من التحرش إلى القتل.. «اللامبالاة» أصبحت «سلو بلدنا»
«لامبالاة».. رد فعل أصبح منطقياً للغاية، يرتبط بأحداث التحرش والاغتصاب العديدة التى تشهدها مصر بين الحين والآخر، البعض يلوم الضحية، فيما يكتفى آخرون بالمشاهدة على طريقة «تستاهل.. أكيد عملت حاجة غلط» حالة لم تكن بهذا الاعتياد فى حالات الحوادث والموت، لكن يبدو أن «اللامبالاة» توغلت إلى حد بعيد.
فى المشهد الأخير لوفاة الناشطة شيماء الصباغ، ظهرت صورة تحمل الكثير من المعانى، حيث عانت الفقيدة من طلق نارى بالرأس بينما المارة فى الشارع يواصلون مسيرهم كأن شيئاً لم يكن، حالة من اللامبالاة دافع عنها البعض بأن الظاهرين فى الصورة الشهيرة هما زهدى الشامى وإلهامى الفنجرى عضوا الحزب، يهمان بالركض هرباً من النيران، لكن الأمر كان أبعد من ذلك.
سيارات ترفض التوقف للإنقاذ، مقهى يرفض الدخول «مش عاوزين مشاكل» الكثير من التفاصيل التى حملت كثيراً من الخذلان، جعلت مشهد الموت مرعباً بشكل مضاعف للكثيرين، ليس فقط بسبب هيبة الحدث، وإنما بسبب فجاعة الخذلان الذى حمله المشهد، آدم ياسين، كان واحداً من هؤلاء: «ماقدرتش أنام غير بمهدئ، المشهد كان مرعب، شيماء اتقتلت مرتين، مرة بالرصاص، ومرة بالندالة من الناس اللى ماتت عشانهم». الشاب الثلاثينى بدا مكتئباً للغاية من التخاذل المتعمد عن الإنقاذ ولو بالمحاولة «قهوة زهرة البستان خافوا ياخدوها، العربيات والتاكسيات رفضت تقف تاخدها لأقرب مستشفى، إزاى بقينا شبه المسوخ كده؟».
قرار نهائى بعدم الجلوس مرة أخرى على مقهى زهرة البستان بعد ما حدث، رغم التماسه العذر لهم بشكل أو بآخر: «خذلانهم كان خوفاً من الشرطة، لكن ما عذر اللى موتوها بتحليلاتهم العبقرية على مواقع التواصل؟ ده كان شكل تانى من الندالة واللامبالاة، وصلنا لمرحلة إننا نفاصل فى الموت ونقف قدام واحدة بتطلع فى الروح نفكر هانساعد ولا لأ؟».
«نتيجة طبيعية جداً لسنوات طويلة تحولت معها اللامبالاة والسلبية إلى نمط حياة» يتحدث د.أحمد أبوالعزائم، أستاذ الطب النفسى، متسائلاً: «لماذا يتعجب الناس من هذه الحالة العادية جداً فى ظل انعدام المنطقية والظروف الطبيعية للحياة السليمة، الثقة المفقودة فى المسئولين والأجهزة الحكومية أكسبت الناس حالة من اللامبالاة جعلتهم يفضلون النجاة بأنفسهم قبل أى شىء على طريقة نفسى نفسى».*