العدالة في مهب الريح.. 5 أسباب تقف أمام إصلاح القضاء في الدول العربية
يواجه القضاء في العالم العربي حزمة من التحديات تجعل مسألة البحث عن سبل لإصلاحه أمرًا لا غنى عنه، يأتي فى مقدمتها الخطر المتنامي لتسييس القضاء منذ انطلاق الثورات العربية، واتساع نطاق غياب ثقة قطاع من المواطنين فى القضاء، فضلًا عن غياب مفهوم الاستقلالية الذي يعد جوهر منظومة العدالة.
ورغم سعي بعض الدول العربية نحو إصلاح منظومتها القضائية منها تونس، والمغرب، والأردن، وموريتانيا، والسودان، لكن تظل هناك حزمة من المعوقات تحول دون إتمام عملية الإصلاح المنشودة، والتي قد تمثل بداية لاستكمال مسار الإصلاح المؤسساتي لبقية الأجهزة الأخرى.
المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، ذكر في دراسة أهم المعوقات التي تواجه منظومة القضاء، أهمها:
1- غياب الإرادة السياسية للإصلاح الفعلي: رغم إعلان بعض دول المنطقة عن رغبتها فى إصلاح ورفع كفاءة منظومتها القضائية، إلا أن عملية التنفيذ تظل بطيئة بشكل ملحوظ، ففي المغرب على سبيل المثال، تدخل عملية الإصلاح عامها الرابع دون إقرار قانون متكامل بصفة نهائية، وهو ما يتكرر في حالة موريتانيا أيضًا، حيث لم يتجاوز فيها الإصلاح سوى مقترح حكومي.
2- انسحاب بعض الأطراف الهامة من حوارات الإصلاح: ساهم ذلك السبب في تقليص مصداقية العملية الإصلاحية برمتها وهو ما حدث عقب إعلان نادي قضاة المغرب وهو "الهيئة التمثيلية الرئيسية للقضاة" انسحابه من الحوار الوطني لإصلاح العدالة، بدعوى أن هذا الحوار ليس له أي جدوى طالما غابت الإرادة السياسية لتطبيق بنوده، واستند القضاة إلى أن وعود تحسين أوضاعهم المالية التي تضمنها ميثاق إصلاح العدالة لم تترجم إلى إجراء قانوني عبر إصدار مرسوم لتحديد التعويضات والمنافع المتوقع منحها لهم.
3- الصراعات الداخلية بين أطراف المعادلة القضائية: إصلاح منظومة القضاء يتطلب بوضوح شكلًا من أشكال التوافق بين أعضاء المنظومة القضائية على رؤية موحدة بهدف عرضها على السلطتين التشريعية والتنفيذية لأخذها في الاعتبار عند إصدار تشريعات وإجراءات الإصلاح، وهو ما لا يتوافر بشكل ملحوظ في كثير من الحالات.
4- معارضة القضاء لقوانين الإصلاح الجديدة: بدا ذلك جليًا في الرفض الذي أبدته الجمعية التونسية للقضاة لقانون المجلس الأعلى للقضاء باعتباره غير دستوري، وأيضًا لكونه يفرغ المجلس من أبزر صلاحياته الهامة ويسندها للسلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل، وهو ما دفع القضاة للدخول في إضراب عن العمل دام لمدة 5 أيام احتجاجًا على القانون الذي يكبل فكرة استقلال القضاء.
5- استبعاد القضاة من عمليات الإصلاح: يحدث في دول عديدة، ففي موريتانيا تنفرد الحكومة بإصلاح قوانين القضاء، ما دفع جمعية قضاة موريتانيا، في منتصف يوليو 2014، إلى المطالبة بإشراكها في عملية الإصلاح القضائي الجارية، وتكرر ذلك أيضًا في حالة تونس، وهو ما دفع القضاة، خاصة الجمعية التونسية للقضاة، إلى الدخول في إضراب عن العمل.