إجراءات «المركزى» برفع الدولار تكبّد السوق السوداء خسائر تاريخية
سجلت تعاملات سوق صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه ارتفاعات متتالية للدولار طيلة أيام عمل الأسبوع الماضى، بقيمة إجمالية قدرها 25 قرشاً، ليسجل 743 قرشاً للبيع و740 قرشاً للشراء فى البنوك وشركات الصرافة، ونجحت إجراءات البنك المركزى المصرى بتحريك الدولار للأعلى فى توجيه ضربة تاريخية للسوق السوداء، حيث تراجع الدولار فيها بنحو 26 قرشاً دفعة واحدة فى السوق السوداء خلال تعاملات نهاية الأسبوع الماضى.
وكشفت مصادر مصرفية بارزة فى تصريحات خاصة لـ«بنوك واستثمار» أن البنوك العاملة فى السوق المحلية عملت على تعزيز اعتمادات استيراد من الخارج كانت معلقة، بالإضافة إلى أن الكشف عن حيتان الدولار من كبرى الشركات التى تشترى العملة الأجنبية من السوق السوداء أربك تعاملات تجار العملة وكبّدهم خسائر فادحة خلال الأيام القليلة الماضية. وأشارت إلى أن خطة البنك المركزى للقضاء على السوق السوداء بدأت بتحريك سعر الدولار للأعلى فى السوق الرسمية فى سياقٍ موازٍ لتعزيز تعاملات المستوردين، مما أدى إلى الضغط على تعاملات المضاربين على العملة بتقليص هامش أرباحهم من فارق سعر العملة، حيث إنهم لم يستطيعوا مجاراة ارتفاعات الأسعار فى السوق السوداء، التى جاءت نتيجة رفع الدولار فى البنوك.[FirstQuote]
وقال متعاملون إن انخفاض الدولار فى السوق السوداء يُعد الأكبر والأبرز خلال العامين الماضيين، حيث انخفض إلى مستوى 774 قرشاً للبيع و770 للشراء. وأضافوا أن الدولار لا يزال تحت سيطرة البنك المركزى، ويتحرّك فى إطار محدود، ولم يتجاوز ارتفاعاته حتى الآن مستوى 3.4%، فى حين انخفض اليورو بنحو 7% خلال أسبوع واحد، مشيرين إلى أن حركة العملات بالصعود والهبوط أمر معتاد وطبيعى ووارد فى كل دول العالم، مؤكدين أن إجمالى محصلة الارتفاعات المتتالية فى سعر الدولار أمام الجنيه تقدّر بنحو 25% منذ يناير 2011، وذلك على الرغم من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التى مرت بها البلاد طوال تلك الفترة، وذلك فى الوقت الذى انخفضت فيه عملة رئيسية مثل اليورو بنحو 15% خلال 6 أشهر فقط. من جهته، قال بلال خليل إن «المركزى» اتبع سياسة سليمة لتقليص الفجوة بين سعر الدولار فى السوقين الرسمية والسوداء، وهو ما أدى إلى انخفاض طلبات الشراء من السوق الموازية كرد فعل طبيعى ومنطقى لإجراءات «المركزى».
وشدّد على أنه لن تكون هناك ارتفاعات فى أسعار السلع، خاصة مع توفير العملة الصعبة بالبنوك، لتعزيز عمليات الاستيراد من الخارج، لافتاً إلى أن المستثمرين لن يأتوا إلى مصر فى وجود سوقين للدولار. وأكد أن هناك من يريد تشويه الأوضاع فى مصر بنشر أخبار كاذبة عن سوق العملة وتوافرها فى السوق المحلية، بهدف زعزعة الأمن العام وخلق مناخ سلبى، وهو ما يجب أن يلتفت إليه الجميع.[SecondQuote]
الدكتور هشام إبراهيم الخبير المصرفى، قال إن توافر منافذ متنوّعة لبيع وشراء العملة فى البنوك وشركات الصرافة يجرى العمل به فى العالم كله، وهو أمر إيجابى يحقق الصالح العام، خاصة أن البنوك لا تفتح أبوابها للعملاء 24 ساعة لتغيير العملات. وأضاف «إبراهيم» أن بعض شركات الصرافة تعد بمثابة باب خلفى لتمرير العملات الأجنبية إلى السوق السوداء، لذا فإنه يتوجّب على الجهات الرقابية، وتحديداً البنك المركزى تكثيف حملاته الرقابية والتفتيشية على تلك الشركات، خلال المرحلة الحالية، بالإضافة إلى أنه يتوجّب على كل الأجهزة الرقابية الأخرى دعم ومساندة الدور الذى يقوم به البنك المركزى فى ضبط أسواق النقد.
وأكد إبراهيم أن ما يحدث حالياً من خطوات هو تجهيز للمؤتمر الاقتصادى، بما فيها من خطوات يقوم بها البنك المركزى بتخفيض تكلفة التمويل والاستثمار من خلال تراجع سعرى الجنيه والفائدة، وتهيئة المناخ لجذب الأموال من الخارج، بالقضاء على المضاربات، فضلاً عن الإصلاحات التشريعية التى تخص قوانين الاستثمار.
وقالت المصادر إن البلاد تعانى من انخفاض إيرادات النقد الأجنبى، مقابل استخداماته، وإن القائمين على إدارة السياسة النقدية فى البلاد تسعى للخروج من ذلك المأزق واكتساب المزيد من الوقت لتحسين الأوضاع خلال الفترة المقبلة، ودعم قدرات الدولة لجذب الاستثمارات من الخارج فى مؤتمر مصر الاقتصادى فى مارس المقبل. وأضافت المصادر أن ارتفاع أسعار العملات الأجنبية من شأنه رفع تكلفة الواردات، ويشجّع الصادرات الوطنية، وهو ما يدفع إلى استيراد الاحتياجات الفعلية للأسواق، وليس سلعاً بغرض التخزين، وهو ما يؤدى إلى تخفيض العجز فى الميزان التجارى مع العالم الخارجى، خاصة دول الاتحاد الأوروبى، لافتين إلى أن عمليات الاستيراد من الأسواق الأوروبية للسلع الرفاهية والكماليات ارتفعت بغرض تخزينها، وليس لمواجهة طلب حقيقى فى السوق المحلية، وذلك رغبة من المستوردين فى الاستفادة من الانخفاض الذى شهده اليورو أمام الجنيه بقيمة 131 قرشاً خلال الـ6 أشهر الماضية، ليسجل 839 قرشاً مقابل 970 قرشاً فى يونيو الماضى.
وأضافت المصادر أن البنك المركزى يستهدف المساهمة فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى، لافتاً إلى أن انخفاض أسعار العملات الأجنبية يُعد من العوامل المشجّعة لمناخ الاستثمار وتحفيز قطاعى السياحة والصادرات، وسيدعم ارتفاع إيرادات الدولة من النقد الأجنبى أيضاً من خلال تشجيع المصريين العاملين فى الخارج على زيادة تحويلاتهم إلى الداخل، للاستفادة من ارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه.