المشاركون بجلسة «الدين العام» في الحوار الوطني: نحتاج آلية لمراقبة استخدام الدين
لجنة الدين العام وعجز الموازنة تواصل أولى جلساتها بـ«الدين العام.. الإشكالات والحلول»
ناقشت «لجنة الدين العام» بـ«المحور الاقتصادى» فى اجتماعها الثانى، اليوم، مؤشرات الدين العام وأثره على الاقتصاد، بحضور طلعت خليل، مقرر اللجنة، وعبدالفتاح الجبالى، المقرر المساعد للمحور الاقتصادى، وعماد الدين حسين، عضو مجلس الأمناء، وعدد من أعضاء مجلس النواب وممثلى الأحزاب.
وتساءل المستشار محمود فوزى، رئيس الأمانة الفنية بالحوار الوطنى، حول جدوى وجود قانون يضع سقفاً للدين العام للدولة، الذى اقترحه أحد الحضور بجلسة الدين، قائلاً: «الدولة تقترض لضرورة، وليس لرفاهية»، مضيفاً: «الحوار ليس معلباً أو سابق التجهيز، وبشكل حقيقى نحتاج إلى إجابة من الخبراء حول ما جدوى وجود هذا التشريع، إذا لم يُقر مجلس النواب موازنة العام الجديد، ويعمل بالموازنة القديمة». وأشار «فوزى» إلى أنه لا يستطيع مجلس النواب، أو أى نائب برلمانى، التقدم بمشروع يخص موازنة الدولة وفقاً للدستور والقانون، ودوناً عن ذلك يحق لأى نائب برلمانى التقدم بأى مشروع حكومى للدولة، مؤكداً أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض على مشروع غير مدرج، إلا بموافقة مجلس النواب أيضاً، موضحاً أنه «وفقاً للدستور، إذا حدث خلاف بين النواب والحكومة حول هذا الأمر، يجب الاتفاق بينهما على تدبير التمويل اللازم للمشروعات التى يتم التوافق عليها»، مشيراً إلى أن 350 نائباً أو أكثر تحدّثوا تعليقاً على الموازنة.
وقال عبدالفتاح الجبالى، المقرر المساعد للجنة الدين العام والموازنة، إنه لأول مرة فى دستور 2014 لا ينص على مواد تخص وجود سقف للدين العام للدولة وسياسات الاقتراض، مضيفاً: «نستطيع الآن النظر فى تعديل قانون المالية الموحّد، وهو أمر أفضل من تعديل الدستور، ونحتاج إلى تعديل سقف الدين، بما يراعى مرونة فكرة الاقتراض للضرورة».
«الجبالى»: قضية الدين تُعد من أهم قضايا الساعة.. وتحسُّن نسبى فى مؤشرات الدين.. والمشكلة فى الديون قصيرة الأجل
وأضاف «الجبالى» أن قضية الدين تُعد من أهم قضايا الساعة، حيث يبلغ إجمالى الدين 113% من الناتج المحلى الإجمالى، وهى نسبة خطيرة وقضية الدين العام أساسية وتتعلق بالاستقرار المالى والنقدية، ويمثل الدين أيضاً أعباء على الأجيال القادمة، مشيراً إلى أن الدين الخارجى يعنى أيضاً تحويل جزء من موارد الدولة للخارج.
وأشار إلى تطور الدين الداخلى لسد العجز وتمويل الاستثمارات والنسبة الأكبر ٩٠٪ تمثل تمويلاً جارياً لسد العجز فى الموازنة العامة للدولة، نتيجة فجوة فى الموارد لعمل معدل نمو أكبر يصل إلى ٧ أو ٨٪، وهو ما يحتاج استثمارات تصل إلى ٢٥٪، وآخر ٥ سنوات حدث تحسن نسبى فى ميزان المدفوعات، مضيفاً أن هيكل الدين الخارجى بالنسبة للدين قصير وطويل الأجل بدت النسبة أفضل والمؤشرات تشهد تحسناً.
وطالب عماد حسين، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، وعضو مجلس الشيوخ، بعمل قانون من مجلس النواب لوقف الاقتراض الخارجى إلا الضرورى فقط، موضحاً أنه حان الوقت لوقفه، والذى وصل إلى ١٦٢ مليار دولار، والبحث عن وسائل أخرى، ويمكن تحمل أى سبل أخرى.
«حسين» يطالب البرلمان بقانون لوقف الاقتراض الخارجى.. وهيكل الدين بدأ يصبح أفضل والمؤشرات تشهد تحسناً
وتابع «حسين» أن الحكومة تقول على الدين الخارجى إنه تمويلات، وهو فى الحقيقة ديون، وليس الحل تغيير اسمها، مطالباً بضرورة الخروج بتوصيات واضحة بوقف الاقتراض الخارجى والبحث عن طريقة أخرى أو سبل أخرى للتمويل.
