الصيادون: الشبك عاد للبحر تاني.. و«بساط كريم» تعرف معنى الرزق «على أرضنا»
مراكب صيد قدمتها «حياة كريمة» للصيادين زادت من أرزاقهم
عشرات المراكب الجديدة يحوى كل منها أدوات صيد متطورة بما فيها من شباك جديدة، تحملها المياه يميناً ويساراً، انطلقت جميعاً من شاطئ البحر فى الكثير من القرى المطلة على نهر النيل بمحافظات مختلفة فى أنحاء الجمهورية، بداخل كل منها عجوز حفظ أسرار البحر أو شاب نشأ على مهنة الصيد.
مراكب جديدة مجهزة بالكامل: محرك كهربائى وأدوات صيد ومبردات لحفظ السمك
مراكب الصيد التى تسلمها الصيادون من مؤسسة «صناع الخير» تحت مظلة المبادرة الرئاسية حياة كريمة، مثلت باب رزق جديداً فُتح لهم ليُنهى سنوات طوالاً من معاناة الصيد بمراكب متهالكة وتراكم الديون.
قرية بساط كريم الدين، التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية، هى المحطة الأخيرة التى وصلت إليها مراكب النجاة بجانب محافظات «البحيرة، والفيوم، والغربية، والمنوفية، والقليوبية، والشرقية، وكفر الشيخ، وبنى سويف، والمنيا، وأسيوط، والأقصر، وقنا، وسوهاج».
من شاطئ قريته بساط كريم الدين، انطلق العجوز الستينى «زهران وهبة» برفقة أحد أحفاده على متن مركبه الجديد الذى تسلمه من مبادرة «حياة كريمة».. دقات قلبه تتلاحق من الفرحة، فهو الآن يمتلك مركباً خاصاً به بعد سنوات طويلة قضاها فى العمل باليومية على مراكب متهالكة: «بعد العمر ده كله أخيراً بقى عندى مركب باسمى، خاص بيّا ومش هاشتغل باليومية عند واحد من الصيادين»، يقول الصياد الستينى فى بداية حديثه لـ«الوطن».
64 عاماً، العمر الذى قضاه العجوز «زهران» فى عرض البحر صياداً: «عمرى كله ضاع فى الشغل على مراكب الصيادين الكبار باليومية لا بتكفى نسدد جمعياتنا ولا نأكل ولادنا»، يروى بلهجته الساحلية معاناته السابقة قبل أن يصل قطار مبادرة حياة كريمة إلى محطتهم.
«زهران»: «عمرى ضاع فى الشغل باليومية ومحدش راح يقاسمنى فى رزقى»
قبل عدة أشهر، قادت الصدفة الصياد العجوز «زهران» للاستفادة من المبادرة والحصول على مركب صيد جديد فتقدم لتسجيل بياناته، أملاً فى الفوز بمركب جديد: «قالوا لى هنعمل بحث اجتماعى واللى يستحق هياخد مركب». وأضاف: «كلمونى وقالوا لى بكرة الوزيرة جاية القرية عندنا وهتسلم 30 صياد مراكب جديدة».. وكانت فرحة الصياد لا توُصف: «المركب هترحمنى من شغل اليومية ورزقى محدش هيقاسمنى فيه».
حال «زهران» لم يختلف كثيراً عن فرحة «سنبل» عندما صافح السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وقتها، لحظة تسلمه وثيقة المركب الجديد.. «سُنبل» يعمل فى البحر منذ طفولته، أب لثلاثة أطفال يسد أفواههم كل يوم بأجرة اليومية فى أحد مراكب الصيد، وحسب حديثه لـ«الوطن»: «أوقات ماكنتش آخد اليومية لو الرزق قليل من السمك، وكان أملى أشترى مركب جديد بس هاجيب منين الفلوس؟!»، يحكى بلهجته الساحلية معاناته السابقة.
وعن استفادته من المبادرة يوضح: «قُلت أجرب يمكن نصيبى ييجى فى المراكب، ربنا عالم بحالى أنا وولادى». وبالفعل وقع الاختيار على «سنبل» ضمن الصيادين المستحقين للمراكب: «ماصدقتش نفسى لما كلمونى، قالوا لى تعالى بكرة تستلم المركب»، جاءت المراكب الجديدة لصيادى قرية بساط كريم الدين مزودة بمحرك كهربائى حديث.. «بقالى 25 سنة شغال فى الصيد وصحتنا بتروح على المجداف الخشب، وشغل اليومية مش بيفتح بيت»، يقول إبراهيم كمال، أحد الحاصلين على مركب صيد لـ«الوطن».
صغار الصيادين بقرية العزيزة المطلة على بحيرة المنزلة بمحافظة الدقهلية، أيضاً، كان لهم نصيب من مراكب الصيد الحديثة، ومعدات صيد كاملة، من بينهم الصياد إسماعيل حسن، الذى بدأ حديثه بقوله: «من 20 سنة وأنا شغال فى البحر الفترة الأخيرة تعبنا لأن المراكب هلكت والرزق عليها بقى قليل».
جاءت مبادرة حياة كريمة بالخير إلى الصياد الخمسينى وغيره من صيادى المنزلة، وحسب تعبيره أصبح له مصدر دخل خاص به والمراكب الجديدة ساعدتهم على التجول فى عرض البحر لمسافات أبعد بحثاً عن الأسماك، «دلوقتى نقدر نروح لأماكن بعيدة من غير تعب ولا شقا».
من الدقهلية إلى قرية سمطا بحرى التابعة لمركز دشنا بمحافظة قنا، عبّر الصياد الخمسينى «على عبدالله» عن فرحته بامتلاكه مركب صيد جديداً ومجهزاً بأدوات الصيد، وبلهجة صعيدية يتحدث إلى «الوطن»: «المراكب القديمة لا كانت بتساعدنا نجيب رزقنا ولا عارفين نشترى جديد».
مرت أشهر قليلة وظهر أثر المراكب الجديدة على حياة الصيادين، وحسب وصف الصياد القناوى: «مكسبنا اليومى زاد، بقينا نصيد أكتر ونبيع ونكسب». قبل تسلم المراكب عانوا من العمل على المراكب المتهالكة التى تعرّضهم للخطر، ويضيف بلهجته الصعيدية: «لا كنت باكفى مصاريف عيالى ولا مصاريف العلاج لأبويا وأمى».