بالصور| وليد قبل استشهاده: "صحابي وحشوني ونفسي أحصلهم".. طلبها ونالها
وجه لا يعرف العبوس، يمتلك بسمة حفرت مقرًا لها على شفتيه منذ الصغر، فأبى أن يتخلى عنها، فتكاد تكون عدوى تنتقل إليك بمجرد النظر إليه فتشعر براحة واطمئنان، حلم ظل يراوده في طفولته بأن يصبح من رجال الأمن بالدولة ليقبض على "الحرامية" كما رأى في الأفلام، فتحقق حلمه الطفولي ووقف صامدًا داخل "كتيبته 101" في سيناء منتظرًا الموت كل لحظة، وما هي إلا دقائق معدودة حتى انقطع الأمل ونكست البسمة من محل إقامتها بتوالي الهجمات الإرهابية عليه حتى لفظ انفاسه الأخيرة.
"ربنا يرزقنا الشهادة أنا وأنت وكل اللي يستاهلها" تلك الأمنية التي نطقها لسان الشهيد وليد عصام ابن الـ26 عامًا، أثناء جلسة تجمعه بصديق طفولته محمد عبدالعزيز، وذلك قبل استشهاده بساعات قائلًا "بكرة نستشهد ونروح الجنة نشوف صحابنا كريم وياسر.. هما مش أحسن مننا وكمان هما وحشوني أوي"، فاشتياقه الشديد لأصدقائه جعله يتلهف للالتحاق بهم "في الجنة" عما قريب لعلهم يهيئون مكانًا له، فهناك الكثير من الأحاديث التي تمنى مشاوراتهم بها، فجلسات السَمر لا تكتمل إلا في حضورهم.[SecondImage]
فيودع عبدالعزيز صديقه ناعيًا الروح الطيبة التي عاشت داخله، والأخلاق الحميدة التي رآها في وليد، حيث كان بارًا بوالديه وصديقًا عزيزًا لإخوته الصغار، ويقع ترتيبه الأول ويليه ولد وبنت أخرى، فالكلمات التي لا تزال تدوي بأذنيه حين قال له ذات مرة "أنا عارف إن وجودنا في سيناء كأننا ميتين ع وش الدنيا.. بس إحنا مش هنسيبها للإرهابيين مصر بتاعتنا والشهادة أولى بينا"، تلك المشاعر هي المسيطرة على قلوب العاشقين لتراب البلد، الذين يحلمون في منامهم أنه لهم وحدهم ولا وجود للاستعمار الإرهابي، فيستيقظون على ضربات خسيسة تّفسد حلمهم.
فيقول عبد العزيز إن وليد دائمًا كان يخفف عن كاهله حدة التوتر والقلق الذين يعيشون فيه دائمًا بالاستخفاف من أساليب الإرهابيين، متذكرًا صديقه حين وقع انفجار بوحدته في أول العريش، وأخذ يقص له ما حدث، فأراد أن ينسيه قائلًا له: "عشان أنت لو مسيطر مكنش حصل كده يا أسطى لكن أنا محدش يقدر يعمل كده وأنا موجود في وحدتي" ما إن انتهى من كلامه حتى وقع انفجار بالقرب منه دون وقوع خسائر، فيمتلك وليد قدرًا من الثقة التي جعلته يطلق على نفسه "أسد" ليقول لصديقه: "علمونا في الكلية إننا لازم نواجهه.. متعودناش نخاف.. إحنا إللي بنحمي الناس عشان هما محتاجين لينا".
رحل وليد تاركًا عروس ارتدت عوضًا عنه البدلة السوداء في حين يزّف هو في ثوب أبيض يليق بمكانه الجديد "الجنة" التي اشتاق إليها طيلة سنوات عمره القليلة.