"هياكل الفراخ".. أكل "الغلابة" يقدمه الأغنياء لـ"الكلاب"
"هياكل الفراخ".. أكل "الغلابة" يقدمه الأغنياء لـ"الكلاب"
عم نادي
أقفاص كبيرة تبدو كالبنيان المرصوص، تتصدرها ألوان الطيور المختلفة التي تنوعت بين حمام وسمان ودجاج بأنواعه، تتخللها منضدة صغيرة لاستقبال هياكل الطيور وأجزائها المتناثرة بعد انتهاء عملية تنظيفها، ناهيك عن ثلاجة كبيرة تم تخصيصها لتخزين قطع الدجاج وتجميدها إيذانًا بالبيع.. ذلك مشهد يلخص عالم "نادي أبو العياط"، الذي يمتلك محلًا لبيع الطيور بمنطقة "أرض اللواء بالجيزة"، يشاركه صبيانه الذين تتنوع أدوارهم بين الذبح والتنظيف والبيع.
دكان "عم نادي" يشهد على ألوانٍ من البشر يأتون ليزخروا بما تشتهيه أنفسهم من خيرات الله، وآخرون ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فلم يبقَ لهم سوى فتات الأشياء التي يسدون بها حرمانهم، "أنا بجيب الفراخ من تاجر أعرفه، وبدبحها وبقطعها وأبيعها للناس الغلابة متفرطة، بديهالهم هياكل وصدور ووراك، لأن أي حد يقدر يشتريها حتى لو كان على قد حاله".
أعوام طويلة قضاها الرجل الخمسيني في "كار" بيع الفراخ، تغيرت فيها الظروف وتبدلت الأحوال، "أول ما اشتغلنا ما كانتش الناس تشتري الهياكل دي أبدًا، لأن الفراخ كانت أرخص من دلوقتي وأي حد يقدر ياكلها غني أو فقير؟ لكن دلوقتي الناس بتشتري هياكل الفراخ دي أكتر من الفراخ ذاتها".
"هياكل فراخ مع شوية بطاطس وتبقا قضيت"، روشتة طرحها "عم نادي" على أي أسرة بسيطة لتهنأ بوجبة مشبعة تكفي بيتها، "الأكلة دي ما تتكلفش أكتر من 30 جنيه، يقدر أي حد بيقبض باليومية إنه يعملها، بدل ما يجيب له فرخة بـ50 جنيه تهد حيله". للأغنياء مع "هياكل الفراخ" حكاية، يشترونها مثلهم مثل متعسري الحال، إلا أنهم يستخدمونها في غرض آخر، "إحنا بنبيع في اليوم مش أقل من 20 كيلو هياكل، يعني تقريبًا غدا 20 أسرة في المنطقة، لكن في ناس تانية ما بتبقاش محتاجة، بتيجي تشتري هياكل الفراخ دي عشان تحطها أكل للكلاب بتاعتها".
باستنكار شديد يهاجم الرجل البسيط ذلك الشبح الذي يهدد البسطاء، ويرفض أي قرارات من شأنها فرض أعباء جديدة على المواطنين أو الباعة، "الناس تعبانة وكل حاجة غليت بعد الثورة ولسه بتغلا، من 5 سنين، كنا بنبيع لكم الهياكل بـ2 جنيه، دلوقتي الكيلو وصل سعره لـ8 و9 جنيه، ومش عارفين موجة الغلا ده هتقف إمتى".
"نفسي ما نبيعش للناس الهياكل دي تاني"، أمنية حوتها رسالة "عم نادي" الأخيرة التي تمنى فيها أن تكون "الفراخ" سلعة متاحة لأي مواطن دون فرق بين غني وفقير، "عشان ده يحصل لازم البلد توفر للناس شغل ويبقى دخل الناس كويس، ولو ده حصل مفيش حاجة تجبرهم إنهم ياكلوا الهياكل، لكن المشكلة إن مفيش شغل ولا حركة في البلد، ومش عارف هنفضل كده لحد إمتى".