من مهندس كهرباء إلى "ترزي": لو الحكومة مش هتوفرلي ورشة "يسيبوني مكاني"
كوخ من البوص واقفا في مكانه لا يهز مع الريح، اتخذ من قمم الجبال مستقرًا له، لم يعِ ياسر فاروق ذي الـ10 سنوات، حينما رأى أبيه يقتاده ليكون مسكن الأسرة الجديد في الدويقة، لكنه آمن بأن تلك المنطقة بداية مرحلة الجديدة بدخوله الإعدادية، وأن تجديدها وتطويرها واجب للمعيشة.
حارة أحمد حافظ متفرعة من منطقة الرزاز بمنشأة ناصر.. العنوان الذي كبر عليه "ياسر"، منذ أن هجرت أسرته أسيوط، حتى تتدرج في مراحل التعليم ليحصل على بكالريوس تعليم صناعي تخصص تكنولوجيا الكهرباء بتقدير جيد من جامعة حلوان، ويدق قلبه لابنة خالته، التي جاورته مع أسرتها في المسكن الجديد، ويتزوجان وتُكمل دراستها في الهندسة معه.
ظل يتذكر ياسر وأخوته، مدة 4 سنوات التي قضوها في دراستهم على "لمبة الجاز"، حتى ساعدهم مهندس استشاري في حي المنشأة في إدخال الكهرباء، بعد أن حصَّل من كل ساكن 150 جنيهًا لإنهاء الأوراق الروتينية، وجاءهم لمعاينة المكان حتى حصلوا على موافقة بأن السكن ملائم لإدخال الكهرباء به، ومن وقتها يدفعون فواتير الكهرباء والمياه والقمامة حتى وإن نقصت أحد خدماتها.
الشاب العشريني، تخبط داخل أروقة الشركة الخاص التي هضمت حقه ولم يجد من جهدها نفعًا، ولم يواكبه الحظ في الحصول على وظيفة ملائمة لتخصصه، اتجه إلى مشرروعه الخاص بدأ بتوفير مكان من مساحة الشقة التي خصصها له والده للعيش فيها بالطابق الثاني، شطر صالة الشقة التي تصل إلى 50 مترًا نصفين، بفاصل خشبي، متخذًا من النصف الآخر ورشة "ترزي" يُفصِّل فيها ستائر ومفروشات وبعض الملابس وتبيعها والدته في الأسواق.
وبصوت تخلله الخوف على مستقبله تحدث ياسر لـ"الوطن"، أنه عند إنذار محافظة القاهرة لهم بإخلاء المنطقة لأنها غير صالحة للمعيشة، على أن يعطوهم شقق لا تبلغ مساحتها الـ40 مترًا في منطقة 6 أكتوبر، أشار لهم بوجود ورشة خياطة يعمل بها وأن المساحة التي سيعطونه إيها غير صالحة، وطالبهم بتوفير أخرى له، وكان الرد "مينفعش نديك شقة وورشة".
"أنا عامل كهربة شقتي لوحدي، عشان تخصصي، وشغال ترزي معترضتش، ولا روحت أدام وزارة ورفعت يافطة لازم اشتغل في الكهرباء".. يرى ياسر أن كل ما فعله مجهود ذاتي بحثًا عن "لقمة عيش" لا توفرها له الحكومة التي تنوي ترحيله، إلى منطقة نائية تحتاج في انتقالتها إلى أموال كثيرة، دون مقابل لهذا العمل.
لم يعترض ياسر على الرحيل طالما ستوفر له الحكومة مساحة مقابلة لشقته وأخرى لورشته الخاصة حتى يستطيع أن يحيا حياة كريمة، يجدون فيها مستشفيات لعلاج أخيه وأبناء أخته، ومدارس وجامعات لاستكمال الأولاد تعليمهم، وإذا لم توفر الحكومة ذلك، وجه لهم ياسر رسالة:"سيبوني مكاني".