وقالت هبة واصل، أمين عام حزب المصريين الأحرار، والمقرر المساعد للجنة الدين العام والموازنة، إن «الحوار الوطنى تم بهدف وضع مساحات مشتركة للجميع، وهدفنا هو الخروج بحلول وتوصيات تكون قابلة للتنفيذ». وأضافت «هبة» أنه رغم اختلاف الرؤى والتوصيات، فإننا نضع جميع هذه التوصيات بهدف النهوض بالوطن.
وكشف طلعت خليل، مقرر لجنة الدين العام والموازنة، أن هناك تحصيلات متأخرة للدولة تقدّر بـ5.9 مليار جنيه، وهى مبالغ تستطيع سد عجز موازنة الدولة، مشيراً إلى أن هذه المتأخرات مقسّمة بين مصلحة الضرائب والجمارك والضرائب العقارية والقضاء والنيابة العامة.
وتساءل «خليل» قائلاً: «لماذا تتقاعس الحكومة عن تحصيل هذه المتأخرات إذا كانت حقيقية، وإذا كانت غير حقيقية فلا بد من رفعها وإعلان الرقم الحقيقى.. هذا الرقم كفيل بأن يقيل حكومة».
وعلق المهندس ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة، قائلاً: إن أزمة الديون تحتاج إلى وقفة شديدة، ولا بد من البحث عن حلول، مشيراً إلى أن المتأخرات فى الديون تشمل جهات حكومية لا تستطيع السداد، والحكومة لو استطاعت التحصيل لن يكون بهذا المبلغ المعلن، مشيراً إلى أن المتأخرات المتعلقة بالقطاع الخاص بسيطة، مطالباً بضرورة تجفيف منابع الفساد فى الإنفاق غير الضرورى، لأن المرحلة الحالية تحتاج إلى الشفافية والوضوح من جانب الحكومة.
وتابع «عمر»: «نحتاج إلى استكمال المشروعات الحالية فقط، والتوقف عن الدخول فى مشروعات جديدة خلال الفترة الراهنة على الأقل»، مضيفاً: «هناك مشروعات ليس لها عائد يجب تأجيلها خلال الفترة الحالية، ولكن الحتميات ضرورية، ونحتاج إلى تحديد سقف للدين الخارجى، مقابل السداد، ونحتاج إلى جدولة الديون الحالية».
وقال الدكتور رائد سلامة، مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار، إنه يعتقد أنه من الأفضل مناقشة تسوية الدين الخارجى فى اللجنة المصغرة التى شكلها مجلس الأمناء، مضيفاً «ملامح المسألة تتعلق بأن حجم الدين العالمى بلغ ٣٠٥ تريليونات دولار، نصيب أفريقيا فيه ١٫١ تريليون دولار، أى أن نسبته ضئيلة، مقارنة بالدول السبع الكبار، التى يمثل حجم الدين لديها ٢٥٪، من إجمالى الديون العالمية، ما يعنى أنه يمكن، بالتنسيق مع الشركاء الأفريقيين، البحث عن سُبل لجدولتها وتسويتها».
وتابع «سلامة»: «لابد من وضع آلية لتنظيم الدين فى إطار المالية العامة، فنحن بحاجة لقانون الانضباط المالى، الموجود فى دول كثيرة، رغم أننا نطبّق روحه، أو إجراءات منسوبة له».
وقال مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الدين العام حتى نهاية مارس 2023 وصل إلى 6.8 تريليون جنيه ديناً داخلياً، و2.6 تريليون جنيه ديناً خارجياً.
وأضاف «سالم»، خلال كلمته بجلسة «الدين العام.. الإشكاليات والحلول»، أن الدين العام يؤدى إلى زيادة عجز الموازنة ورفع التضخم وتراجع التصنيف العالمى، وهو مشكلة تعانى منها الموازنة العامة منذ عشرات السنين ويرجع ذلك إلى الحالة التى شهدتها مصر فى 2011، والأزمات المتتابعة مثل كورونا والحرب الروسية، موضحاً أنه لا بد من حلول تتضمّن إعطاء امتيازات غير مسبوقة لجذب المستثمرين، وثورة تشريعية وإصلاحات إدارية وتعظيم الإنتاج والتصدير وضبط الميزان التجارى وإنهاء السوق الموازية والاقتصاد غير الرسمى، ووقف الموافقة على أى قروض جديدة للمشروعات غير الإنتاجية، والاستفادة من الأصول غير المستغلة».
وطالب محمد ماهر، مستشار رئيس حزب المصريين الأحرار، بإعادة هيكلة الدين الخارجى، بحيث يكون الاقتراض على أجل طويل والسداد على أجل قصير، مضيفاً خلال كلمته بالجلسة ذاتها، أن هناك تغييراً كبيراً فى الدين الخارجى بسبب زيادة سعر الصرف، محذّراً من الاقتراض بالعملة الصعبة.
كما طالب بتشكيل لجنة لاستراتيجيات الاقتراض، والعمل على عمليات مبادلة الأصول، وكذلك العمل على استغلال مشروعات الطاقات المعطلة، والاستثمار مع القطاع الخاص، واستبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية الصنع لمواجهة الأزمات الاقتصادية وتقليل الدين العام الخارجى.