■ حينما تُقتل شيماء الصباغ فى مظاهرة وتحدث حالة من التجييش السياسى والإعلامى للبحث عن قاتلها وتقديمه للعدالة، فهذا أمر مشروع وواجب جميعنا يرتضيه. ولكن حينما يُقتل فى اليوم التالى مجند شرطة «محمد على خلف» أثناء أدائه مهام عمله، وطفل لا يتجاوز عمره العشر سنوات هو مينا عادل، ولا تُجيش لهما صولات وجولات السادة ممارسى السياسة فى غرف الأحزاب وعلى شاشات القنوات ومقالات وبرامج النخبة، فلا خير فيكم ولا فى جيوشكم المتحيزة لأفكاركم لا للبشر الذين تجيدون استخدام دمائهم والمتاجرة بها والشىء لزوم الشىء.
■ وحينما يكون بيننا من لا يدرك حجم رياح التغيير حولنا ويصر على تغييب الوعى لدى شباب تقوده الحماسة تارة والمصالح تارة أخرى والفراغ تارات كثيرة، فيدفعه لمواجهة الدولة وتحديها لإثبات وجوده بينما السفينة تصارع أمواجاً عاتية، وكل ما يعنيه هو الانتشار عبر مؤتمر صحفى يشجب ويستنكر فيه أو إشعال النار تحت الرماد عله يخرج منها بغنيمة، فالعن الضلال والمضللين والمتاجرين بوطن ودين واطلب من الله ضميراً يقظاً يرحمنا.
■ وحينما يخرج علينا مدير المتحف المصرى نافياً كل أخبار الإساءة لواحدة من أهم القطع الأثرية فى العالم، ثم يخرج علينا وزير السياحة ليؤكد الخبر بعد كل الضجة المثارة علينا، دون معاقبة من أخطأ أو محاسبة من كذب أو إعلان قواعد ترميم الآثار حتى لا تتكرر الواقعة ويطلب بجبروت مساعدة العالم الذى كذبه مدير المتحف فيما قال عنا، فاعلم أننا فى زمن المسخ الذى جعل من هؤلاء مسئولين فى دولة علمت العالم كيف تؤسس الدول. واعلم أنه لن ينصلح لنا حال إلا بتطبيق قانون يجعل من هؤلاء عبرة، واختيار رجال بما تعنيه الكلمة.
■ وحينما يصمت الجميع على تسريبات تافهة لا خير فيها ولا معنى من قلب قصر الرئاسة، فاستشعر الخوف على بلادك. لا من مضمون تلك التسريبات التى لا تعنينى، ولكن مما تحملها من رسائل تدق ناقوس الخطر. وتساءل هل ما سُرب يعنى وجود اختراق لمؤسسات الدولة؟ أم تصارع بين مؤسسات الدولة؟ أم إيذاناً بنهاية أشخاص على خشبة مسرح الدولة؟ أسئلة موجعة تدق مسامير الشك فى النفوس وتبعث على القلق فى وقت لا نمتلك فيه رفاهية النميمة والاستمتاع بفضول كشف ما فى التسريبات.
■ وحينما تسمع خبر متابعة رئيس الوزراء ما يحدث فى محافظات مصر كلها من إرهاب الإخوان يوم 25 يناير، فتساءل وماذا فعلنا غير المتابعة منذ ما يقرب من عام ونصف للقضاء على هذا الإرهاب غير مواجهة الأمن؟ أين رؤية التعليم وهوية الثقافة ورقى الإعلام، الذى يتجاوز بالطبع مصالحة وائل الإبراشى وإعادته لبرنامجه؟ حينما تسمع هذا الخبر فاعلم أننا مازلنا ندور فى دائرة مفرغة يبرع فيها المسئول فى إعلان «كله تمام يا فندم»!
■ وحينما ترى التصارع فى بلادى على تورتة الوطن المعلن عن مجيئها ببعض من صبر وعمل وضمير، ولكنها لم تصل بعد! فاعلم أن طمعك فى بعض من عقل بات شيئاً من سابع المستحيلات، ولكن لا تفقد أملاً فى وطن فجر المعجزات على طول التاريخ، ولا بشر ليس لهم من طموحات سوى أن يديم ستر العيش فى هذا الوطن.