تخطئ كثيراً إذا تعاملت مع الرئيس عبدالفتاح السيسى ببساطة و«استسهال».. وتخطئ أكثر إن سمعت كلماته وعباراته بأذنيك، دون أن تحلل «الشفرات» والرسائل المقصودة لأطراف محددة، ربما لا يفهمها الكثيرون..!
«السيسى» رجل مخابرات محنك و«ماكر».. بينما نراه نحن رئيساً حنوناً، يحدثنا بعطف وحب.. فهل يراه الآخرون كذلك..؟!.. قطعاً لا.. فالرجل تحدث أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة، وتحديداً عقب الحادث الإرهابى الحقير فى العريش.. قال كلاماً لنا بصدقه المعهود.. أراد أن يبث الطمأنينة فى قلوبنا، وأن يستنهض الإرادة والإحساس بالمسئولية وخطورة اللحظة بداخلنا.. غير أنه قال كلاماً لأعداء وخصوم يعرفهم جيداً، ويعرفون أنه يعرفهم.. كان كلامه للمتآمرين فى الداخل والخارج «ماكراً» كعادة رجال المخابرات وكبار الساسة.. وربما كان هذا ما شغلنى مؤخراً، فحاولت فك «شفرات» السيسى الخطيرة..!
أخطر «شفرات» الرئيس التى عكفت دوائر غربية وإخوانية على «فكها» خلال الساعات الأخيرة، كانت عبارتين.. الأولى حين قال فى كلمته للأمة بعد اجتماعه مع المجلس العسكرى أمس الأول «كنت أعلم أن هذا ما سيحدث - فى إشارة للإرهاب - وأن المصريين أيضاً كانوا يعلمون أننا سنقابل موجة إرهاب، لأننا قضينا على تنظيم فى أقوى حالاته منذ سنين طويلة، نافذ وناجح فى العالم».. كلام «السيسى» هنا له تفسيران: أحدهما مباشر للبسطاء، بأن تنظيم الإخوان الإرهابى كان قد وصل إلى أقصى مراحل قوته قبل أن يطيح به الشعب، وأنه نافذ وناجح فى العالم.! فهل قصد «السيسى» ذلك فقط؟.. تعالوا نقرأ ما بين الكلمات والحروف وليس السطور.. فالرجل لديه معلومات مؤكدة بأن هناك فى مؤسسات الدولة وجهات مختلفة فى الداخل مَن يدعم «الإخوان» سراً بهدف نشر الفوضى فى مصر..!
نعم.. رسالة السيسى «المشفرة» تعنى ذلك.. والدليل أنه استخدم كلمة «نافذ» فى وصف الإخوان.. وإذا أردت أن تفك «شفرة» الرسالة، ارجع إلى عبارته الأخرى التى أذهلت الجميع «أقول للى ساعدكم واللى اداكم عارفينه وشايفينه ومش هنسيبه».! هل تعتقد أن الرئيس يعنى بهذه العبارة الأطراف الخارجية؟!.. قطعاً.. لا.. هذا تحليلى وتلك قراءتى.. فالرجل يدرك تماماً أن الأطراف الخارجية معروفة، ودورها ثابت ومعلن أمام الجميع.. إذن فالرسالة لأطراف وأفراد وخلايا وجماعات فى الداخل، أراد الرئيس أن يقول لهم «شايفينكم.. ومش هنسيبكم»..!
غير أن أخطر ما فى هذه الرسالة، ما وضعه «السيسى» فى سياق منفصل خلال كلمته، ولكنه -على ما يبدو- أراد أن يفهمه «أصحاب الشأن» فقط لخطورته، إذ قال «إن بناء مصر هو دور مشترك بين الدولة ومؤسساتها، وإن مؤسسة القضاء ملزمة بإجراءات قضائية سريعة».. ثم توقف «السيسى» للحظات، وألقى نظرة لمعت خلالها عيناه، وكأنه يريد أن «يضغط» على الرسالة «المشفرة».. ولكنه أردف سريعاً: «أنا مليش دعوة ومش هعلق على القضاء».
لكل طرف رسالته وشفرته، وهو قطعاً سيفهمها.. هكذا قال لسانه، وعبرت نظرته المشفرة.. وكأنه يقول لـ«القضاء المصرى»: لن أزيد على ذلك.. فأنتم وحدكم ستفهمون الرسالة.. لا سيما أنه أتبعها بكلمات تؤكد أن لديه تقارير ومعلومات تقطع بتورط أطراف داخلية فى دعم «الإخوان»، ومعاداة الدولة والشعب: «إن أجهزة الدولة أيضاً مطالبة بالوقوف بجانب المصريين..».. فهل أراد الرجل المحنك أن يقول إننا «شايفين» خلايا الإخوان والمتعاطفين معهم فى أجهزة الدولة و«مش هنسيبهم»؟!.. ربما..!
..فى كلام «السيسى» شفرات ورسائل كثيرة.. هذا بعضها.. وإن أردتم المزيد.. شاهدوها.. واقرأوها مرة ومرات.. وستعلمون أن الرجل ليس سهلاً.. وستشعرون حتماً بالأمان والأمل فى المرور من هذا النفق الخطير..!