جيران المقار الأمنية بسيناء: "قصف الإرهاب لايفرق بين الجندي والمواطن"
أصوات طلقات نار متقطعة، وقنابل ضوئية كاشفة، ولافتة مكتوب عليها "ممنوع الاقتراب"، وسواتر ترابية، وحواجز لمنع المرور.. هكذا حال المقار الأمنية في محافظة شمال سيناء، فالإجراءات الأمنية المشددة، التي تتبعها قوات الأمن هناك خوفًا من العمليات الإرهابية، أصبحت تمثل عائقًا يقف أمام سير حركة الحياة الطبيعية للمواطنين هناك.
مدينة الشيخ زويد الأكثر خطرًا من العريش، تخضع المقار الأمنية فيها إلى إجراءات مشددة، فقسم الشرطة هناك لم يعد يفتح أبوابه للمواطنين كباقي أقسام الشرطة في المحافظات الأخرى، الأمر الذي أجبر "ع.ف" أحد السكان القريبين من القسم، والذي رفض ذكر اسمه، لاعتبارات قبلية وأمنية، على الاتصال بقسم الشرطة، ليعلموا بأمر زيارته لهم قبل دخوله، ويتم التنسيق بين من بداخل القسم مع "القناصة" والمسؤولين عن تأمين البوابة حتى يسمحوا له بالدخول.
بمجرد أن وصل "ع.ف" إلى مقر القسم فوجئ بأحد الجنود يرفع سلاحه في وجهه ويجبره على الوقوف، ووضع يده على رأسه، يحاول "ع.ف" إخبار الجندي أن من بداخل القسم يعلمون بمجيئه، لكن الجندي يصر قائلاً: "خليك على الأرض لحد ما نتأكد".
الظروف الأمنية والتضييقات التي عانى منها "ع.ف" أجبرته على ترك بيته وبلاده، والانتقال إلى الإسكندرية بشكل مؤقت.. "وجودي جنب القسم بيخليني هدف للحملات العسكرية وطلقات الإرهابيين في أي وقت، وأنا سافرت الإسكندرية عشان أحس بالأمان".
بجوار الكتيبة 101 التي شهدت الهجوم الإرهابي الأخير، شاء حظ وليد محمد العاثر أن يكون أحد السكان المجاورين منها، يتعرض وليد إلى صعوبة في التحرك، فقوات الأمن لا تسمح له بالصعود إلى سطح بيته أثناء الليل.. "دايمًا حاسين بتهديد ومعرضين للخطر لأن الكتيبة ممكن في أي وقت يتم استهدافها ودا اللي حصل".
يتمنى "وليد"، مغادرة المكان والانتقال إلى مكان أكثر أمنًا، إلا أن ظروف البلد تمنعه من ذلك.. "ناس كتير من جيراني سابت المكان خصوصًا بعد اللي حصل يوم الخميس واستهداف الكتيبة 101".
أحد المواطنين المقيمين أمام مديرية الأمن، اختار هذا المكان خصيصًا، ظنًا منه أنه سيكون في أمان أكثر من الأماكن الأخرى، لكن الأمر لم يعد كذلك الآن، فبحسب "ح.ف" المقيم بحي ضاحية السلام بجوار مديرية الأمن، والذي رفض ذكر اسمه، فإن الوضع في الحي الذي يقيم فيه أصبح خطيرًا جدًا، خاصة بعد حادث يوم الخميس الإرهابي.
يضيف "ح.ف" أنه فكَّر جديًا بعد هذه الأحداث أن ينتقل إلى مكان أكثر أمنًا إلا أن عدم وجود مشترٍ يرضى بشراء بيته القريب من مديرية الأمن، أجَّل تفكيره في هذ الموضوع، وجعله يضطر إلى الإقامة في بيته لحين هدوء الأوضاع، وفي الوقت نفسه يعتبر "ح.ف" أن الإجراءات الأمنية المشددة التي يعاني منها بالقرب من بيته تشعره ببعض الأمان، إلا أن الهجوم قد يكون بصواريخ كما حدث أكثر من مرة، وبالتالي لا جدوى من هذه الإجراءات الأمنية.
طلقات عشوائية وعبوات ناسفة، وملثمون يستقلون دراجة بخارية، ويطلقون النار على أفراد قسم شرطة ثان العريش، مشاهد يعتاد عليها المواطنون المقيمون في محيط القسم، غير أن هذه المشاهد جديدة على السكان هناك، فبحسب أحمد سعيد، المقيم بجوار قسم ثان، فإن الوضع كان آمنًا قبل ظهور الإرهاب وتوحشه في شمال سيناء.
ويُمنع على المواطنين المقيمين بجوار القسم الخروج من النوافذ.. "زوجتي كانت بتنشر الملابس الجندي قالها ادخلي جوا"، مشهد يتكرر كثيرًا مع أحمد سعيد، بالإضافة إلى طلقات النار التي يطلقها الجنود في الهواء من وقت لآخر.
الدخول إلى قسم الشرطة أمر يعاني منه المواطنون هناك، ويروي أحمد سعيد موقفًا تعرض له: "كنت داخل القسم، ففوجئت بجندي معاه ميكروفون فوق القسم، قالي اثبت انت جاي ليه، وفي نفس الوقت كان في عربية عايزة تدخل القسم ثبتوها وضربوا نار في الهواء كتير لغاية لما اكتشفوا أنها تابعة للشرطة".