«المركزى»: حققنا الاستقرار المالى والنقدى فى ظل تحديات الثورة وأزمة «اليورو»
أكد مسئولو البنك المركزى والمعهد المصرفى التابع له أن البنك المركزى نجح فى تحقيق الاستقرار المالى والنقدى خلال الفترات الماضية، وتحديداً فى ظل التحديات التى فرضتها تبعات الثورة التى تزامنت مع الأزمة المالية التى تمر بها منطقة اليورو.
وأرجع المسئولون تحقيق ذلك الاستقرار إلى الدور الذى لعبه المركزى فى مرحلة الإصلاح المصرفى الأولى، وتحقيق الاتزان على مستوى سوق صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية الرئيسية.
أكد جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى لقطاع الرقابة والإشراف، أن البنك المركزى حرص على تحقيق الاستقرار المالى والنقدى خلال الفترة الماضية فى المجتمع عبر وضع ضوابط وقواعد رقابية تضمن السلامة المالية للقطاع المصرفى قبل حدوث الأزمات، حيث قام باتخاذ عدة إجراءات؛ منها دعم منسوب السيولة لدى الجهاز المصرفى بتخفيض الاحتياطى الإلزامى بنسبة 4%، بخلاف دعم العديد من القطاعات وعلى رأسها القطاع السياحى.
وأشاد نائب محافظ البنك المركزى المصرى، خلال مشاركته فى مؤتمر المعهد المصرفى الخامس الذى ناقش آفاق وتحديات أزمة الديون فى منطقة اليورو وتداعياتها على المنطقة، ببرنامج الإصلاح المصرفى الذى تم تطبيق مرحلته الأولى فى الفترة ما بين 2004 و2009، والذى أدى إلى رفع جودة المحافظ الائتمانية بالبنوك عبر تسوية الديون المتعثرة، وتكوين مخصصات مالية كافية لتغطية المتبقى منها، علاوة على تطوير إدارات المخاطر المصرفية. لافتا إلى أن 85% من القواعد الرأسمالية للبنوك تتمثل فى سيولة نقدية.
وأكد أهمية التضمين المالى ودعم الاقتصاد والقضاء على الفقر، وتقليل معدلات البطالة لتحقيق الاستقرار المالى المنشود، بخلاف ضرورة وجود حزمة متكاملة من الأدوات التمويلية، بخاصة فى ما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة تأهيل العملاء للحصول على التمويل، بالتزامن مع توفير أطر قانونية تضمن حقوق البنوك كوجود سجل للضمانات المنقولة والعينية.
وأشار إلى أهمية قيام القطاع المصرفى بإجراء مزيد من اختبارات الضغط والتحمل، ودعم البنوك لقواعدها الرأسمالية، والحرص على جودة مكوناتها لزيادة فعالية مواجهة الأزمات، وتحديد رأس المال بما يناسب حجم المخاطر المحيطة بنمو الأعمال والمنتجات التمويلية المطروحة.
وحذرت منى البرادعى، الرئيس التنفيذى للمعهد المصرفى، من خطورة الوضع الراهن للاقتصاد العالمى نتيجة التأثيرات العميقة المترتبة على الأزمة المالية والاقتصادية الأوروبية وانعكاسها على اقتصاديات الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء، متوقعة تراجع معدلات نمو الاقتصاد العالمى من 4% خلال 2011 إلى 3.5% خلال عام 2012، نتيجة التوقعات بدخول منطقة اليورو فى مرحلة ركود اقتصادى خلال العام الحالى.
وأشارت إلى أن السياسات المالية التقشفية التى اتبعتها دول المنطقة عقب الأزمة أثرت على الدول النامية من حيث تراجع الطلب على صادراتها لمنطقة اليورو، وانخفاض الاستثمار الأجنبى المباشر، وتراجع تحويلات العاملين، وتراجع معونات الاتحاد الأوروبى لتلك الدول، إلى جانب تراجع عائد السياحة منها.
