نعم هم يعتمدون على نظرية أننا لا نقرأ وإن قرأنا لا نستوعب وإن استوعبنا لا نفعل.. وأضف فوق كل هذا أننا طيبون وننسى الأحداث والوقائع بمرور الوقت لأن آفة حارتنا النسيان. ولكن ها نحن نذكر ونكرر لنظل ذاكرين مذكرين لعلنا ننفع.
وذكرى اليوم يا سادة عبارة عن مقارنة بسيطة بين العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابى المتأسلم -صناعة الغرب والأمريكان- وبين العمليات العسكرية التى قادها الغرب والأمريكان ذات أنفسهم ضد العراق بعد غزوه للكويت فيما عُرف بحرب الخليج الثانية -لدينا- وباسم عاصفة الصحراء -لديهم- عام 1991. لندرك ماذا فعلوا فى الماضى وماذا يفعلون الآن. وكيف أن كلا الحربين كانت بإخراج غربى وصناعة وتمويل عربى كالمعتاد. ودعونا نُذكر.
صدق صدام حسين فخ الغرب بحقه فى بترول الكويت وأراضيها، وصدق الغرب حينما أكدوا أنهم لن يتدخلوا فى شأن عربى داخلى. فغزا الكويت، وما زلت أذكر النداءات المصرية لصدام بالانسحاب الفورى حفاظاً على العراق، ولكنه كالعادة صدق الغرب الصديق! الذى شرع لتحرير الشعب الكويتى بماله وأموال الخليج ورجال مصر. بدأت العملية العسكرية يا سادة يوم 17 يناير واستمرت حتى 28 فبراير عام 1991 شنت فيها طائرات التحالف ما بين 800 و1000 غارة جوية فى اليوم، وفقاً لتقرير سابق لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى. أى أن التحالف شن على مدار 41 يوماً ما يقرب من 41 ألف غارة جوية للقضاء على صدام وجيشه وإجباره على الانسحاب ووضع قدم أمريكا وتثبيتها فى الخليج، وتجربة أسلحة لم نسمع بها من قبل، وتحقيق استفادة للخزانة الأمريكية. والشىء لزوم الشىء.
ولكن اختلف الوضع مع «داعش» تلك الصنيعة الأمريكية بأيادٍ عربية، التى قال الأمريكان إن الحرب ضدها قد تستغرق ثلاث سنوات، التى استقال بسببها تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكى السابق لأنه أعلن أن الحرب ضدها بلا أى استراتيجية، التى ضم أوباما فى تحالفه لحربها 40 دولة من شدة خطورتها. نعم اختلف الوضع مع كل هذه التقديرات حتى إنه ومنذ أن أصدر أوباما قرار بدء العمليات العسكرية ضد التنظيم فى 7 أغسطس 2014 وحتى الآن -أى على مدار ستة أشهر، أى على مدى نصف عام- لم ينفذ التحالف أكثر من 5 آلاف غارة جوية مستخدماً نحو 4 آلاف سلاح، فضلاً عن 1700 مهمة استخبارات ومراقبة واستطلاع جوية وأكثر من 22 ألف رحلة جوية لإعادة التموين وما يزيد على 1300 عملية نقل جوى لتسليم نحو 6000 طن من المساعدات الإنسانية والعسكرية. وكله على حساب صاحب الخليج ممول الموضوع من البداية للنهاية!
يا الله.. لن ألوم على أمريكا وغربها ما يفعلون بنا، فالحق واللوم والعتب على ما نفعله بأنفسنا. ماذا لو أنفقنا أموالنا تلك المهدرة فى حروب ننساق لها وفقاً لرؤية المحرك الصهيونى، على التعليم والصحة فى بلادنا؟ ماذا لو صدقنا أن أمننا الحقيقى يبدأ بالاحتماء بشعوبنا لا بأيادى اللهو الخفى الغربى؟ ماذا لو قررنا زراعة كل المنطقة العربية وإنشاء المصانع لنأكل صناعة يدنا؟ لماذا نتركهم يحركوننا كدُمى بالريموت فى لعبة حرب سخيفة يجددونها وقتما شاءوا لتبقى النتيجة دوماً «صفر» لصالحنا؟