روسيا والأزمة الاقتصادية.. الدب "يعافر" ضد العقوبات
تعيش روسيا في الآونة الأخيرة أزمة اقتصادية حادة، أدت لانهيار عملتها (الروبل) أمام الدولار الأمريكي، لكنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها موسكو للموقف ذاته، فسبق وأن تعرضت لأزمة مماثلة مع تولي فلاديمير بوتين الرئاسة، اتخذ على إثرها الرئيس الروسي خطوات لمواجهتها، وعاد حاليًا إلى اتخاذ إجراءات صارمة لتخطي الأزمة.
ونقلت وكالة "آر تي" الروسية، عن رئيس الوزراء، دميتري ميدفيدف، قوله خلال اجتماع للحكومة أمس، أن: "الميزانية يجب أن تتوافق مع الوضع الاقتصادي العالمي الحالي، حيث تشهد الأسواق العالمية تراجعًا في الأسعار وتباطؤ النمو الاقتصادي الذي تفاقم بسبب فرض العقوبات والقيود".
وخلال اجتماع الحكومة أمس، جرت مناقشة المقترحات بشأن تعديلات الميزانية للأعوام 2015 و2016 و2017 ، بالإضافة إلى مناقشة خطط الحكومة لصناديقها الاحتياطية.
وسبقت اجتماع الحكومة، سلسلة من الاجتماعات للمسؤولين الحكوميين، والنواب الروس وغيرهم من الاقتصاديين وكبار المسؤولين لمناقشة توقعاتهم الاقتصادية ورؤاهم للأعوام الثلاثة المقبلة بهدف اتخاذ التدابير اللازمة لدعم الاقتصاد الروسي.
وأشار رئيس الوزراء الروسي، خلال الاجتماع، إلى زيادة التمويل في الميزانية الجديدة لعام 2015 للالتزامات الاجتماعية بنسبة 6%، مؤكدًا ضرورة دعم الحكومة لعامة الشعب، وخصوصًا أولئك الذين يحتاجون إلى عناية خاصة من الدولة، كالأسر الكبيرة وكبار السن والمعوقين.
وأوصى "ميدفيدف" الحكومة بالنظر في تعديلات الميزانية الجديدة بأسرع وقت ممكن، ورفعها إلى مجلس النواب الروسي (الدوما) للتصديق عليها.
وتكمن أهمية تعديلات الميزانية الروسية في ظهور معطيات خارجية جديدة متمثلة في تراجع أسعار النفط، والعقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا وتراجع قيمة الروبل أمام الدولار.
يشار هنا إلى أن الغرب كان فرض حزمة من العقوبات تتعلق بالأزمة الأوكرانية، من شأنها تقييد وصول روسيا إلى أسواق الاقتراض العالمية.
وأصدرت الحكومة في يناير الماضي، خطة لمكافحة الأزمة ودعم الاقتصاد الروسي، تنص على خفض نفقات الميزانية الحقيقية بنسبة لا تقل عن 5% خلال الأعوام من 2016 إلى 2018، وبنسبة 10% في عام 2015.
وقالت وكالة "تاس" الروسية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقع مرسومًا رئاسيًا لتقليص رواتب رئيسي الدولة والحكومة، والوزراء بنسبة 10% حتى نهاية عام 2015 في خطوة لدعم إجراءات مكافحة الأزمة المالية.
وجاء في المرسوم الرئاسي: "اعتبارًا من 1 مارس وحتى 31 ديسمبر عام 2015، تقلص الأجور والترقيات الشهرية والحوافز المالية للرئيس الروسي، ورئيس الحكومة، والمدعي العام ورئيس لجنة التحقيق بنسبة 10%.".
وطال المرسوم، رواتب رؤساء بعض الهيئات التنفيذية الاتحادية والأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية، كنواب رئيس الوزراء والوزراء ومدراء الهيئات الفدرالية ومسؤولين آخرين.
وشمل المرسوم أيضًا رواتب العاملين في إدارة الكرملين، وموظفي الحكومة، وهيئة الرقابة والتفتيش الروسية.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي، إن هذا القرار مؤقت، وسببه هو المناخ الاقتصادي الحالي، مشيرًا إلى أنه في حال استمرار هذا المناخ فإن المرسوم سيتمدد، أما في حال حصول تغيرات نحو الأفضل فعندها لن يكون هناك ما يدعو لتمديد سريان المرسوم.
وأضافت الوكالة أن هذه ليست كل خطط الحكومة في الوقت الحالي ولكنها البداية فحسب، ومن المنتظر تكثيف العلاقات مع دول الشرق الأوسط و شرق آسيا في خطوة لكسر العقوبات المفروضة.
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده، إن ما قام به "بوتين" ما هو إلا خطوة في بحر إجراءات لتخطي الأزمة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن روسيا في مواجهة مع أمريكا و دول الاتحاد الأوروبي، وتتميز بطول النفس وقدرتها على تخطي الأزمة والثبات في مواجهة العقوبات الاقتصادية.
وأضاف "عبده" في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن ما تقوم به روسيا الآن يسمى بالحل التجزيئي، حيث إن روسيا وضعت خططًا عديدة لحل الأزمة، كل خطوة منها تحل ما بين 10% إلى 15% من الأزمة، إذا تم تنفيذ 60% من هذه الخطط بنجاح، ستحل روسيا ما يقرب من 80% من الأزمة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الغرب يحاول معاقبة بوتين وروسيا، ولكن إذا استمرت روسيا بهذه السياسة الاقتصادية الحكيمة، لا بد من فوز روسيا في النهاية.
وتمنى "عبده"، أن يرى الحكومة المصرية على نفس القدر من حكمة مثيلتها في روسيا، مشيرًا إلى أن مصر منذ ثمانية شهور تقوم بترتيب للمؤتمر الاقتصادي، دون تأمين البلاد من الإرهاب، فكل يوم يوجد عمل إرهابي، ولكن إذا نظرنا لروسيا سنجد أن خطاها سريعة جدًا ومرتبة.