«مجدي».. فقد عددا كبيرا من أقاربه في مجزرة «المعمداني»
الصحفي: عمي «أبو حازم» استُشهد بعد ساعة من لقاء عابر بيننا
مجدى بكرى أثناء عمله
كان يقف متشبثا بكاميرته استعداداً لتوثيق مأساة طوابير الانتظار على المياه والوقود والخبز، التى أصبحت كارثة إنسانية فى جميع مناطق قطاع غزة، لا سيما دير البلح، وأثناء التقاط مجدى بكرى، مصور صحفى حر، بعض الصور وجد عمه «أبوحازم» جالساً فى سيارته، فأقبل عليه بشوقٍ، إذ لم يتقابلا منذ أن شنّت قوات الاحتلال العدوان على غزة، وتحدّثا قليلاً، ثم عاد لمواصلة عمله، وبعد ساعة واحدة جاءه خبر استشهاد عمه على يد أحد جنود الاحتلال وسقوط إصابات بحى الشجاعية شرق مدينة غزة.
أصيب «مجدى» بصدمة، وعن هذا الموقف قال: «أصعب ما يمر به الصحفى أن يستقبل نبأ استشهاد شخص عزيز عليه»، لم يستسلم لمصابه واستأنف عمله سريعاً لتوثيق جرائم العدو بعدسته.
وتابع: «عمى كان الأقرب لى، وجاء ليودّعنى قبل رحيله».
16 عاماً يعمل فيها «مجدى» مصوراً صحفياً فى غزة، شهد على معظم الحروب والهجمات، لم يرَ طوال حياته مثل هذه المجازر التى يشنّها العدو على الأهالى هناك فى الأراضى المحتلة.
وأضاف: «صورت حروب كثيرة، ولم تمر علينا مثل هذه الحرب، فهى شىء لا يوصف، وما قبلها كان هيناً».
وأوضح أن هذه الحرب الشرسة دمّرت وطمست كل شىء فى غزة حتى الاستهداف وصل إلى أكثر من 5 آلاف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، والمدنيين الأبرياء الذين ليس لهم أى علاقة ولا ذنب فى ما يحدث، مشيراً إلى أنه يعمل لصالح نفسه، يصور المواد الصحفية ويبيعها للوكالات ويتربّح منها، متابعاً: «ده مصدر رزقى الوحيد ولا أتقاضى راتباً من أى مؤسسة».
أعمل وقلبى وروحى معلقة بأسرتى خوفاً عليهم
وقال إنهم كصحفيين يفتقدون أدوات السلامة من خوذة ودرع، والعدو لا يفرّق بين صحفى ومدنى وهناك استهدافات كثيرة تحدث بجانبنا وقصف وفى أماكن نعمل فيها ولا يحترم العدو عملنا وواضح استهداف الشباب من الصحفيين فى الميدان».
يعمل «مجدى» تحت ضغط شديد وخوف على ما تبقى من أهله فى غزة، لأنهم على مقربة من مناطق القصف، مؤكداً أنه سبق وفقد شقيقه عام 2011، وواصل حديثه قائلاً: «أعمل وقلبى وروحى معلقة بأسرتى خوفاً عليهم حتى وأنا أعمل أنتظر فى أى لحظة يسقط علىَّ صاروخ».
لم ينسَ اللحظات الأخيرة التى جمعته بعمه المقرّب، إذ جلس يحكى معه ويطمئن عليه وعلى عمله، وكأنه جاء خصيصاً لوداعه، ثم عاد لمنزل وتم استهدافه.
وأضاف: «فقدت الكثير من أقاربى أثناء استهداف مستشفى المعمدانى»، مشيراً إلى أنهم نزحوا من بيوتهم فى حى الشجاعية بسبب القصف الشديد على المنطقة، وظنّوا أن المستشفى أمان، والعدو لن يستهدفه، وتم ضربهم بوحشية».
لم تكن آلام الفقد وحدها التى يعانى منها «مجدى»، بل يجد صعوبة فى نقل المادة الإعلامية المصورة التى يلتقطها يومياً للمجازر والجرائم التى يرتكبها العدو.
وقال: «نعانى معاناة شديدة من ضعف الإنترنت وعدم وجود شبكة اتصالات، يادوب بالعافية نطمئن على الباقى من الأهل، وأحياناً يمر يومان وثلاثة ما نستطيع التحدث إليهم».