حسن ومرقص.. «حسيب» و«محمد»: 17 سنة ضيافة وسلف وموائد رحمن
«الإنسان الوفى والصديق المخلص لا يمكن نسيانه، مهما بعدت الأيام بين الناس واختلفت الأماكن»، جملة اعتاد أن يكررها «حسيب معوض» وفى ذهنه «محمد أبووالى»، صديقه الأزهرى، الذى استضافه فى بيته بقنا لمدة تزيد على 4 أشهر حين تم تعيينه هناك عام 1956، وكانا يأكلان من طبق واحد ويتقاسمان كل شىء عن طيب خاطر، فيحكى عم «حسيب»: «سيبت البدرشين، والحال كان على القد، وماقعدتش فى لوكاندة ولا شقة مفروشة، وقتها عرض عليا محمد اللى كان رايح كمان هناك يشتغل، أقعد معاه فى بيته اللى أجّره لحد ما تُفرج».
علاقة «حسيب» مع «محمد» يتذكرها دائماً حين يتحدث عن شهر رمضان، فيجلس على كرسيه المعتاد أمام بيته فى منطقة فيصل، ويقص على الأصدقاء والأطفال تلك الحكايات، ليرسّخ بداخلهم معنى التلاحم الوطنى والأخوة، ولا ينسى كذلك أن يروى لهم ذكرياته فى منطقة السيدة، حيث كان يسكن هناك لفترة امتدت إلى 17 عاماً، وكانت أمام منزله ساحة تخصص لجلسات الذكر، يحرص على مشاهدتها، ولا يكتفى بذلك بل يزور مائدة الرحمن التى تُقام هناك ويفطر مع الصائمين.
فى الوقت الذى يتذكر «حسيب» فيه صديقه «محمد» بالخير، يعيب على صديق آخر له «نُصحى» لرفضه «تسليفه» جنيهاً واحداً كان فى حاجة إليه: «عرفت وقتها أنه ماينفعش أحكم على الإنسان من الديانة، الفرق بين الناس يكون بالجدعنة، والمحبة، مش بالدين».
اعتاد «حسيب» أن يذهب بنفسه إلى السوق، متحملاً ألم فقرات الظهر والتهاب الأعصاب، لشراء الـ«ياميش» كل عام، ليعود به إلى زوجته المريضة وابنه «أمير» وابنته «وفاء»، والأحفاد: «رمضان شهر مبارك، وتتعايش الناس مع بعضها.. شهر المحبة والسلام اللى بتنادى بيها كل الأديان».