"كريدي سويس".. مافيا عريقة في "الاحتيال" وقطر ثاني أكبر المساهمين

"كريدي سويس".. مافيا عريقة في "الاحتيال" وقطر ثاني أكبر المساهمين
يعد بنك «كريدى سويس» السويسرى أحد أكبر البنوك العاملة فى قطاع الاستثمار والبنوك فى العالم، بإجمالى عائدات يبلغ نحو 18.73 مليار فرنك سويسرى سنوياً، بينما يبلغ صافى الدخل السنوى نحو 396 مليون فرنك سويسرى، ويعمل به ما يقرب من 45 ألف موظف فى جميع فروعه فى أنحاء العالم. ويتبع مجموعة «كريدى سويس» المالية، التى تتخذ من «زيورخ» مقراً رئيسياً لها وتعمل فى مجال البنوك والاستثمارات البنكية وإدارة الأصول.
وذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية أن أعمال المجموعة تدار من خلال 4 أقسام رئيسية، الأول يتولى إدارة المعاملات البنكية الخاصة التى تتكون من عمليات إدارة الثروات والشركات وتقديم الاستشارات المؤسسية للعملاء بمختلف حجم استثماراتهم.. أما القسم الثانى من المجموعة فهو يتولى الخدمات المصرفية الاستثمارية وهو مسئول عن تقديم حزمة من المنتجات والخدمات الاقتصادية، التى ترتكز أساساً على توجيهات العميل استناداً على أفضل طريقة لإدارة رؤوس الأموال. والقسم الثالث مسئول عن إدارة الأصول، وهو يقدم مجموعة من البنود الخاصة بإدارة الأصول بما فى ذلك الاستثمارات البديلة والأسهم والدخول الثابتة. أما القسم الرابع فهو الخدمات المشتركة، حيث يقدم مجموعة من الخدمات المؤسسية للشركات من خلال تقديم الدعم الاقتصادى للأقسام الأخرى.
تأسس البنك على أيدى أفريد إيسكير عام 1856 تحت اسم «مؤسسة كريدى سويس»، بهدف تمويل مشروعات التنمية، التى أعلنتها هيئة السكك الحديدية السويسرية، وقدمت بالفعل قروضاً ساعدت سويسرا فى إنشاء شبكتها الكهربائية ونظام السكك الحديدية الأوروبى، كما ساهمت فى تطوير نظام العملة السويسرية ونظم التمويل والشراكة. وفى القرن الـ20، بدأت المؤسسة تتحول إلى قطاع التجزئة البنكية استجابة للطلب المتزايد من قبل الطبقات المتوسطة وزيادة الإقبال على حسابات التوفير وارتفاع شعبيتها فى أوساط السويسريين.[FirstQuote]
بدأت قصة استحواذ المؤسسة السويسرية على البنوك الأخرى من خلال الشراكة مع بنك «فيرست بوسطن» عام 1987، إلا أن الأخير تعثر مالياً بسبب قرض فاشل قدمه وتسبب فى ضغوط اقتصادية عليه، ولهذا تدخلت المؤسسة السويسرية واشترت النسبة الأكبر لتصبح المتحكم الرئيسى فى البنك عام 1988. وفى التسعينات، واصلت المؤسسة السويسرية استحواذها على عدد من البنوك والمؤسسات المالية السويسرية، إلى أن استحوذت على مكتب الاستثمار الأمريكى «دونالدسون ولافكين وجينيرت» الشهير فى عام 2000.
وبحسب شبكة «بلومبرج» الاقتصادية الأمريكية، فإن «كريدى سويس» يعد أحد أهم وأبرز البنوك فى العالم، وهو مدرج على قائمة «بلاج براكيت» فى بورصة «وول ستريت» الأمريكية، التى تتضمن أقل من 12 بنكاً هى الأبرز والأقوى والأكثر ربحاً فى العالم. وبحسب التصنيفات البنكية الأخيرة، فإن «كريدى سويس» يعد من أبرز البنوك فى العالم باستثمارات دولية ومحلية هائلة يستند إليها الاستقرار الاقتصادى الدولى إلى حد كبير. وصنفته مجلة «فورتشن» الأمريكية على أنه واحد من أكثر المجموعات الاقتصادية العالمية نمواً وازدهاراً، بينما وصفه استطلاع «يورو مونى» العالمى لقطاع الاستثمار بأنه أفضل بنك خاص فى العالم، وكأفضل مجموعة إدارة أسهم فى أوروبا، بحسب استطلاع «جلوبال إنفستورز».
وتشير «فايننشيال تايمز» إلى أن التقسيم المؤسسى لـ«كريدى سويس» من حيث نسبة الأسهم، يضع قطر فى المرتبة الثانية فى حملة الأسهم الخاصة بالمجموعة السويسرية، حيث جاء فى المركز الأول مجموعة «أوليان أوروبا» بنسبة 5.64%، بينما جاءت قطر فى المركز الثانى بنسبة 5.10%. وفى عام 2012 بعد عملية الاستحواذ، أعلنت المجموعة السويسرية نقل مقر عملياتها واستثماراتها الإقليمية فى الشرق الأوسط إلى العاصمة القطرية «الدوحة»، بعد أن كان المركز الرئيسى لها فى «دبى».
