«12 سنة وطن».. معارك.. انفرادات.. قضايا.. أخبار.. تحديات تكنولوجية وسياسية واقتصادية ومهنية يواجهها أبناء «الوطن» عبر أجيال مختلفة، لدرجة أن مَن التحق بها محرراً تحت التمرين عام 2012 أصبح الآن قيادياً يوجه ويرسم سياسات ويقود فرق عمل.. وهم مجموعة من الشابات والشباب الذين تفخر بهم «الوطن» مهنةً وسلوكاً، تعلموا فى كل ساعة قضوها داخل جدران هذا المبنى، وتطوروا بشكل غير مسبوق، وتحملوا مسئولية أن تظل «الوطن» كما وُلدت؛ صحيفة عملاقة وموقعاً إلكترونياً متميزاً.
كان ميلاد جريدة «الوطن» أشبه بالتحدى.. جلسات وجلسات جمعتنا بقيادة الكاتب الصحفى مجدى الجلاد.. نسأل أنفسنا: هل سننجح؟.. هل سنعيد تجربة «المصرى اليوم»؟ التى جاء معظمنا منها.. هل الساحة تحتمل جريدة يومية جديدة؟.. أجواء 2012 كانت محفزة للصحافة بشكل عام.. مناخ بلا تنظيم، وحرية بدون سقف، وفوضى بلا حدود، لكن فى ذات الوقت عدد كبير من الشائعات ومعارك المصالح السياسية والمالية، ونخبة خلعت رداء القيم.. وجماعة إرهابية كانت تخطط لنهب الوطن الكبير مصر، ومن سوء حظها أن كل مؤسسى جريدة «الوطن» على خلاف مع هذه الجماعة ويعرفون عنها الكثير.. لم تنتظر جماعة الإخوان لتتعرف على الجريدة الجديدة، لكنها سارعت بشن حملات على مؤسسيها قبل إصدارها، وبالتالى كان الصدام حتمياً، «الجماعة ضد الوطن.. والوطن ضد الجماعة»، خاصة أن الجريدة صدرت مع بدايات الحملة الانتخابية الرئاسية التى خاضتها الجماعة وفازت بها.. وبالتالى لم يكن هناك أى وقت للمهادنة.. كشفت «الوطن» ألاعيب الجماعة وأكاذيبها.. وقادت «الإخوان» أكبر حملة تشويه سمعة ضد الجريدة وقياداتها.. حرقوا مقر «الوطن» مرتين.. تهديد ووعيد من خلال تصريحات غير واعية.. إطلاق الشائعات والأكاذيب على السوشيال ميديا ومنصاتهم الرسمية.. وتصاعدت الحملة إلى أن وصلت إلى إصدار قرار من نائبهم العام بالقبض على مؤسس الجريدة ومالكها المهندس محمد الأمين (رحمة الله عليه) قبل ثورة 30 يونيو بأيام.. اشتد غضب الجماعة.. وقامت الجريدة بحملات تفضح مخططاتهم وانحازت للشعب المصرى الرافض لهذه الجماعة بشكل كامل، حتى إن شباب «تمرد»، محمد عبدالعزيز ومحمود بدر وحسن شاهين، خرجوا من الجريدة يوم 3 يوليو 2013 إلى القيادة المشتركة للقوات المسلحة، للاتفاق على أهم بيان فى تاريخ مصر الحديث، بعد أن عقدوا مؤتمراً صحفياً فى جريدة «الوطن» كان بمثابة رسالة واضحة للداخل والخارج؛ أن الانتفاضة المصرية مستمرة ولن تتراجع إلا بسقوط الجماعة ورئيسها.. ذلك المشهد الذى تفخر به جريدة «الوطن» دائماً.
سقطت الجماعة لكنها لم تنسَ معركتها، فضمت قيادات الجريدة («الجلاد» وكاتب هذه السطور..) إلى قوائم الاغتيال، كما كشفت أوراق إحدى القضايا بعد الثورة، وظل مقر الجريدة هدفاً لمظاهراتهم كل «جمعة»، بالشتائم والهتافات والكتابات المسيئة، وكانت «الوطن» بكل أدواتها «جريدة وموقعاً ومنصات مختلفة» لهم بالمرصاد، تفضح ممارساتهم وتواجههم بكل قوة، ولم تكتفِ بهذا الدور، بل ساهمت أيضاً فى حملات توعية ونشر إيجابيات ما بعد الإخوان، والمشاركة فى إعلام المصريين بالمشروعات التنموية العملاقة خلال عهد الرئيس «السيسى»، التى حوّلت مصر إلى دولة جديدة وقوية.
لا أعتقد أن تاريخ الصحافة سيجعل «الوطن» مجرد صحيفة أو إصدار إلكترونى، لكنها أقرب إلى حالة صحفية أو مدرسة خرَّجت أجيالاً حصدوا الكثير والكثير من الجوائز المحلية والعربية والدولية، وخرج البعض منها ليعمل فى كبرى الإصدارات، سواء فى الصحف أو القنوات.
«الوطن» حالة صحفية متجددة، تؤمن بأن التدريب والعلم ومواكبة التطور التكنولوجى مع التمسك بالقيم المؤسسية والمهنية يعد الطريق الوحيد لصحافة قوية قادرة على مواكبة الأحداث، وجعل «القارئ» هو الهدف من خلال مواد تحريرية متنوعة عبر أجيال متنوعة من أبرز الصحفيين، بقيادة شابة وواعية، وهو الكاتب الصحفى مصطفى عمار، رئيس التحرير، لتؤكد «الوطن» شعارها القديم والمعبر دائماً: «الوطن قوته فى ناسه».