تصدَّرت مدينة رفح الحدودية بين مصر وفلسطين اهتمام المنطقة، بل اهتمام العالم، الذى فشل بعد سبعة أشهر من حرب وحشية تشنها إسرائيل ضد فلسطينيى قطاع غزة المحتل، من وقف المخطط الدموى لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باجتياح رفح وقتل مئات الآلاف من الفلسطينيين، الذين نزحوا إليه، فى محاولات النجاة من القصف الإسرائيلى، الذى حصد نحو أربعين ألف شهيد، عدا المدفونين تحت أنقاض المساكن المدمرة، إضافة إلى ثمانين ألف مصاب.
المذهل أن إسرائيل تدّعى ببجاحة أنها تستهدف قتل وإصابة أعضاء منظمة حماس، وكأننا لا نبصر عشرات الآلاف من الأطفال الذين قتلتهم دولة الاحتلال، والذى يصعب أن يكونوا أعضاء فى المنظمة.. رفح الحدودية كشفت كافة الادعاءات، حيث أعلن نتنياهو أنه يستعد لإزاحة أبناء رفح إلى الجانب المصرى، أى بوضوح تام تصفية القضية الفلسطينية!
وقد أعلن الرئيس السيسى بحسم أكيد رفض مصر القاطع لهذا المخطط، وحذر من تنفيذ هذه المؤامرة الدنيئة، وقد أيد الأشقاء الفلسطينيون القرار المصرى العظيم، وأكدوا أنهم متمسكون بوطنهم أياً كانت التضحيات، واللافت للنظر، انعدام وعى أو ربما سوء قصد البعض، بارتداء ثوب «الإنسانية»، بدعوة مصر إلى قبول النازحين..
كما أن إسرائيل تعلم مدى جدية مصر، على لسان قائدها عبدالفتاح السيسى، بتحذير نتنياهو من أى تهور ضد مصر، بدرعها العظيم، حيث إنها فى حماية جيش لا مثيل له، بالاتحاد مع شعب قام بثورة، هى الأكبر فى التاريخ، سيقابل بحزم وبقوة، ستفشل بالتأكيد مخطط العدو وتلحق به هزيمة. محققة، وطبعاً إسرائيل سبق أن ذاقت القتال مع الجيش المصرى..
ومعروف أن مصر تدافع عن القضية الفلسطينية منذ أكثر من سبعين عاماً، إضافة إلى سقوط القناع الإسرائيلى المزيف بالدفاع عن أرض، موعودة، وهى أكذوبة لا مثيل لها فى التاريخ البشرى، حيث شاهد العالم بأسره الجرائم الإسرائيلية البشعة فى قطاع غزة وكذلك فى الضفة، لدرجة إبداء الاستياء فى معظم الأنحاء من هول وحشية الحرب، وإلى درجة أن الوضع بدأ ينعكس على صورة الولايات المتحدة الأمريكية، الراعى الأساسى للدولة الصهيونية، والتى تمدها بأشد الأسلحة فتكاً وبمليارات الدولارات والدفاع عن جرائمها فى كافة المحافل الدولية، بل واستخدام حق الفيتو ضد أى مشروع دولى فى سبيل حل الدولتين، أى دولة للشعب الفلسطينى..
وربما كان الانقسام الفلسطينى الذى حققته حماس بالانفصال عن منظمة التحرير هو ما تسبب فى إضعاف الموقف الفلسطينى، وقسم فلسطين، فلم يعد أحد يقول سوى الضفة وغزة وليس فلسطين.. مع ذلك أدت هذه المواجهة التى تعدت السبعة أشهر، وإسرائيل عاجزة تماماً عن تحقيق أى انتصار أو أحد أهدافها المعلنة.. ومن هنا سقطت أكذوبة «الجيش الذى لا يُقهر»، رغم لجوء إسرائيل إلى شن غارات بالطيران الحربى، والذى يواجه شعباً أعزل فى قطاع غزة..
إن أزمة رفح تنذر بتغيير وضع الإقليم، وهو ما يدركه بعض ساسة واشنطن، حيث يدرك هؤلاء تماماً أن مصر واثقة من النصر، ليس لأن لديها أحد أقوى جيوش العالم، بل كذلك لأنها تدافع عن الحق فى مواجهة قوة الباطل والضلال، ولجوئها إلى الإنسانية المزيفة بادعاء أنه يتعين على مصر استقبال نحو مليونى فلسطينى هم أبناء غزة، لتسهيل مهمة السفاح الفاسد، الذى يطيل أمد الحرب هرباً من محاكمته فى قضايا فساد، بالتأكيد هى أقل من مجازره فى رفح التى ستكتب نهاية نتنياهو وربما نهاية دولته العنصرية.