بعد إعلان حصول قطر على ثانى أكبر نسبة أسهم فى المجموعة السويسرية جعلتها من بين أهم المساهمين فى البنك، بدأت الشكوك تحيط بالمجموعة السويسرية بسبب استحواذ قطر على عدد كبير من الصفقات الاقتصادية التى تحصل فيها الإمارة الخليجية على المشورة الاقتصادية من المجموعة، وهو ما دفع البنك فى 9 يونيو من العام الماضى إلى إصدار بيان يؤكد أن قطر تحصل على تلك الصفقات على أساس الجدارة وليس لأنها تعد من أهم المساهمين فى البنك. وقال الرئيس التنفيذى لأنشطة «كريدى سويس» فى قطر علاء الدين الهنجرى: «نحن نحصل على تلك الصفقات فى بيئة تنافسية بناءً على مدى قوة مصداقيتنا واعتماداتنا، وكون قطر حاملة أسهم فى المجموعة السويسرية ليس كافياً للفوز بالعطاءات التى يقدمها البنك للاستثمارات المختلفة».[SecondQuote]
لم تكن مسألة قطر هى الوحيدة التى تعرض بسببها البنك السويسرى إلى انتقادات وتحقيقات، ففى العقد الماضى، تعرض البنك لسلسلة طويلة من التحقيقات تتعلق باستخدام حسابات بنك «كريدى سويس» للتهرب من الضرائب، حيث أجرت الحكومة البرازيلية تحقيقاً ضد 13 موظفاً سابقاً وحالياً فى «كريدى سويس» عام 2008، وانتهى التحقيق بحملة اعتقالات جرت فى عام 2009 كجزء من حملة أكبر لمكافحة التهرب الضريبى فى البرازيل. وفى عام 2011، اتهمت وزارة العدل الأمريكية 4 من العاملين بالبنك فى قضايا احتيال تهدف إلى مساعدة الأمريكيين الأثرياء فى التهرب من الضرائب. أما السلطات الألمانية، فقد عثرت على أدلة تثبت أن عدداً من مواطنيها كانوا يستخدمون سياسات التأمين التى يتبعها البنك السويسرى فى تجنب الضرائب والحصول على أرباح معفاة من الضرائب، واضطر البنك السويسرى إلى الموافقة على تسوية بقيمة 150 مليون يورو بهدف إنهاء الأزمة مع الحكومة الألمانية. وبسبب التحقيقات المستمرة فى أنشطة البنك، أعلنت المجموعة ضم قسم إدارة الأصول فى البنك إلى قسم الاستثمارات البنكية الخاصة.
وفى سبتمبر 2012، قررت الحكومة السويسرية السماح لعدد من البنوك من بينها «كريدى سويس» بالإفراج عن بياناتها لصالح وزارة العدل الأمريكية فى إطار التحقيقات التى خضعت لها بنوك العالم فى قضايا الاحتيال والتهرب الضريبى، وبالفعل انتهت التحقيقات فى فبراير 2014، بإعلان البنك السويسرى موافقته على دفع غرامة تقدر بـ197 مليون دولار بعد اكتشاف أن أحد فروع البنك قدم خدماته لـ8500 مواطن أمريكى دون تسجيل بياناتهم، وهو ما أثار شكوكاً جديدة حول تعمد إخفاء بيانات المواطنين الأمريكيين بهدف مساعدتهم على التهرب الضريبى.
وفى مايو 2014، أقرت المجموعة السويسرية بالذنب أمام وزارة العدل الأمريكية، بأنها ساعدت فى التآمر للتهرب من الضرائب، ليصبح بهذا أبرز بنك عالمى يقر بالذنب فى الولايات المتحدة منذ قضية «دريكسل برنهام لامبارت» عام 1989. وبعد أيام قليلة من اعتراف المجموعة السويسرية، خرج وزير العدل الأمريكى إيريك هولدر فى بيان صحفى، يعلن أن «مجموعة (كريدى سويس) السويسرية تآمرت لمساعدة مواطنين أمريكيين على إخفاء أصولهم واستثماراتهم فى حسابات خارجية بهدف تجنب دفع الضرائب، وحين يشارك أى بنك فى مؤامرة كهذه، فإن عليه أن يعلم جيداً أن وزارة العدل الأمريكية ستلاحقه جنائياً حتى أقصى درجة ممكنة، وهو ما حدث بالفعل فى قضية البنك السويسرى، وهذه القضية تثبت أنه لن يكون هناك مؤسسة اقتصادية مهما كان حجمها أو استثماراتها العالمية، فوق القانون». وأعلن وزير العدل الأمريكى وقتها أن الغرامة التى فرضت على البنك السويسرى بلغت 2.6 مليار دولار أمريكى.
وتشير صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إلى أنه خلال الفترة التى مر فيها العالم بالأزمة الاقتصادية كانت مجموعة «كريدى سويس» هى أفضل من نجا من تلك الأزمة، حيث استطاعت الحفاظ على قيمة أسهمها ولم تضطر إلى الاقتراض من الحكومات الأخرى على غرار ما حدث بالنسبة لبنوك أخرى. وقد خضع البنك السويسرى إلى جانب عدة بنوك عالمية أخرى إلى التحقيق والمحاكمة من قبل السلطات الأمريكية بسبب عمليات خلط الرهون العقارية بالأوراق المالية وعدم تقديم المخاطر الحقيقية للرهون العقارية خلال فترة ازدهار سوق العقارات فى الولايات المتحدة.
ملف خاص:
انفراد| جمال وعلاء مبارك يخفيان 3 مليارات جنيه في بنك واحد
"الكسب يستعين بـ"الوطن" لمعرفة حسابات "علاء وجمال" بالخارج