"المفوضين" توصي برفض دعوى غلق قنوات "النهار" الفضائية
أصدرت الدائرة الثانية بهيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، تقريرًا أوصت فيه برفض الدعويين المطالبتين بسحب وإلغاء الترخيص الصادر لقنوات النهار الفضائية، بسبب المخالفات التي ارتكبتها تلك القناة.
صدر التقرير في الدعويين اللتين حملتا رقما 14651 و 10539 لسنة 68 قضائية، واختصمتا وزير الاستثمار، ووزير الإعلام، ووزير الاتصالات، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والرئيس التنفيذي لشركة "ميديا لاين" المالكة لقناة النهار، وآخرين.
وذكر المدعون، أن قناة النهار الفضائية الأولى والثانية والنهار +2، التي يمتلكها علاء الدين سعد على حسن الكحكي، وشقيقه عمرو الكحكي، قامت بمخالفة الترخيص الصادر لها من الهيئة العامة للاستثمار وهو ترخيص منوعات تختص بالأغاني فقط، ولكنها تحولت إلى تقديم برامج سياسية مشبوهة، مخالفة بذلك الترخيص الممنوح لها وكذلك السجل التجاري الصادر لها من هيئة الاستثمار، وتحولت القناة لمنبر لسب أجهزة الدولة، وخاصة القوات المسلحة ورجالها الأبطال، ووزارة الداخلية وضباطها الذين يضحون بأرواحهم يوميًا من أجل استقرار الأمن في البلاد.
وحول المخالفات التي ارتكبتها قنوات النهار أشارت الدعويان إلى أن النشطاء السياسيين نوارة نجم، وأحمد حرارة، وعلاء عبدالفتاح، ورد على لسانهم في برنامج "أخر النهار" الذي يقدمه الإعلامي محمود سعد، والمذاع على القناة المذكورة تضمن إهانات لمؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة، وألحق ضررًا بالغًا بالمصلحة العامة، مما يعد خروجًا على ميثاق الشرف الإعلامي وبُعدًا عن الحياد والموضوعية، الأمر الذي دفع المدعين لإقامة دعواهم الماثلة.
وأكد التقرير، أن التصريحات المنسوبة لضيوف البرنامج تعبر عن آرائهم ووجهة نظرهم، وهم مسئولون عما يقولون من الناحية الجنائية والمدنية، ويكون من غير المنطقي معاقبة القناة على إتاحتها الفرصة وإفساحها المجال للتكوينات السياسية والاجتماعية للتعبير عن نفسها، ذلك أن غلق القنوات الفضائية أو وقف بثها يقتضي أن يكون هو الملجأ الأخير –عندما تتوافر ظروفه وأسبابه– إذ أنه يتصادم مع قيد التعددية الإعلامية، وكذا حرية التعبير عن الرأي التي كفلتها الدساتير المصرية المتعاقبة وآخرها دستور 2012 المعدل في 2014، وأقرتها مصر من خلال انضمامها للعديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحمي حرية التعبير وتكفلها.
وأضاف التقرير، أنه لا يغير من ذلك كون التصريحات الصادرة عن هؤلاء الضيوف قد حادت عن الأسلوب الأمثل للتعبير، أو قد شابها تعسف في استعمالٍ لتلك الحرية، فتلك القنوات بمثابة نوافذ النور والحرية وهي حق خالص وأصيل للمشاهد، وفي كل الأحوال فإن الصوت الثوري الحق هو الذي عندما يثور ويعبر عما بداخله، تكبحه المبادئ والمُثل العليا، فلا يشهر بأحد، ولا يستعمل ألفاظًا أو تعبيراتٍ من شأنها أن تجرح مواطنًا أو تشوه في مؤسسة من مؤسسات الدولة، إذ أن الثورة من المفترض بها أن تكون ضد وضعٍ سيء أو غير مرغوب يراد تحويله إلى حالٍ أفضل، لا ضد مؤسسة تعد عمادًا من أعمدة الدولة، وإلا كان الغرض هو هدم الدولة وليس مجرد النقد الذي يحمل في طياته بناء وإرشاداً للطريق القويم.
واستند التقرير إلى نصوص مواد الدستور الجديد وهي مواد (10و31و51و57و65و67و70و71و93و99)، والمادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبعض مواد قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 7 لسنة 1998 والمعدلة بالقانون رقم 114 لسنة 2008.
وأكد التقرير، على ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء، والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها، ولا تكون لها من فائدة، وبها يكون الأفراد أحرارًا لا يتهيبون موقفًا، ولا يترددون وجلًا، ولا ينتصفون لغير الحق طريقًا.
وأشار التقرير، إلى أن من المقرر إن حرية التعبير، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها، لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخى قمعها، بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها -وعلانية- تلك الأفكار التي تجول في عقولهم، فلا يتهامسون بها نجيًا، بل يطرحونها عزمًا ولو عارضتها السلطة العامة- إحداثاً من جانبهم- وبالوسائل السلمية- لتغيير قد يكون مطلوبًا.
وقال التقرير، إن الحقائق لا يجوز إخفاؤها، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكناً فى غيبة حرية التعبير، كذلك فإن الذين يعتصمون في الدفاع عن حرية التعبير بما ورد بالدستور من نصوص تؤكد ذلك، لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها، بل كذلك اختيار الرسائل التي يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء في مجال عرضها أو نشرها، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها، ولعل أكثر ما يهدد حرية التعبير، أن يكون الإيمان بها شكليًا أو سلبيًا، بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولًا بتبعاتها، وألا يفرض أحد على غيره صمتًا ولو بقوة القانون .