«الدستورية» تؤجل نظر طعن حكم الكشف عن الرواتب
قررت المحكمة الدستورية العليا، أمس، تأجيل نظر الطعن المقدم من عدد من مستشارى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية لوقف تنفيذ حكم محكمة النقض الصادر بإلزام المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا بالكشف عن مرتبات قضاة المحكمة، لجلسة 10 فبراير المقبل، وذلك لإيداع تقرير هيئة المفوضين والمذكرات.
وشهدت الجلسة مرافعة المستشار مكرم السودانى الرئيس بمحكمة الاستئناف، التى استمرت نحو نصف ساعة، دفع خلالها بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الطعن؛ لعدم جواز تصديها لأحكام محكمة النقض وإلغائها، كما ترافع المستشار محمد الدهرى لمدة 15 دقيقة أكد خلالها عدم توافر شرط المصلحة فى حق مقيمى الدعوى.
وأثبت القضاة خلال مرافعتهم فى محضر جلسة نظر الطعن، تدخل عدد من القضاة وهم: محمود حمزة ومحمد الدهرى وحمدى طلبة ومحمد محب، فى القضية بجانب المدعى عليهم، وحصلت «الوطن» على نص مذكرة الدفاع والطلبات التى تقدموا بها للمحكمة الدستورية العليا، التى تضمنت الدفع أولاً بعدم قبول الدعوى المقامة من مستشارى هيئة المفوضين لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة، ذلك أن حكم محكمة النقض المطلوب القضاء بعدم الاعتداد به، لم يمس أى حق موضوعى أو إجرائى لأعضاء المحكمة أو مفوضيها، ومن ثم تنعدم مصلحتهم فى الطعن عليه لعدم تعلقه بحقوقهم ومراكزهم القانونية سلباً أو إيجاباً.[FirstQuote]
كما دفعوا بعدم اختصاص دائرة طلبات أعضاء المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى لعدم تعلقها بحق موضوعى أو إجرائى لأحد أعضاء المحكمة الدستورية أو مفوضيها، وكذلك الدفع بعدم انعقاد الخصومة لعدم إعلان باقى المدعى عليهم كون الحكم محل الدعوى لا يقبل التجزئة بين الصادر لهم الحكم.
وطلب القضاة إدخال جميع أعضاء المحكمة الدستورية العليا ومن لم يتم اختصامه من هيئة المفوضين بالمحكمة خصوماً فى الدعوى لاتحاد السبب والموضوع والمصلحة مع المدعين فى طلباتهم حال إذا قبلت المحكمة وجود صفة أو مصلحة لهم.
وأكدت مذكرة القضاة أن حكم محكمة النقض الملزم لرئيس المحكمة الدستورية العليا بالكشف عن رواتب قضاة المحكمة لا يعنى عدم تمتع بيانات رواتب القضاة بالسرية؛ لعدم وجود أى نص دستورى أو قانونى يسبغ عليها طابع السرية، فضلاً عن أن حكم «النقض» جاء متفقاً مع صحيح الدستور، وخاصة مبدأى الإفصاح والشفافية، كما طالبوا بالتعويض المدنى المناسب ضد أعضاء مفوضى الدستورية عن إساءة استعمال حق التقاضى.[SecondImage]
وأكدت المذكرة أن الدستور لم ينص على أن ميزانية المحكمة الدستورية تتمتع بصفة السرية، كما هو الحال بالنسبة لميزانية القوات المسلحة التى أناط الدستور بمجلس الدفاع الوطنى مناقشتها، ومن ثم فالميزانية المستقلة للمحكمة الدستورية العليا بجميع أبوابها وفصولها وبنودها والأسس التى قامت عليها ومنها ما يتصل بالأجور والمزايا والمخصصات المالية والصناديق الخاصة بها -أياً كان مسماها- شأن عام يوجب الدستور والقانون الإفصاح عنها كأصل عام وكحق كفله الدستور على جميع سلطات ومؤسسات الدولة.
وأضافت المذكرة أن امتناع المحكمة الدستورية العليا عن تنفيذ حكم محكمة النقض يعد انتهاكاً لأحكام الدستور، وهدماً للشرعية والمشروعية لمخالفته للمادة 68 من الدستور فى شأن تداول البيانات والمعلومات، فضلاً عن أن صدور حكم محكمة النقض فى مواجهة رئيس المحكمة الدستورية العليا لم يصدر بصفته القضائية وإنما صدر فى مواجهته بالسلطات الإدارية المقررة للوزير التى منحها القانون لرئيس المحكمة الدستورية على موظفى المحكمة التى تتوافر لديهم المعلومات والبيانات المطلوبة.