وأشارت إلى أن أزمة منطقة اليورو ألقت بتداعياتها السلبية على مصر تزامناً مع الأوضاع السلبية التى شهدتها البلاد عقب 25 يناير، مما زاد من حدة الضغوط فى عدد من الجوانب الاقتصادية. وأوضحت أن تراجع معدلات النمو بالاتحاد الأوروبى بمقدار 1% يؤدى إلى انخفاض قدرة 0.1% فى معدل النمو الاقتصادى، إلا أن مؤشرات التجارة الخارجية مع الاتحاد تشير إلى أن مصر ما زالت فى النطاق الآمن، مع تراجع مؤشرات تركز صادرات الاتحاد الأوروبى، ودرجة الانفتاح التجارى معها أقل من نظيرتها مع الدول العربية.
وعلى صعيد سعر الصرف أوضحت «البرادعى» أن البنك المركزى نجح فى استيعاب الأثر السلبى للأزمة على الاقتصاد من خلال الحفاظ على استقرار الجنيه المحلى فى ظل الأزمات العالمية وحتى فى غضون أزمة 25 يناير، حيث لم ينخفض سعر الصرف إلا بمقدار 2% فى الفترة من يناير إلى يونيو 2011، بالرغم من التكلفة الاقتصادية المتمثلة فى تراجع احتياطيات النقد الأجنبى.
وأوضحت أن آثار الأزمة الأوروبية على تحويلات المصريين العاملين بالخارج كانت محدودة نظرا لأن 82% من التحويلات الواردة لمصر تأتى من الدول العربية، بينما تنتقل التدفقات المالية من الدول الأوروبية بصورة أساسية عبر القطاع المصرفى وأسواق الأوراق المالية.
وأكدت المدير التنفيذى للمعهد المصرفى أن تبنى القطاع المصرفى سياسات احترازية لتقليص أثر العدوى الدولية أثبت نجاحه فى مواجهة الأزمة العالمية للرهن العقارى، بما يدعم التوقعات بقدرة صانعى السياسات بمصر على احتواء آثار الأزمة الأوروبية.
وأضافت أن الاندماج المحدود للقطاع المصرفى والمالى فى المنظومة العالمية وانخفاض الاستثمار فى الأصول ذات المخاطر المرتفعة، يدعم من توقعات انخفاض الآثار السلبية على القطاع المالى المصرى، موضحة أن ميزانيات البنوك المحلية قائمة على أساس قوى خاصة فى ظل تطور نظم الرقابة المركزية التى يمارسها البنك المركزى على السوق.
ولفتت «البرادعى» الانتباه إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر والإيرادات السياحية الأوروبية تعتبر من أهم الآليات التى تشكل تحدياً فى انتقال أثر الأزمة المالية الأوروبية إلى مصر، بخاصة أن 70% من إجمالى السائحين الوافدين إلى مصر من الأوروبيين.
وقالت الدكتورة علا الخواجة، مدير إدارة البحوث والتوعية بالمعهد المصرفى المصرى، إن السوق تحتاج إلى تفعيل دور القطاع المصرفى الائتمانى لتمويل الأنشطة الإنتاجية بهدف زيادة معدلات النمو الاقتصادى، موضحة أهمية زيادة القروض الممنوحة للقطاع الخاص حيث إن نسبة القروض للودائع أقل من المتوسط العالمى.
وأضافت الخواجة أن اتجاه البنوك لتطبيق «الحوكمة» يحميها من المخاطر المحتملة التى قد تترتب على الأزمات المالية العالمية، مشددة على أهمية التضمين المالى لتوسيع قاعدة المتعاملين مع القطاع المصرفى والمالى.
ودعت الخواجة كلا من صانعى السياسة المالية والنقدية فى مصر إلى انتهاج سياسات من شأنها تطوير الإطارين القانونى والرقابى للقطاع المصرفى، بخاصة فيما يتعلق بمتابعة أداء البنوك الأوروبية فى مصر وتداخل تعاملاتها مع غيرها من البنوك المحلية.
وشددت على أهمية تحفيز الطلب المحلى لتعويض تراجع الطلب على الصادرات المصرية، وتنويع الأسواق العالمية للصادرات المصرية، واستهداف الأسواق العربية والإقليمية على نحو الخصوص، علاوة على دعم شبكات الأمن الغذائى لحماية الطبقات الفقيرة من الآثار السلبية.