«محمد» بائع المناديل بموقف العاشر: نفسي أسدد ديوني وأرجع المدرسة

كتب: سمر صالح

«محمد» بائع المناديل بموقف العاشر: نفسي أسدد ديوني وأرجع المدرسة

«محمد» بائع المناديل بموقف العاشر: نفسي أسدد ديوني وأرجع المدرسة

حلمه أكبر من كل العقبات، وشغفه دائم، متجدد لا ينضب، يجول الشوارع بائعًا من أجل كسب مالًا حلالًا ينفقه على نفسه وعلى أسرته التي بات هو مسؤولا عنها بعد غياب الأب.

هكذا يبدو الصغير «محمد أحمد» وهو يحادث نفسه، بينما يعمل بائعا للمناديل والكمامات في موقف ميكروباصات العاشر من رمضان، يبيع أحيانا الحلوى للصغار ولا يتذوقها هو، رغم صغر سنه الذي لا يتجاوز الخامس عشر، باتت ملامحه تشي بحجم المسؤولية التي وضعت على عاتقه مبكرا وقبل أن يرى من الحياة نعيمها.

من الخصوص إلى موقف العاشر

من منطقة الخصوص إلى موقف العاشر من رمضان، يقطع الصغير «محمد» مسافة طويلة كل يوم سعيا وراء «لقمة العيش»، كثيرا ما استغل ساعة أو أقل ليقف على أعتاب إحدى المدارس يشاهد الطلاب وهم يهرولون للحاق بموعد الطابور الصباحي فتدمع عيناه، «من وأنا عندي 10 سنين ومن وقت ما أبويا سابنا اضطريت أسيب المدرسة عشان أشتغل وأصرف على نفسي واخواتي»، يقول الصغير محمد في بداية حديثه لـ«الوطن».

لم يترك الصغير مهنة إلا وحاول العمل بها باليومية لكسب قوت يومه، «اشتغلت كذا شغلانة، مفيش شغلانة مجربتهاش طالما بالحلال»، رغم كونه الثالث في ترتيبه بين إخوته منهم من هو أكبر منه بسنوات إلا أنه اختار تحمل المسؤولية، وبحسب تعبيره، «والدتي شغالة في مصنع وأختي الكبيرة شغالة لكن أنا لازم أشتغل وأساعدهم في البيت وأصرف على نفسي وعلى إخواتي الأصغر».

بيع المناديل والحلوى

الركاب والمارة في موقف العاشر من رمضان باتوا يعرفون الصغير الذي يتضح شغفه من عينيه دومًا، رغم صعوبة حاله، مائة جنيه أو أقل، يكسبها «محمد» من بيع المناديل والكمامات وقطع البسكوت والحلوى في الشارع، يخصص جزء منها لتسديد ديونه المتراكمة عليه من شراء البضاعة، ولا تكفيه أيضا، بحسب وصفه.

حلم العودة للمدرسة وسداد دينه

أحلام «محمد» كبيرة لا تتناسب مع سنه الصغيرة، يسرح بخياله فيرى نفسه ضابطا كبيرًا يقود فرقة كبيرة، لا يكف هاتفه عن الرنين من كثرة أعماله ومسؤولياته التي تقع على عاتقه، «هفضل ورا حلمي لحد ما أبقى حاجة كبيرة في يوم من الأيام»، يقول يوسف، وهو يتمنى العودة إلى المدرسة كباقي الأطفال في مثل عمره، «نفسي أكمل تعليمي».

ألف وخمسمائة جنيه، المبلغ المتبقي على عاتق «محمد»، «عليا 500 جنيه لبياع الفراخ اللي بشتري منه وألف جنيه شاري بيهم بضاعة»، يسعى لسداده من مكسبه اليومي، دون أن يحمل جده أو والدته هما، «احنا عايشين في بيت العيلة مع جدي أبو أمي بس مش بحاول أشيلهم همي وبعتمد على نفسي»، بحسب قوله.


مواضيع متعلقة