وأوضحت المذكرة أن القضاء الدستورى الممثل فى المحكمة الدستورية هو فرع من أصل وهو القضاء الأساسى، ويمكن أن يتفرع من الأصل ما هو مختص بالفصل فى مشروعية القوانين ومدى اتفاقها مع الدستور وتحديد الاختصاص عند تنازع الاختصاص بين جهتى القضاء، وهذا الاختصاص لا يعنى الهيمنة والعلو على الجهات القضائية الأخرى.
وردت المذكرة على تفسير مستشارى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية للمادة 194 من الدستور التى نصت على: «رئيس ونواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها مستقلون، وتسرى بشأنهم جميع الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لأعضاء السلطة القضائية»، موضحة أن بها مغالطات واقعية وقانونية وتفسير تأثر بالهوى النفسى لمستشارى هيئة المفوضين مظنة فتنة النفس لمكانة مزعومة، وتناسوا أن القاضى من صفاته التواضع والحلم وعدم الغضب الذى قد يفقده حياده وما يعبر عن النفس البشرية ومكنونها.
وأضافت المذكرة أنه بمطالعة عريضة الدعوى سرعان ما نجد المعانى السابقة لها دلالتها الواضحة إذ جاءت عبارات الاستعلاء والاحتماء بمكانة المحكمة الدستورية دون مكانة الشخص ذاته هى المسيطرة على روح كاتب الدعوى، فخلط محررها بين توزيع الاختصاصات بين الجهات المختلفة التى تقف على أرض ثابتة متساوية وكفاءة العاملين فيها، إذ جعل مجرد الانتساب إلى المكان وكأنه شهادة تميز عن الآخرين.
وأوضحت المذكرة أن ما ساقه مستشارو هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا، فى دعواهم، من تمييز بينهم وبين أعضاء الجهات القضائية الأخرى خالف الواقع القانونى وما سطره شيوخ قضاة المحكمة الدستورية فى أحكامهم.
وتمسك القضاة فى مذكرة دفاعهم برفض دعوى مستشارى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، ومطالبة المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، بتنفيذ حكم محكمة النقض بالكشف عن رواتب قضاة المحكمة، خاصة أنه لا ولاية لدائرة أعضاء المحكمة الدستورية بالتصدى لحكم النقض والقضاء بوقفه، وإلا أصبح ذلك مخالفة للقانون ولأحكام المحكمة الدستورية العليا وسابقة خطيرة للغاية فى مجال العدالة والعمل القضائى، كون الدائرة غير مختصة.
واختتمت المذكرة بالتأكيد أن المشرِّع الدستورى ليس له صفات الربوبية، حسبما ورد بعريضة الدعوى، من أن «المشرع الدستورى منزه عن اللغو أو الهزل أو العبث أو التزيد»، فحاشا لله أن يكون الكمال لغير الله، وأن يوجد من هو لا ينطق عن الهوى إلا خير خلق الله كلهم، وإن كان المشرِّع الدستورى، كما وصفه المدعون، وهم الرقباء على أخطائه وتفسير نصوصه لأنهم فى النهاية بشر.
وكانت «الوطن» قد انفردت بنشر نص الحكم الصادر من محكمة النقض بإلزام المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، بالكشف عن مرتبات قضاة المحكمة، كما انفردت بنشر نص عريضة الدعوى المقامة من 11 قاضياً بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا لوقف تنفيذ حكم «النقض».
وسبق أن أصدرت محكمة النقض حكماً بمساواة قضاة الاستئناف مالياً مع قضاة المحكمة الدستورية العليا، وأرسل مجلس القضاء الأعلى خطاباً إلى المحكمة الدستورية العليا لإرسال كشف يوضح مرتبات قضاة المحكمة لتنفيذ حكم «النقض»، إلا أنها تجاهلت طلب «القضاء الأعلى» وهو ما حدا بقضاة الاستئناف إلى إقامة دعوى تلزم المستشار عدلى منصور بالكشف عن مرتبات قضاة المحكمة الدستورية، وصدر حكم بذلك.
صورة من مذكرة دعوى الاستئناف