً: «أخويا كان داخل يعمل علمية فى رجله فمات هو ومريض وممرضتين خنقاً وحرقاً».
واتهم زملاء الشهيدتين إدارة المستشفى بالإهمال، مؤكدين أنه عقب وفاتهم تم وضع الجثث على 3 أسرة، دون تشغيل أجهزة التبريد أو حتى مراوح للحفاظ على الجثث حتى تتم معاينتها من قبل النيابة العامة، ووجود أهالى المتوفين فقط بصحبة الجثامين داخل المشرحة وأمام الطرقات المؤدية لها.
من جانبه قرر الدكتور أشرف الشيحى، رئيس جامعة الزقازيق، إطلاق اسم الممرضتين «ولاء أحمد غريب، وحكمت السيد»، من هيئة التمريض بعمليات مستشفى صيدناوى بالزقازيق، على قطاع تدريب التمريض بالجامعة تكريماً لهما، لعدم تركهما المرضى داخل العناية المركزة رغم اشتعال النيران بالمبنى، مشيراً إلى أنهما ضربتا المثل والقدوة فى تأدية عملهما، كما قرر رئيس الجامعة، صرف إعانات مالية لأسر المتوفين.
وكان اللواء مليجى فتوح مليجى، مدير أمن الشرقية، تلقى إخطاراً من العميد عاطف الشاعر رئيس مباحث المديرية يفيد بنشوب حريق هائل بالمبنى الاقتصادى بمستشفى صيدناوى بمستشفيات جامعة الزقازيق، انتقلت قوة من الحماية المدنية وتم الدفع بـ12 سيارة إطفاء برئاسة العميد أحمد الشوادفى، مدير الحماية، وتمت السيطرة على النيران وإخمادها، وأسفر الحريق عن وفاة ولاء أحمد غريب، وحكمت السيد أحمد، من هيئة التمريض بقسم العمليات، والمريضين أحمد أحمد عبدالسلام، ورضا فتح الله فرحات، إثر إصابتهم بحروق واختناقات، كما أصيب 5 آخرون باختناقات وتم نقلهم لمستشفى الزقازيق الجامعى والتحفظ على جثامين المتوفين فى مشرحة المستشفى. وعاين فريق من نيابة الزقازيق برئاسة المستشار أحمد دعبس المحامى العام الأول لنيابات جنوب الشرقية، جثامين المتوفين، وصرح بالدفن والتحقيق حول ملابسات الواقعة واستعجال تقرير المعمل الجنائى لتحديد سبب الحريق.