محمود الجارحي يكتب.. هذا ما قاله والد حبيبة الشماع: «لن تبرد نار قلبي»
حبيبة الشماع
هل يرتاح قلبك يا أمي؟.. لا أظن.. هل جفت دموع إخوتي؟.. لا.. هل ستبرد نار أبى؟.. لا أظن.. هل جفت دمائي؟.. لا هي باقية وشاهدة هناك.. على طريق السويس.. عندما تسير بسيارتك على طريق السويس وبالتحديد بالقرب من مدينة الشروق.. ستتذكر حبيبة الشماع.. نعم تتذكر فتاة الشروق التي قفزت من سيارة تابعة لإحدى شركات النقل الذكي خوفا من اختطافها على يد السائق.. هناك آثار دمائي.. هناك آخر مشاهد ليا.. هناك انتهت حياتى.. نعم انتهت قبل 4 أسابيع من الآن استقليت سيارة تابعة لإحدى شركات النقل الذكى من مدينتي متجه إلى منطقة التجمع.. وأثناء سيري تصرف السائق بشكل غير لائق.. وحاول اختطافي.. وهنا قررت أن افتح السيارة وقفزت.. وحضر شخص وأخبرته فى ثوان أن السائق حاول اختطافى.. وشاهد آنذاك الدماء تسيل من رأسي.. تألمت تألمت عند سقطت الأرض.. وحاولت النهوض بنفسى وفشلت.. كنت أحاول تحريك ذراعى.. كنت أحاول وأحاول وأنا أشاهد الدماء تسيل من رأسي.. ولكن الألم لم يستمر سوى لحظات.. ودخلت فى غيبوبة 21 يوما.. والخميس قبل الماضى.. تعطلت أجهزة الجسم ولفظت أنفاسي الأخيرة.. وصباح يوم الجمعة الماضية.. شيعت الأسرة جنازتي.. ودفنوني.. فى مقابر أسرتي بمدينة نصر.
وبعد مرور أسبوع على وفاتى ودفنى.. هل ستبرد نار أبى؟.. لا أظن.. نعم لن تبرد نار أبى.. اليوم حضر أبى وكان معه أمى وإخواتى.. حضر إلى المقابر.. لزيارتي.. ورأيته حزين.. أعلم جيدا أنه مؤمن بالله.. ويعلم جيدا أنه قدري.. وأنى الآن فى مكان أفضل.. تذكرت يا أبي وسيدي.. تذكزت آخر مكالمة بيننا كانت قبل الحادث بساعة.. كانت مكالمة الوداع.. نعم اتصلت بيك وبدون سابق إنذار.. قلت ليك إنك وحشتني.. وحشتني جدا.. نعم أتذكر ايضا لحظة دخولك المستشفى فور علمك بالحادث.. اتذكر صراختك بجوار أمى وأخواتي وأفراد عائلتى وأصدقائى.. اتذكر انك كنت تجلس على باب غرفة الرعاية تنتظر افاقتي من الغيبوبة.. اعلم جيدا يا ابى انك كنت بتموت فى اليوم مليون مرة.. أعلم أن قلب أمى لن يرتاح.. اعلم ايضا ان دموع اخواتي اقاربي.. اصدقائي.. لن تجف.
ابي وسيدى.. أعلم انك الان لم تدخل غرفتي منذ وفاتي.. اعلم انك تركت ملابسي.. عطري .. رائحة فى الغرفة.. حتى لا تشعر بغيابي.. أعلم ياسيدى انك تتحدث لاخواتى وامى وتخبرهم اني لسه عايشه وهفضل عايشة.. واذا جسدى تم دفنه.. روحه عايشه معاكم كل لحظة.. أعلم يا ابى انك كل لحظة ترفع يدك الى السماء وتقول يا رب "عايز حق بنتي".
أبي وسيدى.. اطمنئك انا هنا فى مكان افضل.. بين يد رب رحيم.. رب عادل.. سيدى اوصيك ب امى.. لن يرتاح قلبها.. اوصيك باخواتي.. انت تعلم انهما كانوا اولادي وليس اخواتي.. أبي اوصيك بنفسك يا سيدى.