عبدالوهاب.. الموسيقار الذي حرمت الدواعي الأمنية محبيه من توديعه
في الساعات الأولى من صباح يوم الخامس من مايو عام 1991 ارتجت أرض ميدان "رابعة العدوية" بمدينة نصر بآلاف المشيعين الذين أغلق حزنهم جنبات الميدان الواسعة، معلنين صدمتهم وعدم تصديقهم لما يحدث، في مشهد يليق بموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.
وحرمت الدواعي الأمنية الملايين من محبي وعاشقي الموسيقار الراحل من توديعه أو حتى إلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه قبل استقراره في مثواه الأخير، حيث تقرر نقل صلاة الجنازة من جامع عمر مكرم بميدان التحرير إلى مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر.
لكن ذلك لم يمنع أحد من الإصرار على المشاركة في الموكب الجنائزي، فالجميع واقف ومتأهب لتشييع موكب الجنازة العسكرية المهيبة، فهؤلاء جنود الشرطة العسكرية يتخذون مواقعهم في مقدمة الموكب، في نفس الوقت تحيط 6 خيول بالعربة التي ستحمل الفقيد إلى مثواه الأخير منتظرة خروج النعش من مسجد رابعة العدوية، وفي مؤخرة الموكب يقف الآلاف الذين ينتظرون خروج الجثمان لينظروا إليه النظرة الأخيرة، ويتقدم هؤلاء لفيف من الشخصيات العامة والهامة.
أعطيت التعليمات ببدأ مراسم الجنازة، ليتقدم الجنود وحاملو الورود بالسير وتستمر الآهات والأصوات المنادية "لا إله إلا الله" في التصاعد من أروقة الميدان، في محاولة لوقف الموكب وإثنائه عن المضي في طريقه، ولكن يأبى الموكب الضخم أن يتوقف أو أن ينصاع لكل محاولات المشيعين، ويؤدي تدافع وتزاحم المشيعين لتحطيم الحواجز التي أقامها أفراد وجنود الأمن المركزي والشرطة العسكرية لحراسة العربة التي كانت تحمل نعش الفقيد.
ولم يجد رجال الأمن بدا من أن يدخلوا النعش إلى أحد المعسكرات الموجودة بطريق الموكب، لحمايته من الجموع الغفيرة التي أصرت على حمل موسيقار الأجيال على أكتافها لإيصاله إلى مرقده الأخير.